وافتتح أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، متحف قطر الوطني، بحضور عدد من الشخصيات السياسية، والثقافية، والفنية، والإعلامية، وسط مظاهر احتفالية تضمنت عرض مقطوعات موسيقية لأوركسترا قطر الفيلهارمونية، وعرضة تراثية، ولوحة نسائية من فن المراداة.
ولئن كان العنوان متحفاً جديداً، فإن تغريدة أمير قطر يوم أمس "غداً نعيد افتتاحه من جديد"، تشير إلى تجربة متحفية تراكمت وتطورت منذ أن كان المتحف قائماً منذ أواسط السبعينيات، في نسخة بسيطة، حول القصر التاريخي للشيخ عبد الله بن جاسم، وقد بني عام 1912، وأعيد ترميمه بدقة، مع بزوغ فكرة المتحف الجديد.
ظل القصر في مكانه، ممثلاً لشكل العمارة التقليدية ورمزاً تاريخياً. وعلى مدار السنوات الماضية كانت وردة الصحراء (البلورات التي تأخذ شكل الوردة تحت الرمال)، تحيط بالقصر على شكل حرف نون وتضيف إلى الجوهر معاني جديدة.
وكما أن للمتحف قصة يرويها، فإن لبنائه أيضاً قصة تستحق أن تُروى، بحسب الشيخة آمنة بنت عبد العزيز آل ثاني، مديرة المتحف، إذ هذه التجربة المتحفية "لا تمثل الأكثر إثارة ودهشة على مستوى المعروضات فحسب، وإنما تجربة ينغمس فيها الزائر بكل حواسه".
— تلفزيون قطر (@QatarTelevision) ٢٧ مارس ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
الجانب المجتمعي من القصة يحكي انخراط القطريين في تشكيل هوية المتحف، الذي سيقدم تراثهم في البر والبحر.
تطلب ذلك جولات دؤوبة لاستكشاف نمط الحياة القديم من خلال مشاهدة التسجيلات المصورة التي أنتجت بعد أكثر من 500 مقابلة شخصية، إضافة إلى الإسهام في تقديم القطع القديمة التي أصبحت تراثاً، يرتبط بالذاكرة، وبعضه ما يزال حاضراً.
لا تقتصر التجربة المتحفية هنا على الحياة التقليدية في البادية والحاضرة، بل تدخل فيهما تاريخ النفط، الذي ترك أثراً عميقاً في المشهد الاجتماعي والاقتصادي، منذ اكتشافه في عقد الثلاثينيات من القرن المنصرم.
هناك واحدة بين الإحدى عشرة صالة تقدم أقدم الآلات التي بدأت تنقب وتستخرج هذه الثروة، ما سيطبع حتماً صورة قطر، حتى إن التاريخ لا يغالط نفسه حين يقرأ بما قبل النفط وما بعده.
أما عصور ما قبل التاريخ، فإنها رحلة يبدأها الزائر مع الحقبة الجيولوجية قبل استيطان الجزيرة العربية، مروراً بالتاريخ المكتوب الذي طبع اسم كتارا في خرائط بطليموس عام 150 ميلادية.
ثمة ثلاث حقب زمنية، الأولى تعود إلى نهاية العصر الجليدي الأخير (نحو عام 8000 قبل الميلاد)، والثانية تمثّل العصر البرونزي (بين عامي 2000 و1200 قبل الميلاد)، والثالثة تعود مقتنياتها إلى العصر الهلنستي وبدايات العصر الإسلامي.
القصة المجتمعية التي شهدت تضامناً عاماً لإنجاز محتوى المتحف، لا تقل ديناميكية عن قصة العمارة التي تمتد على مساحة أربعين ألف متر مربع.
وحين يذكر المتحف، يذكر معه المعماري الفرنسي جان نوفيل، الذي سبقت تصميمه المتحف دراسة لما يمكن لهوية المعماري أن تقدمه، على أرض ذات ثقافة مختلفة.
وردة الصحراء، كانت فكرة خيالية، لأنها صعبة التنفيذ على هذه المساحة الواسعة.
صباح اليوم قال نوفيل أمام حشد من الإعلاميين من أقطار العالم إن استنباط هذا الرمز الصحراوي غير موجود في العالم.
ومضى يقول إن المتاحف تكون عادة قاعات للعرض، لكن هذا المتحف مثل حكاية جمالية أخرى، سواء من الخارج أو من الداخل حيث ارتفاعات الأسقف منسقة ومنوعة بحسب المحتويات.
ما يشير إليه نوفيل تثبته رؤية العين. فالممرات والردهات، والقاعات والمسرح والفضاء الخارجي يتماهى مع لب الفكرة التي نهض عليها المتحف، وهو وردة الصحراء التي تتراكب سطوحها بأشكال وأحجام متنوعة.
في الساحة الخارجية تقف مجموعة من الأعمال التي صممت خصيصاً على يد فنانين من داخل قطر وخارجها، وهي: "نوافير ألفا" للفنان جان ميشيل أونوثيل، و"بوابة البحر" للفنانة سيمون فتال، و "راية العز" للفنان أحمد البحراني، و "في طريقهم" للفنان روش فاندروم، و "الوطن الأم" للفنان حسن بن محمد، و "مدخن سنترال" للفنانة عائشة ناصر السويدي، و "حكمة وطن" للفنان علي حسن، و "كان يا ما كان" للفنانة بثينة المفتاح، و "الزمن المكتشف" للفنانة أوغاوا ماتشيكو.
وفي الجانب السينمائي هناك جملة من الأفلام التي تمتد على الجدران، كأنها خارجة من حجرة كاميرا مصممة أيضاً على شكل وردة صحراوية.
|
فهذه جنان العاني، يعرض لها فيلم عن المواقع القطرية والقطع الفنية القديمة، وهناك فيلم "حياة البر" للمخرج عبد الرحمن سيساكو، وفيلم ثان له حول مدينة الزبارة في ذروة مجدها، حيث يرصد حركة المواطنين والتجار في هذا المركز التجاري الحي طيلة اليوم من قبل أذان الفجر.