بين قتل البنات و"شموع حانوكا"

02 يناير 2020
خرجت تظاهرات بأمستردام تدافع عن مقاطعة إسرائيل (Getty)
+ الخط -
خرجت سيدة مسنّة محتقنة الوجه إلى البهو أثناء عرض مسرحية بالإسبانية في ليما، تُجسد مأساة قتل جيش الاحتلال لأربع فتيات فلسطينيات بقذائف دبابة متمركزة أمام منزلهن في مخيم جباليا بقطاع غزة في العام 2009. هن 3 من بنات الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش وابنة أخيه.

تظن أنها عجوز فلسطينية مهاجرة، قبل أن تقول، وهي منشغلة بهاتفها، "كيف يمكنه تحمّل كل هذا؟ لو كنّ بناتي لانفجرت بوجه كل إسرائيل، هذا ليس عدلاً". عرّفت نفسها، يهودية-إسبانية، ممن تركن "كذبة وطن اليهود" مهاجرة إلى القارة اللاتينية، ومثلها فعل آخرون، رفضوا أكذوبة الحركة الصهيونية لما يسمى "حق إسرائيل بالوجود، بنفي وجود شعب آخر، وارتكاب مذابح بحقه ورميه بتهمة الإرهاب، وهذا الطبيب (أبو العيش) مجرد مثال على الوجه الآخر للقصة الصهيونية منذ بدايتها"، تقول السيدة.

كصحافي، وأمام مأساة يُشكّل كل تفصيل فيها مأساة أكبر، تخنقك مفردة الحيادية. فكثيراً ما سمعت مثل كلام السيدة من نساء كبيرات السن لم تُروَ حكاياتهن بعد، مثل "نساء (متشحات) بالأسود" في أمستردام، وهنّ يرفعن علم فلسطين في 2018 مدافعات عن مقاطعة إسرائيل ووصفها بالأبرتهايد، مشبهين الاحتلال الإسرائيلي بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقاً، وخصوصا الثمانينية "ليلى"، التي رفضت منذ البداية أن تكون "إسرائيلية"، وتحويلها إلى رقم آخر في "كيان قام على مذابح معروفة وبعضها يكتشف حديثاً".

خطرت على بالي عجوز ليما بدموعها وتمتمة "فعلوها سابقاً وعاملوا من ذبحوهم في 1948 مثل بنات أبو العيش". فتقتحمك مطالعات مذابح النكبة، وتغريم "محاكم" الاحتلال المجرمين بضعة أغورات (قروش) كفعل اختصر كل تاريخ الدموية الصهيونية بحق العرب. وغصباً تحضر مقاربة صورة "عرب" يسخرون من ضحايا فلسطين، ومسلمون مثلهم، كذاك الذي يشعل شموعاً في عاصمة "بلاد الحرمين"، الرياض، مع صديقه الإسرائيلي، احتفالاً بخرافة "تكريس الهيكل"، بينما لم تغب صور اختفاء رجال ونساء خلف القضبان عبّروا عن مساندتهم للمقاومة الفلسطينية. ثمة فارق بين اختزال قضية فلسطين لدى كثيرين حول العالم، لمبادئ القيمة الإنسانية وطلب العدالة والحرية، وبين كل هذا التلويث والترويض للعقول في دنيا العرب، والاستخفاف بمقاصد "المصالح السياسية" إلى حد التسامح مع كيان قام على جرائم يندى لها جبين البشرية.