تحسّسوا حرياتكم

31 أكتوبر 2016
عُرف عون بشتمه للصحافيين (حسين بيضون)
+ الخط -
سعى ميشال عون جاهداً، منذ حلّ الاستسلام في صفوف أركان 14 آذار في لبنان، ورشحوه بحجة "المهم أن يصبح هناك رئيس"، أن يوحي بأنه يمكنه أن يبدّل جلده فعلاً، وأن يتخلص من الهستيريا الدائمة التي تتملكه. سعى جاهداً، وإن بصعوبة، لزرع ابتسامة بالتي هي أحسن على محياه، وإلى عدم شتم الصحافيين، والتخلي عن صفة الغاضب الأبدي، ليطالب، عشية تعيينه (لا انتخابه فعلياً) بألا تتم محاسبته "على النوايا"، وأن ينتظر معارضوه سلوكه وهو رئيس قبل أن يحكموا على أدائه. حصل ذلك في دارة سعد الحريري خلال تسمية الأخير لعون مرشحاً. لكن حتى عندما أراد عون التهدئة والطلب بألا نحاسبه على النوايا، بحسب تعبيره، ظلّ وفياً لشخصيته، فصدر الطلب بصفة تهديد، عندما ادّعى بكلامه الشعبوي المعتاد بأنه "في كل بلدان العالم، المحاسبة على النوايا ممنوعة"َ!

أحد ما أخبر عون بأن المحاسبة على النوايا محظورة في الديمقراطيات، وهذا غير صحيح طبعاً، إلا في مدرسة "الديمقراطيات الشعبية" التي تستلهم قوانينها من كوريا الشمالية، أنظمةٌ حليفة لعون، كسورية ــ الأسد مثلاً، على ما أخبرنا وثائقي عمر أميرالاي "طوفان في بلاد البعث". وما فات عون قوله، تنطّحت به وزيرة لبنانية تُدعى أليس شبطيني، وللمفارقة هي قاضية سابقة اسمها ارتبط بتبرئة عملاء لإسرائيل أو بالتخفيف من الأحكام بحقهم، فأتحفتنا، قبل يومين، رغم أنها ليست من تيار عون العائلي، أنها "لا تسمح بانتقاد رئيس الجمهورية نهائياً"، وذلك في ردّها على سؤال حول كيفية تعاطيها مع عون كرئيس. هكذا يكون القضاة أو بلاش في بلاد صار مرشحو حزب الله وإيران وبشار الأسد رؤساء وحكاماً بأصوات مَن كان يعرّف نفسه بأنه سياديّ يرتبط سبب وجوده بطرح مشروع بديل عن سلاح المليشيات والوصاية السورية وحزب إيران في لبنان.
ربما كان لتعيين عون (ليس انتخاباً مجدداً) رئيساً للجمهورية، حسنتان اثنتان يتيمتان: أولاً أنّ نسب البطالة لن ترتفع في هذا البلد، لأن الشباب المهاجرين لن يعودوا إلى وطنهم طبعاً، ثمّ أن أعداد الطلاب الجامعيين الذين كانوا يفكرون بدراسة الإعلام، سينخفض، على الأقل حتى ست سنوات مقبلة هي ولاية عون الرئاسية، لأنّ قلة تصدق فعلاً أن الجنرال لن يكون سوى عون الذي يعرفونه، عسكري حقيقي يكره الصحافة والانتقاد والتعبير عموماً، باستثناء صحافة آخر زمن طبعاً، تلك التي تخرج بمادة صحافية عنوانها من نوع: "ميشال عون أعظم شخص في العالم".
المساهمون