نظمت "مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان- الناصرة"، مساء الأحد، مؤتمراً بعنوان "العنصرية نهج دولة"، ألقت الضوء من خلاله على تجليات العنصرية ضد العرب في الداخل الفلسطيني، لا سيما على مستوى العنصرية المؤسساتية الإسرائيلية. ومن بين تلك التجليات الملاحقات السياسية للقيادات العربية في الداخل الفلسطيني، التي شارك عدد منها في المؤتمر.
وتحدث الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني عن الملاحقات التي تعرض لها في الداخل الخارج، وعن أنواعها وأهدافها وما يقف وراءها.
وقال في حديث لـ "العربي الجديد"، على هامش المؤتمر: "تعرضت لملاحقات في الداخل الفلسطيني وملاحقات في القدس والمسجد الأقصى وأخرى كانت تهدف إلى اعتقالي، ومحاولات هدفت إلى اغتيالي، كما حدث في أسطول الحرية. وتحتاج كل هذه الملاحقات العنصرية التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية ضد القيادات في الداخل، بأصنافها وأهدافها إلى طريقة تمكننا من الوقوف بوجهها".
وأضاف "في تصوري كل شخص فينا ضعيف، وكل حركة سياسية بيننا ضعيفة، ما لم نتوحد في إطار لجنة متابعة قوية، وحتى تكون لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية أقوى ما يمكن، يجب أن تكون منتخبة انتخاباً مباشراً من جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، عند ذلك ستكون لها شخصيتها الاعتبارية المحلية والدولية، وستكون لجنة المتابعة، لكل عضو فينا، مصدر قوته وشخصيته وبمثابة الحصانة التي تجعل المؤسسة الإسرائيلية تفكر ألف مرة قبل أن تعتدي علينا أو على جماهيرنا ومؤسساتنا أو أي مظهر من مظاهر حياتنا".
واختتم صلاح قائلا:"في تصوري الملاحقات تهدف إلى ردعنا، وتجريم كل من يناصر القدس والمسجد الأقصى، وتجريم عملنا الأهلي، لذلك عاقبتنا المؤسسة الإسرائيلية نتيجة تواصلنا مع مؤسسات في الخارج، فأغلقت مؤسسات كثيرة لنا وأخرى في الخارج لهذا السبب"، معتبراً أن "هذه التدابير تهدف إلى نزع الشرعية عنّا، وكان هذا واضحاً في ملفي الشخصي حين عشت 10 أشهر في لندن، وكان خطاب الأبواق الصهيونية هناك يقول، سننزع الشرعية عن كل من يحاول نزع الشرعية عنا. هكذا تعاملوا معي. هذه هي الأهداف التي تحركهم، ويجب أن نعيها وأن نصمد في موقفنا وأن نتحداهم باللغة الشرعية الواضحة".
من جانبه، قال عوض عبد الفتاح، الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" في حديث لـ "العربي الجديد":" جئنا لنتحدث ونتداول في منظومة القهر والسيطرة التي تعتمدها إسرائيل منذ عام 1948 حتى اليوم ضدنا، ومحاولتها العودة إلى الفترة السابقة التي اندثرت بفضل نضال الجماهير العربية. الآن تحاول إسرائيل العودة إلى نظام التخويف والردع والإرهاب لقمع النشاط السياسي وقمع الهوية العربية الوطنية لفلسطينيي الداخل، وبث الرعب في نفوس المناضلين والجيل الشاب خصوصاً. نحن نعمل على إيجاد أفضل السبل لمجابهة العودة إلى أساليب القمع والترهيب القديمة، وسنطور وسائل نضالنا ونواجه ذلك بقوة".
وأردف عبد الفتاح "النظام الاستعماري يسرق الأرض ويحاول السيطرة على الإنسان، ولكن لا يمكنه السيطرة على الإنسان إلى ما لا نهاية، ولذلك يعمل من أجل تفريغ الإنسان من هويته ومضمونه وتحييد الناس عن المقاومة ليتمكن من المضي في مشروعه، لكن المجتمع الفلسطيني أصبح أكثر وعياً وقوة وشجاعة وتنظيماً، لذلك نحاول تأطير كل هذا التطور على مستوى الوعي والتنظيم ليصبح أكثر قدرة وكفاءة على تحييد تأثير التخويف والرعب الذي يحاول المحتل بثه في نفوس الناس".
أما الباحث الأكاديمي عامر الهزيل، فتحدث عن "التخطيط الإسرائيلي وانعكاسه على الواقع العربي في النقب". وقال في حديث لـ "العربي لجديد"، إن "المخططات الإسرائيلية تهدف إلى تطبيق استراتيجية أكبر عدد من العرب على أصغر مساحة من الأرض بالنقب، وبالمقابل أقل عدد من اليهود على أوسع مساحة ممكنة".
وأضاف "الأزمة تشتد والهجمة تتصاعد وتصبح أكثر شراسة يوما بعد يوم. في العام 2014 لوحده تم هدم 1150 بيتاً في النقب، منها 100 منزل اضطر ساكنوها لهدمها بأيديهم، لأن المؤسسة الإسرائيلية لا تكتفي بالهدم، وإنما تحمّل الناس تكاليف الهدم أيضا، لذلك البعض يفضلون هدم بيوتهم بأيديهم".
وأشار الهزيل إلى أن "المخططات التي حذرتُ منها كمختص في أواخر التسعينات من القرن الماضي بدأت إسرائيل تطبقها على الأرض اليوم، مثل مستوطنات كان مخططا لها للزراعة، واليوم هناك خطوات عملية لإقامتها، ومنها كسيف التي أقرت نهائياً لتكون بجانب قرية كسيفة العربية، ومستوطنة حيران التي أقرت إسرائيل ومحاكمها إقامتها مكان قرية أم الحيران العربية التي استلم أهلها أوامر هدم وإخلاء وغيرها".
من جانبه، تحدث المحاضر في جامعة القدس ضرغام سيف، عن "القوانين العنصرية من منظور القانون المقارن". وقال سيف في حديث لـ "العربي الجديد" عن رسالته:" أحاول من خلال بحثي مقارنة القوانين العنصرية المتّبعة في إسرائيل مع قوانين في دول أخرى في العالم، للتعامل معها من منظور دستوري قانوني، وكذلك كتجربة سياسية، ولكي نتعلم من تعامل شعوب أخرى ومجابهتها لقوانين مشابهة".
وأضاف "عندما نقارن قوانين عنصرية إسرائيلية مع ما كان سائداً من قوانين في حقبة الأبرتهايد في جنوب إفريقيا، أو في فترة القوانين العنصرية في أميركا والفصل بين البيض والسود، فهذا يحرج هذه الدولة. من جانب آخر يمكن أن نتعلم من تجارب هذه الأقليات والشعوب في هذه الدول، واستثمار طرق تعاملها مع القوانين لدحضها، إما عن طريق التغيير من خلال الأنظمة الموجودة أو من خلال استغلال القانون الدولي لمجابهتها".
وأشار إلى أن "هناك العشرات من القوانين العنصرية التي سنتها إسرائيل منذ قيامها، سواء على مستوى قضايا الأرض أو القضايا الديمغرافية والأمنية وغيرها، ما يؤدي إلى تمييز من منطلقات إثنية -عرقية ضد الفلسطينيين".
اقرأ أيضاً:فلسطينيو الداخل.. مقاومة "الأبرتهايد" من وادي الصليب