كشفت عملية "فرات شاه"، التي نفّذها الجيش التركي داخل الأراضي السورية عن تغيرات جوهرية على مستوى السياسة الداخلية والخارجية لتركيا.
فقد خرج الجيش التركي، أخيراً، عن صمته، وردّ على الانتقادات الشديدة التي وجهتها المعارضة التركية له عن عملية "فرات شاه" في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وتمكّن خلالها من نقل ضريح سليمان شاه وجنديين عثمانيين مدفونيين إلى جواره، إضافة إلى فك الحصار عن نحو أربعين جندياً من القوات الخاصة، كانوا مكلّفين حماية الضريح، الذي يعتبر الجزء الوحيد من الأراضي التركية خارج حدود الجمهورية.
وكان زعيم حزب الحركة "القومية"، دولت بهجلي، قد وجه انتقادات شديدة لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الجنرال نجدت أوزال، متهماً إياه بالتخلي عن جزء من الأراضي التركية داخل سورية.
وتساءل بهجلي في اجتماع كتلة حزبه البرلمانية عن ولاء أوزال للوطن، قائلاً "سيد أوزال باشا، ما هو تعريف الوطن بالنسبة لك، هل فاتك بعض الدروس، عندما كنت تتلقى محاضرات حول الوطن في الأكاديمية العسكرية". ونالت انتقادات بهجلي من الحكومة أيضاً. ووصف عملية "فرات شاه" بالجبانة، قائلًا "لم تهرب تركيا من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)؟" مشيراً إلى أنّ القوات التركية لم تنسحب من أي رقعة من التراب التركي منذ عام 1922، أي بعد الحرب العالمية الأولى.
لم ينتظر أوزال كثيراً حتى أصدر مكتبه بياناً أدان فيه تصريحات بهجلي، قائلاً "كرجل خدم الشعب التركي وجيشه لأكثر من 46 عاماً، فإنه ليس من حق بهجلي التساؤل عن ولائي لوطني وأمتي وعلمي". وأشار إلى عدم رغبته الدخول في مهاترات مع بهجلي بناء على هويته السياسية.
بدوره، سارع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الدفاع عن أوزال، موجهاً انتقادات شديدة إلى بهجلي، "أنت لا تستطيع الآن أن تكون حتى جزءاً من ظفر رئيس هيئة أركان جيشنا".
تعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها في السياسة التركية، إذ لأوّل مرّة يوجه العلمانيون القوميون الأتراك انتقادات بهذه الشراسة للمؤسسة العسكرية، التي كانوا يعتبرونها، على مدى أكثر من تسعين عاماً من تأسيس الجمهورية، مؤسسة مقدسة لا يمكن المساس بها من قريب أو بعيد.
كما أنّها المرة الأولى التي يدافع الإسلاميون عن هذه المؤسسة بهذه الشراسة، بعدما كانت "وكر الأفاعي"، الذي لطالما قاد الانقلابات العسكرية الشرسة ضدّ الأحزاب الإسلامية كلما وصلت للسلطة.
تشير هذه الحادثة إلى تغيير كبير داخل الدولة العميقة التركية على مستوى المؤسسة العسكرية، التي باتت تفضل عدم الخوض في السياسة بعدما تم استهدافها من النيابة التركية في قضيتي "الإرغنكون" و"المطرقة" واللتين طالتا أكثر من 300 ضابط عسكري بينهم جنرالات كبار، بتهم التخطيط للقيام بانقلابات عسكرية على حكومة حزب "العدالة والتنمية"، قبل أن يمرّر الأخير قراراً في البرلمان يقضي بإلغاء المحاكم الخاصة التي شُكّلت لمحاكمة هؤلاء الضباط.
وقررت المحكمة الدستورية العليا بعدها إخلاء سبيل جميع المتهمين وإعادة محاكمتهم، فيما بدا حينها إعادة ترتيب للأوراق السياسية الداخلية التركية، بشكل قضى بإقامة تحالف بين المؤسسة العسكرية وحزب "العدالة والتنمية" بعد المعركة التي بدأت بين الأخير وحركة "الخدمة" بزعامة الداعية فتح الله غولان.
