03 نوفمبر 2024
ترامب والإسلاميون..
كان الإعلان عن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة خبراً سيئاً لعموم الإسلاميين، من جاكرتا إلى نواكشوط. كشّر الرجل عن أنيابه، منذ اللحظة الأولى لدخوله حلبة الانتخابات، حيث أعلن بوضوح أنه ضد حركات الإسلام السياسي جملة وتفصيلا، بمتطرفيها ومعتدليها. بل ذهب إلى أكثر من ذلك، عندما اعتبر أن كل مسلم مشكوك فيه إلى أن يُثبت براءته. ولهذا السبب، دعا إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة إلا بعد التحرّي.
اليوم، والرجل يتهيأ لدخول البيت الأبيض، كيف ستكون علاقته بعموم الإسلاميين، وذلك بعد أن اتهم منافسته هيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما بأنهما أساءا تقدير المخاطر التي يمثلها هؤلاء على الأمن القومي الأميركي والسلم العالمي. وبناءً عليه، يتوقع أن يعمل ترامب على العودة إلى المربع القديم، فيضع حداً للمنعرج الذي تحقق قبل سنوات، عندما استندت السياسة الخارجية الأميركية على استدراج الحركات الإسلامية المعتدلة ودعمها، والتعاون معها في الحرب على التنظيمات المتشددة التي اختارت العنف منهجاً لتغيير موازين القوى الدولية.
سبق للرئيس الأميركي المنتخب أن لوّح بورقة وضع حركة الإخوان المسلمين على لائحة التنظيمات الإرهابية، وهو احتمال غير مستبعد، في مقابل إعادة تنشيط التعاون مع نظام عبد الفتاح السيسي الذي توترت علاقته بواشنطن، بعد مجزرة ميدان رابعة العدوية، وما ترتب عنها من إيقافٍ حادٍّ لمسار الانتقال السياسي في مصر. وإذا تم تصنيف "الإخوان" حركة إرهابية، فسيشكل ذلك قطيعةً كاملة مع هذه الحركة، واللجوء إلى محاصرتها، وتضييق الخناق عليها بوسائل متعدّدة، ما قد يدفع بها نحو تبني خطاب تصعيدي ومعادٍ لأميركا.
على صعيد آخر، رجحت المحللة المختصة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا غازيني، احتمال أن تكون من بين تداعيات فوز ترامب تراجع الدعم الأميركي لقيادة حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من جزءٍ مهم من الإسلاميين المتمركزين في طرابلس وسبراطة وبنغازي. ولهذا السبب، رحب برلمان طبرق والجنرال خليفة حفتر بانتصار ترامب، في تساوقٍ مع الموقف المصري. ولن يكون مثل هذا التحول الجذري في موقف واشنطن من حفتر وحلفائه في صالح الإسلاميين في ليبيا، وقد ينعكس سلباً على موازين القوى المحلية.
وفي تونس، شعر بعضهم بالارتياح، عندما أصبح ترامب رئيساً، نكاية في الإسلاميين، لكن حركة النهضة، وإن صدمت بالنتيجة، سارعت إلى تهنئة الفائز، واحتفظت بأي تعليقٍ سلبي قد تكون له في المستقبل تداعياتٌ لا تصب في مصلحتها. وبذلك كانت الحركة أول حزب تونسي بادر بتوجيه برقية تهنئة إلى الرئيس الأميركي المنتخب. مع ذلك، تهيمن مخاوف على قادة "النهضة" بشأن احتمال أن يحصل صدام بينهم وبين ترامب، خصوصاً أنها بذلت، بعد الثورة، جهودا ضخمة من أجل طمأنة الساسة الأميركيين ومراكز "الثينك تانك"، واجتهدت لكسب ثقتهم. وبدل أن توجه لومها لما صدر عن ترامب، أكّدت في بيانها على أن "بين تونس والولايات المتحدة مصالح مشتركة تجب رعايتها، وأنّ للرئيس المنتخب مجالاً مهمّا في هندسة إدارة المصالح الأميركية في العالم، وفي توجيه السياسة الخارجية الأميركية، وخصوصاً ما يتعلّق منها بشعوب العرب والمسلمين وقضاياهم، في اتجاه إرساء السلام، ودعم تحرّك هذه الشعوب نحو الحرية وبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية في بلدانهم".
ليست هذه سوى أمثلة، تؤكد أن علاقة أميركا بالحركات الإسلامية في هذه المرحلة لن تكون شبيهةً بما كانت عليه في عهد الديمقراطيين، فالإدارة الجديدة قد تكون غير مستعدةٍ للتمييز بين الظواهر، وستعتبر، مثلما كان الحال مع الرئيسين بوش الأب والابن، أن الأصل في الألوان هو الأبيض والأسود، وأنه لا قيمة لما بينهما. وبناءً عليه، لا يستبعد أن تجد حركات الإسلام السياسي الموصوفة بالاعتدال نفسها أمام اختبارٍ قاسٍ جديد لإثبات براءتها من التهم الموجهة إليها. أما إذا جاء رد فعلها بالتوغل أكثر نحو يمينها، فإن خسارتها ستكون بالتأكيد فادحةً وقاتلةً.
