14 نوفمبر 2024
تركيا إلى "إعادة هيكلة".. نظرة من الداخل
تمرّ تركيا، اليوم، بمرحلة إعادة ترتيب بيتها الداخلي، أو ما يسمونه، هنا في اسطنبول حيث تُكتَب هذه المقالة، بـ"إعادة الهيكلة" لمؤسسات الدولة، بعد الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية في مارس/ آذار الماضي، وهي عملية غير معلنة رسمياً، لكن المطلعين على شؤون تركيا الداخلية، وحتى كبار المسؤولين فيها، يترقبون حزمة من التغييرات التي ستطال عدداً غير معروف من المناصب العليا في الدولة، بل إن مراقبين هنا يرون أنها ربما تأخذ شكلاً من أشكال "التطهير"، بعد الهزّة العميقة التي ضربت الدولة، في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما سمّي في حينه "قضية الفساد" التي شملت عدداً من كبار رجال الأعمال وأبناء وزراء، ودفعت رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إجراء تغيير وزاري شمل عشرة من وزرائه، بينهم ثلاثة اتُّهم أبناؤهم في القضية. وتكتسب عملية إعادة الهيكلة أهمية خاصة، لأنها تقع في توقيت حساس، وفق الأجندة السياسية التركية، كون البلاد تقف على بعد ثلاثة أشهر من انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث سينتخب الشعب التركي رئيس جمهوريته بالاقتراع المباشر، ولأول مرة في التاريخ الحديث، كما ستشهد تركيا، بعد نحو سنة، انتخابات برلمانية مفصلية، ربما تكون الأكثر حسماً في تاريخ البلاد السياسي.
إعادة الهيكلة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، الذي يُرمز إليه بالتركية بأول حرفين من كلمتيْ العدالة والتنمية (AK)، وهي كلمة تعني بالتركية الأبيض، ستشمل، حسب المعلومات المتوفرة، معظم المفاصل السياسية والإعلامية والاقتصادية والمدراء العامين للمؤسسات الكبرى، وهي، بمعنى من المعاني، بمثابة انقلاب أبيض ناعم، حيث سيتم نقل المسؤولين الناجحين في مؤسساتهم إلى مؤسسات أقل نجاحاً، والخطوة تأتي في سياق إعادة تقويم المشهد الداخلي التركي، على ضوء ما حصل إثر "فضيحة الفساد" تلك، وظهور نقاط ضعف لدى بعض أفراد النخبة الحاكمة، وأيضاً، نتيجة القرار الصادر قبل أيام بتثبيت البند الخاص بالترشح للبرلمان في قانون حزب العدالة الأساسي، مدة لا تزيد عن ثلاث دورات، الأمر الذي يمنع 70 نائباً من أعضاء الحزب من الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، إضافة إلى عشرة وزراء، سيشملهم التغيير الوزاري، لانطباق هذا البند عليهم. وثمة حديث كثير، في أوساط النُخَب التركية، عن احتمال حدوث انشقاق هؤلاء عن الحزب "الأبيض"، أو بعضهم على الأقل، حيث سيعمدون، إنْ صحّت التوقعات، إلى تأسيس حزب جديد، بعدما حرمهم ذلك البند من مناصبهم العليا، علماً بأن هذا البند انطبق، أيضاً، على أردوغان الذي يقول الأتراك، هنا، إنه بات في حكم المؤكد أن يكون أول رئيس منتخب في تاريخ الدولة التركية.
وستشمل التغييرات في المناصب العليا، كما يبدو، إضافة إلى منصب رئيس الوزراء، وزارات سيادية، منها الخارجية والدفاع، ويتم تداول اسم فيدان هاكان، رئيس الاستخبارات، لتولّي حقيبة الخارجية، وداود أوغلو، وزير الخارجية الحالي، خليفة لأردوغان في رئاسة الوزراء، أما الرئيس التركي الحالي، عبد الله غول، فيتوقع أن يعتزل الحياة السياسية، تأسيساً على ما صرح به أخيراً، حين قال إنه ليس لديه أي برنامج سياسي مستقبلي. ويتردد، هنا في اسطنبول، أن ثمة توجهاً قوياً لدى القيادة التركية بتطعيم المناصب العليا بوجوه شابة، علماً أن هناك ما بين 16 إلى 17 نائباً في البرلمان، أعمارهم دون الثلاثين عاماً.