اقرأ أيضاً (تركيا: هل اخترقت "الخدمة" صفوف حزب أتاتورك؟)
وقام المدّعون العامون ورجال الشرطة الموالون لها بالعمليتين اللتين استهدفتا المؤسسة العسكرية، وساهمتا في إنهاء تسعين عاماً من الوصاية العسكرية على الحكم في تركيا، ليتم اعتقال عدد كبير من رجال الشرطة الذين أداروا العمليتين، أخيراً، في إطار الحملة التي تشنها الحكومة على ما تطلق عليه "الكيان الموازي".
على المستوى الخارجي، بدأت حكومة "العدالة والتنمية" تجني ثمار عملية السلام التي تقودها مع حزب "العمال الكردستاني"، ودعمها قوات "الحماية الشعبية" في المعركة مع "داعش" على المستوى الخارجي.
وعلى الرغم من إنكار الحكومة حدوث أي تعاون بينها وبين قوات "الحماية الشعبية" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، جناح "العمال الكردستاني" في سورية، إلا أن المؤكد هو أن القوات المسلحة التركية دخلت الأراضي السورية من جهة المناطق، التي تسيطر عليها قوات "حماية الشعب" حول مدينة عين العرب بتنسيق مع الأخيرة. فيما بدا ردّاً للجميل التركي بعدما عالجت المشافي التركية أكثر من 523 مقاتلاً لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، ممن أصيبوا خلال المعارك التي دارت مع (داعش) في مدينة عين العرب ومحيطها، من بينهم قيادات عسكرية تابعة للاتحاد الديمقراطي.
وأكد الرجل الثاني في حزب "العمال الكردستاني"، مراد كرايلان، على هذا التنسيق، قائلاً، إن "عملية فرات شاه تمت بالتعاون وموافقة وحدات "حماية الشعب"، في ما يمكن اعتباره بداية لتطوير العلاقات والصداقة بين الطرفين". وأكثر من ذلك، فإن ملكية الأرض التي يقام عليها ضريح سليمان شاه في قرية أشمة الحدودية ضمن الأراضي السورية تعود إلى مواطن كردي سوري يدعى بوزان عثمان، الذي أكد لصحيفة "خبر تورك" اليومية أنه لم يتم إخباره بشيء، وطالب أنقرة بتعويضه.
فقد خرج الجيش التركي، أخيراً، عن صمته، وردّ على الانتقادات الشديدة التي وجهتها المعارضة التركية له عن عملية "فرات شاه" في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وتمكّن خلالها من نقل ضريح سليمان شاه وجنديين عثمانيين مدفونيين إلى جواره، إضافة إلى فك الحصار عن نحو أربعين جندياً من القوات الخاصة، كانوا مكلّفين حماية الضريح، الذي يعتبر الجزء الوحيد من الأراضي التركية خارج حدود الجمهورية.
وكان زعيم حزب الحركة "القومية"، دولت بهجلي، قد وجه انتقادات شديدة لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الجنرال نجدت أوزال، متهماً إياه بالتخلي عن جزء من الأراضي التركية داخل سورية.
وتساءل بهجلي في اجتماع كتلة حزبه البرلمانية عن ولاء أوزال للوطن، قائلاً "سيد أوزال باشا، ما هو تعريف الوطن بالنسبة لك، هل فاتك بعض الدروس، عندما كنت تتلقى محاضرات حول الوطن في الأكاديمية العسكرية". ونالت انتقادات بهجلي من الحكومة أيضاً. ووصف عملية "فرات شاه" بالجبانة، قائلًا "لم تهرب تركيا من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)؟" مشيراً إلى أنّ القوات التركية لم تنسحب من أي رقعة من التراب التركي منذ عام 1922، أي بعد الحرب العالمية الأولى.
لم ينتظر أوزال كثيراً حتى أصدر مكتبه بياناً أدان فيه تصريحات بهجلي، قائلاً "كرجل خدم الشعب التركي وجيشه لأكثر من 46 عاماً، فإنه ليس من حق بهجلي التساؤل عن ولائي لوطني وأمتي وعلمي". وأشار إلى عدم رغبته الدخول في مهاترات مع بهجلي بناء على هويته السياسية.