اليوم، والرجل يتهيأ لدخول البيت الأبيض، كيف ستكون علاقته بعموم الإسلاميين، وذلك بعد أن اتهم منافسته هيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما بأنهما أساءا تقدير المخاطر التي يمثلها هؤلاء على الأمن القومي الأميركي والسلم العالمي. وبناءً عليه، يتوقع أن يعمل ترامب على العودة إلى المربع القديم، فيضع حداً للمنعرج الذي تحقق قبل سنوات، عندما استندت السياسة الخارجية الأميركية على استدراج الحركات الإسلامية المعتدلة ودعمها، والتعاون معها في الحرب على التنظيمات المتشددة التي اختارت العنف منهجاً لتغيير موازين القوى الدولية.
سبق للرئيس الأميركي المنتخب أن لوّح بورقة وضع حركة الإخوان المسلمين على لائحة التنظيمات الإرهابية، وهو احتمال غير مستبعد، في مقابل إعادة تنشيط التعاون مع نظام عبد الفتاح السيسي الذي توترت علاقته بواشنطن، بعد مجزرة ميدان رابعة العدوية، وما ترتب عنها من إيقافٍ حادٍّ لمسار الانتقال السياسي في مصر. وإذا تم تصنيف "الإخوان" حركة إرهابية، فسيشكل ذلك قطيعةً كاملة مع هذه الحركة، واللجوء إلى محاصرتها، وتضييق الخناق عليها بوسائل متعدّدة، ما قد يدفع بها نحو تبني خطاب تصعيدي ومعادٍ لأميركا.
على صعيد آخر، رجحت المحللة المختصة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا غازيني، احتمال أن تكون من بين تداعيات فوز ترامب تراجع الدعم الأميركي لقيادة حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من جزءٍ مهم من الإسلاميين المتمركزين في طرابلس وسبراطة وبنغازي. ولهذا السبب، رحب برلمان طبرق والجنرال خليفة حفتر بانتصار ترامب، في تساوقٍ مع الموقف المصري. ولن يكون مثل هذا التحول الجذري في موقف واشنطن من حفتر وحلفائه في صالح الإسلاميين في ليبيا، وقد ينعكس سلباً على موازين القوى المحلية.
وفي تونس، شعر بعضهم بالارتياح، عندما أصبح ترامب رئيساً، نكاية في الإسلاميين، لكن حركة النهضة، وإن صدمت بالنتيجة، سارعت إلى تهنئة الفائز، واحتفظت بأي تعليقٍ سلبي قد تكون له في المستقبل تداعياتٌ لا تصب في مصلحتها. وبذلك كانت الحركة أول حزب تونسي بادر بتوجيه برقية تهنئة إلى الرئيس الأميركي المنتخب. مع ذلك، تهيمن مخاوف على قادة "النهضة" بشأن احتمال أن يحصل صدام بينهم وبين ترامب، خصوصاً أنها بذلت، بعد الثورة، جهودا ضخمة من أجل طمأنة الساسة الأميركيين ومراكز "الثينك تانك"، واجتهدت لكسب ثقتهم. وبدل أن توجه لومها لما صدر عن ترامب، أكّدت في بيانها على أن "بين تونس والولايات المتحدة مصالح مشتركة تجب رعايتها، وأنّ للرئيس المنتخب مجالاً مهمّا في هندسة إدارة المصالح الأميركية في العالم، وفي توجيه السياسة الخارجية الأميركية، وخصوصاً ما يتعلّق منها بشعوب العرب والمسلمين وقضاياهم، في اتجاه إرساء السلام، ودعم تحرّك هذه الشعوب نحو الحرية وبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية في بلدانهم".
ليست هذه سوى أمثلة، تؤكد أن علاقة أميركا بالحركات الإسلامية في هذه المرحلة لن تكون شبيهةً بما كانت عليه في عهد الديمقراطيين، فالإدارة الجديدة قد تكون غير مستعدةٍ للتمييز بين الظواهر، وستعتبر، مثلما كان الحال مع الرئيسين بوش الأب والابن، أن الأصل في الألوان هو الأبيض والأسود، وأنه لا قيمة لما بينهما. وبناءً عليه، لا يستبعد أن تجد حركات الإسلام السياسي الموصوفة بالاعتدال نفسها أمام اختبارٍ قاسٍ جديد لإثبات براءتها من التهم الموجهة إليها. أما إذا جاء رد فعلها بالتوغل أكثر نحو يمينها، فإن خسارتها ستكون بالتأكيد فادحةً وقاتلةً.