وفي ما يخص ترتيبات البيت الداخلي التركي، أيضاً، ثمة ما يقال عن حركة "الخدمة" التي يتزعمها فتح الله غولن، المقيم في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، فالمواجهة التي انفجرت بين الحركة والحزب "الأبيض"، في نهايات العام المنصرم، لم تُطوَ صفحتها بعد، حيث كان يُقال إن سحب جماعة غولن تأييدها حزب العدالة في الانتخابات كان كفيلاً بإلحاق هزيمة منكرة به، لكن هذا لم يقع، وما حصل كان نوعاً من انفضاض الأتراك عن جماعة غولن، حتى ممّن كانوا أعضاء رسميين في جماعة الخدمة، خصوصاً بعدما شعروا، وبعضهم من كبار رجال الأعمال، أن خسارة حزب العدالة والتنمية ستتسبب بخسارتهم لمصالحهم التجارية، فأعادوا موضعة أماكنهم، وعملوا على دعم الحزب، بكل ما أوتوا من قوة، (على رأسهم صاحب مجموعة شركات "أولكر" صاحبة العلامة التجارية الشهيرة)، ودخل عدد كبير من هؤلاء الحزب الحاكم، سواء كانوا من حركة الخدمة أو من أحزاب أخرى.
وربما كانت عملية الموضعة أكثر وضوحاً لدى الجماعات الصوفية المؤثرة في المجتمع، حيث دفعت كثيرين ممّن كانوا يقاطعون الانتخابات إلى المشاركة فيها بقوة، وفي مقدمتهم جماعتا محمود أفندي ومصطفى آغا، وهما تملكان قاعدة شعبية لا تقل عن مليون "مُريد"، انتصاراً لحزب العدالة والتنمية الحاكم، كما دفعت مَن كان يصوّت منهم لحزب الحركة القومية المعارض إلى دعم الحزب الحاكم، لأنهم شعروا بأن الامتيازات التي يتمتعون بها غدت مهددة، فيما لو فشل حزب العدالة. ويبدو أنه سترافق هذا "الحراك" على مستوى الشارع السياسي التركي إجراءات حكومية معينة، تستهدف "تحجيم" حركة الخدمة التي لم تلق عصا الترحال بعد، بل لم تزل "تناكف" خصمها، عبر سلسلة إجراءات غير معلنة، وخصوصاً أن لديها أعضاء مؤثرين في مناصب حكومية حساسة، خصوصاً في الأمن والقضاء.
إعادة الهيكلة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، الذي يُرمز إليه بالتركية بأول حرفين من كلمتيْ العدالة والتنمية (AK)، وهي كلمة تعني بالتركية الأبيض، ستشمل، حسب المعلومات المتوفرة، معظم المفاصل السياسية والإعلامية والاقتصادية والمدراء العامين للمؤسسات الكبرى، وهي، بمعنى من المعاني، بمثابة انقلاب أبيض ناعم، حيث سيتم نقل المسؤولين الناجحين في مؤسساتهم إلى مؤسسات أقل نجاحاً، والخطوة تأتي في سياق إعادة تقويم المشهد الداخلي التركي، على ضوء ما حصل إثر "فضيحة الفساد" تلك، وظهور نقاط ضعف لدى بعض أفراد النخبة الحاكمة، وأيضاً، نتيجة القرار الصادر قبل أيام بتثبيت البند الخاص بالترشح للبرلمان في قانون حزب العدالة الأساسي، مدة لا تزيد عن ثلاث دورات، الأمر الذي يمنع 70 نائباً من أعضاء الحزب من الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، إضافة إلى عشرة وزراء، سيشملهم التغيير الوزاري، لانطباق هذا البند عليهم. وثمة حديث كثير، في أوساط النُخَب التركية، عن احتمال حدوث انشقاق هؤلاء عن الحزب "الأبيض"، أو بعضهم على الأقل، حيث سيعمدون، إنْ صحّت التوقعات، إلى تأسيس حزب جديد، بعدما حرمهم ذلك البند من مناصبهم العليا، علماً بأن هذا البند انطبق، أيضاً، على أردوغان الذي يقول الأتراك، هنا، إنه بات في حكم المؤكد أن يكون أول رئيس منتخب في تاريخ الدولة التركية.
