"هذه المساحة مراقبة بكاميرات رصد من أجل سلامتكَ وأمنكَ". هذا صحيح، سلامتكَ أنتَ وأمنكَ أنتَ. أنتَ شخصياً المقصود بهذا التحذير. لا بدّ من الحرص عليكَ، فأنتَ الزبون... و"الزبون ملك".
لا يظننّ أحد أنّ التحذير وُضِعَ في الباحة الخارجيّة لأحد الفنادق الجبليّة - بما أنّنا دخلنا موسم الصيف - ولا في الردهة الكبيرة لأحد المنتجعات السياحيّة على الشاطئ اللبنانيّ. وهو ليس في الباحة الخارجيّة لإحدى المدارس أو الجامعات ولا في قاعة انتظار إحدى دور السينما ولا في بهو أحد المستشفيات. يُذكر أنّ طالب العلم زبون وكذلك هو المريض. وقد اقتضى التوضيح على خلفيّة الإشارة إلى أنّ "الزبون ملك". لن نطيل أكثر، التحذير الذي يأتي باللغة الإنكليزيّة وُضِعَ في محلّ للألبسة بمركز تجاريّ كبير. ونقول إنّ تلك المراكز التجاريّة مزوّدة كلّها بكاميرات مراقبة، سائلين: ما الجديد في الأمر؟
الجديد - إذا صحّ التوصيف - هو أنّ التحذير وُضِعَ في غرفة قياس الملابس في ذلك المحلّ، لا بل في الغرف الأربع المخصّصة لقياس الملابس. هذا صحيح. تلك الغرف كلّها مراقبة بكاميرات رصد. ليس في الأمر انتهاك لكَ، بل حرص على سلامتكَ وأمنكَ. لا تمتعض! تلك الكاميرا - أو الكاميرات - لم تُنصَب بهدف التلصّص. لو كانت كذلك، لما وُضِعَ التحذير في الأساس. لا تقلق! عندما تخلع قميصكَ لقياس آخر، فإنّ تعتيماً تلقائياً سوف يحدث في عدسة الكاميرا. بالتالي، لن تُسجّل لقطات غير محتشمة. الكاميرا تستشعر الأفعال التي تنوي - أنتَ - الإتيان بها. ليس عليكَ سوى البقاء هادئاً، حتى لا تلتقطَ إشارات مغلوطة. إنّه عصر التكنولوجيا الحديثة، والتحكّم في كلّ تفصيل صار أمراً في متناول اليد. هذا ما يريدون لكَ أن تظنّه. في الواقع، تلك الكاميرات ليست "ذكيّة". لو أنّها كذلك، لكان القيّمون على المحلّ أبلغوا الزبائن بالأمر مثلما أبلغوهم بوجودها. هم يعتمدون الصراحة في علاقتهم بالزبون. ونرغب في تصديق ذلك!
اقــرأ أيضاً
من جهة أخرى، فإنّه لا داعي لإثارة بلبلة. التحذير وُضِعَ في محلّ ألبسة خاص بالرجال، لا النساء. بالتالي، لا يستحقّ الأمر كلّ ذلك التهويل. ويصحّ القول "عذر أقبح من ذنب". القبيح بحقّ هو استسهال انتهاك خصوصيّة الواحد منّا - أيّ واحد منّا - وحرمته، سواءً أكان امرأة أم رجلاً. القبيح بحقّ هو استثمار التكنولوجيا الحديثة لارتكاب فعل الانتهاك. كلّ واحد منّا، لا شكّ في أنّه وقع ضحيّة لانتهاك أو آخر. ليست الكاميرات المنصوبة في ذلك المحلّ وحيدة في إتيان ذلك الانتهاك. كثيرون من الذين يتولّون مسؤوليّة أو أخرى، يمعنون في استغلال نفوذهم لارتكاب انتهاك تلو الآخر، مستندين بذلك إلى تلك التكنولوجيا الحديثة ووسائلها. ويبدو أنّ الارتياب صار واجباً اليوم.
لا يظننّ أحد أنّ التحذير وُضِعَ في الباحة الخارجيّة لأحد الفنادق الجبليّة - بما أنّنا دخلنا موسم الصيف - ولا في الردهة الكبيرة لأحد المنتجعات السياحيّة على الشاطئ اللبنانيّ. وهو ليس في الباحة الخارجيّة لإحدى المدارس أو الجامعات ولا في قاعة انتظار إحدى دور السينما ولا في بهو أحد المستشفيات. يُذكر أنّ طالب العلم زبون وكذلك هو المريض. وقد اقتضى التوضيح على خلفيّة الإشارة إلى أنّ "الزبون ملك". لن نطيل أكثر، التحذير الذي يأتي باللغة الإنكليزيّة وُضِعَ في محلّ للألبسة بمركز تجاريّ كبير. ونقول إنّ تلك المراكز التجاريّة مزوّدة كلّها بكاميرات مراقبة، سائلين: ما الجديد في الأمر؟
الجديد - إذا صحّ التوصيف - هو أنّ التحذير وُضِعَ في غرفة قياس الملابس في ذلك المحلّ، لا بل في الغرف الأربع المخصّصة لقياس الملابس. هذا صحيح. تلك الغرف كلّها مراقبة بكاميرات رصد. ليس في الأمر انتهاك لكَ، بل حرص على سلامتكَ وأمنكَ. لا تمتعض! تلك الكاميرا - أو الكاميرات - لم تُنصَب بهدف التلصّص. لو كانت كذلك، لما وُضِعَ التحذير في الأساس. لا تقلق! عندما تخلع قميصكَ لقياس آخر، فإنّ تعتيماً تلقائياً سوف يحدث في عدسة الكاميرا. بالتالي، لن تُسجّل لقطات غير محتشمة. الكاميرا تستشعر الأفعال التي تنوي - أنتَ - الإتيان بها. ليس عليكَ سوى البقاء هادئاً، حتى لا تلتقطَ إشارات مغلوطة. إنّه عصر التكنولوجيا الحديثة، والتحكّم في كلّ تفصيل صار أمراً في متناول اليد. هذا ما يريدون لكَ أن تظنّه. في الواقع، تلك الكاميرات ليست "ذكيّة". لو أنّها كذلك، لكان القيّمون على المحلّ أبلغوا الزبائن بالأمر مثلما أبلغوهم بوجودها. هم يعتمدون الصراحة في علاقتهم بالزبون. ونرغب في تصديق ذلك!
من جهة أخرى، فإنّه لا داعي لإثارة بلبلة. التحذير وُضِعَ في محلّ ألبسة خاص بالرجال، لا النساء. بالتالي، لا يستحقّ الأمر كلّ ذلك التهويل. ويصحّ القول "عذر أقبح من ذنب". القبيح بحقّ هو استسهال انتهاك خصوصيّة الواحد منّا - أيّ واحد منّا - وحرمته، سواءً أكان امرأة أم رجلاً. القبيح بحقّ هو استثمار التكنولوجيا الحديثة لارتكاب فعل الانتهاك. كلّ واحد منّا، لا شكّ في أنّه وقع ضحيّة لانتهاك أو آخر. ليست الكاميرات المنصوبة في ذلك المحلّ وحيدة في إتيان ذلك الانتهاك. كثيرون من الذين يتولّون مسؤوليّة أو أخرى، يمعنون في استغلال نفوذهم لارتكاب انتهاك تلو الآخر، مستندين بذلك إلى تلك التكنولوجيا الحديثة ووسائلها. ويبدو أنّ الارتياب صار واجباً اليوم.