19 ابريل 2021
تدعيش روسيا
بعد ساعات قليلة من تصريحٍ، استثنى فيه الجيش الحر من تهمة الإرهاب، وتعهد بألا تستهدفه غارات سلاح الجو الروسي على سورية، وأن تفتح بلاده حواراً معه، باعتباره قوة معتدلة، أنكر وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، أن يكون هناك "جيش حر"، بينما كانت بيانات الناطق العسكري باسم جيش الغزو تعتبر كل من تستهدفه غارات طيران روسيا "داعشيا"، باعتبار أن من لا ينتمون إلى النظام جميعهم "دواعش"، وأنه لا وجود لغير هؤلاء على الطرف الآخر من الصراع ضد الأسد. لذلك، لم يتعرض أحد سواهم للقصف، وليس بين من قتلوا أحد غيرهم، حتى إن ثبت أنهم أطفال في مقتبل العمر، قتلوا وهم نيام تحت ركام منازلهم المدمرة.
يظهر الروس قدراً غير مألوف من الاستهانة بقطاع كبير من شعبهم، ومن الرأي العام العالمي، يرجع إلى رؤيتهم لحربهم في سورية. ومثلما تعتبر "داعش" كل من لا ينتمي إليها "مرتدا" يستحق القتل، ترى روسيا في الذين يعارضون النظام "دواعش"، من الضروري قتلهم بقنابل طائراتها. المشكلة أن روسيا دولة كبرى، ولها مسؤوليات أخلاقية تجاه العالم، وأن تدعيش سياساتها الذي بدأ قبل ظهور تنظيم داعش في سورية بعامين لعب دوراً مرعباً في انهيار الشرعية الدولية، وانتشار فوضى واسعة في عالمنا العربي، بين أسبابها غياب المعايير الإنسانية والقانونية عن مواقف حراس الشرعية الدولية وممارساتهم، وبالأخص منهم روسيا التي أيدت دوماً قتل السوريين برصاص الجيش الأسدي، واتهمت طالبي الحرية بالأصولية والإرهاب، وشاركت تخطيطاً وتنفيذاً في جميع العمليات العسكرية التي استهدفت حياتهم الشخصية ووجودهم الوطني، واستفزت قطاعاً كبيراً من مسلمي روسيا، تعاطف مع ثورة السوريين من أجل الحرية، وتفهم أن ينالوا الحقوق التي سبق لهم أن نالوا بعضها، عقب سقوط نظامهم الاستبدادي. وتقول استطلاعات الرأي إن غالبيتهم ترفض غزو بلادهم سورية، وقتالها مقاومي نظام استبدادي متوحش، يضطهد شعباً لم يناصب روسيا العداء يوماً، ولم يلحق ضرراً بمواطنيها ومصالحها. وزاد طين هؤلاء بلة أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية رأت في قتل السوريين على يد الغزاة الروس "حرباً مقدسة"، يخوضها جيش مؤمنين أطهار ضد كفرة أشرار، على طريقة "داعش" التي تدّعي أنها تقاتل، باسم الإيمان القويم، مرتدين عنه، ليسوا غير كفرة ومارقين، تجب إبادتهم من دون رحمة.
هل يمكن لسياسات دولة عظمى، هذه مبادئها وممارساتها، أن تبقى في منأى عن "تدعيش" حياة مواطنيها العامة، وعلاقات مكونات مجتمعها الدينية، وعلاقاتها مع المجتمع الدولي التي شهدت، منذ غزت سورية عسكرياً، واستهدفت الآمنين وأنصار الحرية من المقاتلين، عودة مخيفة إلى زمنٍ لطالما تحكم فيه القوي بالضعيف، وأجاز لنفسه ما منعه عن سواه، يهدد انبعاثه من جديد على يد روسيا، بطي حقبة "نزع الاستعمار" التي كانت الأمم المتحدة قد أقرتها، في سبعينيات القرن الماضي، وفتح إغلاقها الباب رحباً أمام تحقيق أماني عديد من الشعوب، وحماها من عدوان حيتان السياسة الدولية الكبار وتجبرها؟
تدمر سياسات روسيا السورية الأسس التي تنهض عليها الشرعية الدولية، وتعتبر ركائز أمن العالم وسلامه وتوازنات نظمه المتنوعة، وتعيدنا خيارات موسكو، التدخلية والعدوانية، إلى عصر أشد سوءاً بكثير من عصور الاستبداد التي حفل بها تاريخ عالمنا، وخصوصاً منه التاريخ الروسي، تمتزج فيه نزعة مذهبية، داعشية المضمون، بسياسات قوة مفرطة، كونية الانتشار، لن ينعم العالم بأي قدر من السلام والأمان، إن سمح بانتصارها على سورية.