بدوره، سارع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الدفاع عن أوزال، موجهاً انتقادات شديدة إلى بهجلي، "أنت لا تستطيع الآن أن تكون حتى جزءاً من ظفر رئيس هيئة أركان جيشنا".
تعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها في السياسة التركية، إذ لأوّل مرّة يوجه العلمانيون القوميون الأتراك انتقادات بهذه الشراسة للمؤسسة العسكرية، التي كانوا يعتبرونها، على مدى أكثر من تسعين عاماً من تأسيس الجمهورية، مؤسسة مقدسة لا يمكن المساس بها من قريب أو بعيد.
كما أنّها المرة الأولى التي يدافع الإسلاميون عن هذه المؤسسة بهذه الشراسة، بعدما كانت "وكر الأفاعي"، الذي لطالما قاد الانقلابات العسكرية الشرسة ضدّ الأحزاب الإسلامية كلما وصلت للسلطة.
تشير هذه الحادثة إلى تغيير كبير داخل الدولة العميقة التركية على مستوى المؤسسة العسكرية، التي باتت تفضل عدم الخوض في السياسة بعدما تم استهدافها من النيابة التركية في قضيتي "الإرغنكون" و"المطرقة" واللتين طالتا أكثر من 300 ضابط عسكري بينهم جنرالات كبار، بتهم التخطيط للقيام بانقلابات عسكرية على حكومة حزب "العدالة والتنمية"، قبل أن يمرّر الأخير قراراً في البرلمان يقضي بإلغاء المحاكم الخاصة التي شُكّلت لمحاكمة هؤلاء الضباط.
وقررت المحكمة الدستورية العليا بعدها إخلاء سبيل جميع المتهمين وإعادة محاكمتهم، فيما بدا حينها إعادة ترتيب للأوراق السياسية الداخلية التركية، بشكل قضى بإقامة تحالف بين المؤسسة العسكرية وحزب "العدالة والتنمية" بعد المعركة التي بدأت بين الأخير وحركة "الخدمة" بزعامة الداعية فتح الله غولان.
اقرأ أيضاً (تركيا: هل اخترقت "الخدمة" صفوف حزب أتاتورك؟)
وقام المدّعون العامون ورجال الشرطة الموالون لها بالعمليتين اللتين استهدفتا المؤسسة العسكرية، وساهمتا في إنهاء تسعين عاماً من الوصاية العسكرية على الحكم في تركيا، ليتم اعتقال عدد كبير من رجال الشرطة الذين أداروا العمليتين، أخيراً، في إطار الحملة التي تشنها الحكومة على ما تطلق عليه "الكيان الموازي".
على المستوى الخارجي، بدأت حكومة "العدالة والتنمية" تجني ثمار عملية السلام التي تقودها مع حزب "العمال الكردستاني"، ودعمها قوات "الحماية الشعبية" في المعركة مع "داعش" على المستوى الخارجي.
وعلى الرغم من إنكار الحكومة حدوث أي تعاون بينها وبين قوات "الحماية الشعبية" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، جناح "العمال الكردستاني" في سورية، إلا أن المؤكد هو أن القوات المسلحة التركية دخلت الأراضي السورية من جهة المناطق، التي تسيطر عليها قوات "حماية الشعب" حول مدينة عين العرب بتنسيق مع الأخيرة. فيما بدا ردّاً للجميل التركي بعدما عالجت المشافي التركية أكثر من 523 مقاتلاً لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، ممن أصيبوا خلال المعارك التي دارت مع (داعش) في مدينة عين العرب ومحيطها، من بينهم قيادات عسكرية تابعة للاتحاد الديمقراطي.
وأكد الرجل الثاني في حزب "العمال الكردستاني"، مراد كرايلان، على هذا التنسيق، قائلاً، إن "عملية فرات شاه تمت بالتعاون وموافقة وحدات "حماية الشعب"، في ما يمكن اعتباره بداية لتطوير العلاقات والصداقة بين الطرفين". وأكثر من ذلك، فإن ملكية الأرض التي يقام عليها ضريح سليمان شاه في قرية أشمة الحدودية ضمن الأراضي السورية تعود إلى مواطن كردي سوري يدعى بوزان عثمان، الذي أكد لصحيفة "خبر تورك" اليومية أنه لم يتم إخباره بشيء، وطالب أنقرة بتعويضه.