يظهر الروس قدراً غير مألوف من الاستهانة بقطاع كبير من شعبهم، ومن الرأي العام العالمي، يرجع إلى رؤيتهم لحربهم في سورية. ومثلما تعتبر "داعش" كل من لا ينتمي إليها "مرتدا" يستحق القتل، ترى روسيا في الذين يعارضون النظام "دواعش"، من الضروري قتلهم بقنابل طائراتها. المشكلة أن روسيا دولة كبرى، ولها مسؤوليات أخلاقية تجاه العالم، وأن تدعيش سياساتها الذي بدأ قبل ظهور تنظيم داعش في سورية بعامين لعب دوراً مرعباً في انهيار الشرعية الدولية، وانتشار فوضى واسعة في عالمنا العربي، بين أسبابها غياب المعايير الإنسانية والقانونية عن مواقف حراس الشرعية الدولية وممارساتهم، وبالأخص منهم روسيا التي أيدت دوماً قتل السوريين برصاص الجيش الأسدي، واتهمت طالبي الحرية بالأصولية والإرهاب، وشاركت تخطيطاً وتنفيذاً في جميع العمليات العسكرية التي استهدفت حياتهم الشخصية ووجودهم الوطني، واستفزت قطاعاً كبيراً من مسلمي روسيا، تعاطف مع ثورة السوريين من أجل الحرية، وتفهم أن ينالوا الحقوق التي سبق لهم أن نالوا بعضها، عقب سقوط نظامهم الاستبدادي. وتقول استطلاعات الرأي إن غالبيتهم ترفض غزو بلادهم سورية، وقتالها مقاومي نظام استبدادي متوحش، يضطهد شعباً لم يناصب روسيا العداء يوماً، ولم يلحق ضرراً بمواطنيها ومصالحها. وزاد طين هؤلاء بلة أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية رأت في قتل السوريين على يد الغزاة الروس "حرباً مقدسة"، يخوضها جيش مؤمنين أطهار ضد كفرة أشرار، على طريقة "داعش" التي تدّعي أنها تقاتل، باسم الإيمان القويم، مرتدين عنه، ليسوا غير كفرة ومارقين، تجب إبادتهم من دون رحمة.
هل يمكن لسياسات دولة عظمى، هذه مبادئها وممارساتها، أن تبقى في منأى عن "تدعيش" حياة مواطنيها العامة، وعلاقات مكونات مجتمعها الدينية، وعلاقاتها مع المجتمع الدولي التي شهدت، منذ غزت سورية عسكرياً، واستهدفت الآمنين وأنصار الحرية من المقاتلين، عودة مخيفة إلى زمنٍ لطالما تحكم فيه القوي بالضعيف، وأجاز لنفسه ما منعه عن سواه، يهدد انبعاثه من جديد على يد روسيا، بطي حقبة "نزع الاستعمار" التي كانت الأمم المتحدة قد أقرتها، في سبعينيات القرن الماضي، وفتح إغلاقها الباب رحباً أمام تحقيق أماني عديد من الشعوب، وحماها من عدوان حيتان السياسة الدولية الكبار وتجبرها؟
تدمر سياسات روسيا السورية الأسس التي تنهض عليها الشرعية الدولية، وتعتبر ركائز أمن العالم وسلامه وتوازنات نظمه المتنوعة، وتعيدنا خيارات موسكو، التدخلية والعدوانية، إلى عصر أشد سوءاً بكثير من عصور الاستبداد التي حفل بها تاريخ عالمنا، وخصوصاً منه التاريخ الروسي، تمتزج فيه نزعة مذهبية، داعشية المضمون، بسياسات قوة مفرطة، كونية الانتشار، لن ينعم العالم بأي قدر من السلام والأمان، إن سمح بانتصارها على سورية.