وستشمل التغييرات في المناصب العليا، كما يبدو، إضافة إلى منصب رئيس الوزراء، وزارات سيادية، منها الخارجية والدفاع، ويتم تداول اسم فيدان هاكان، رئيس الاستخبارات، لتولّي حقيبة الخارجية، وداود أوغلو، وزير الخارجية الحالي، خليفة لأردوغان في رئاسة الوزراء، أما الرئيس التركي الحالي، عبد الله غول، فيتوقع أن يعتزل الحياة السياسية، تأسيساً على ما صرح به أخيراً، حين قال إنه ليس لديه أي برنامج سياسي مستقبلي. ويتردد، هنا في اسطنبول، أن ثمة توجهاً قوياً لدى القيادة التركية بتطعيم المناصب العليا بوجوه شابة، علماً أن هناك ما بين 16 إلى 17 نائباً في البرلمان، أعمارهم دون الثلاثين عاماً.
وفي ما يخص ترتيبات البيت الداخلي التركي، أيضاً، ثمة ما يقال عن حركة "الخدمة" التي يتزعمها فتح الله غولن، المقيم في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، فالمواجهة التي انفجرت بين الحركة والحزب "الأبيض"، في نهايات العام المنصرم، لم تُطوَ صفحتها بعد، حيث كان يُقال إن سحب جماعة غولن تأييدها حزب العدالة في الانتخابات كان كفيلاً بإلحاق هزيمة منكرة به، لكن هذا لم يقع، وما حصل كان نوعاً من انفضاض الأتراك عن جماعة غولن، حتى ممّن كانوا أعضاء رسميين في جماعة الخدمة، خصوصاً بعدما شعروا، وبعضهم من كبار رجال الأعمال، أن خسارة حزب العدالة والتنمية ستتسبب بخسارتهم لمصالحهم التجارية، فأعادوا موضعة أماكنهم، وعملوا على دعم الحزب، بكل ما أوتوا من قوة، (على رأسهم صاحب مجموعة شركات "أولكر" صاحبة العلامة التجارية الشهيرة)، ودخل عدد كبير من هؤلاء الحزب الحاكم، سواء كانوا من حركة الخدمة أو من أحزاب أخرى.
وربما كانت عملية الموضعة أكثر وضوحاً لدى الجماعات الصوفية المؤثرة في المجتمع، حيث دفعت كثيرين ممّن كانوا يقاطعون الانتخابات إلى المشاركة فيها بقوة، وفي مقدمتهم جماعتا محمود أفندي ومصطفى آغا، وهما تملكان قاعدة شعبية لا تقل عن مليون "مُريد"، انتصاراً لحزب العدالة والتنمية الحاكم، كما دفعت مَن كان يصوّت منهم لحزب الحركة القومية المعارض إلى دعم الحزب الحاكم، لأنهم شعروا بأن الامتيازات التي يتمتعون بها غدت مهددة، فيما لو فشل حزب العدالة. ويبدو أنه سترافق هذا "الحراك" على مستوى الشارع السياسي التركي إجراءات حكومية معينة، تستهدف "تحجيم" حركة الخدمة التي لم تلق عصا الترحال بعد، بل لم تزل "تناكف" خصمها، عبر سلسلة إجراءات غير معلنة، وخصوصاً أن لديها أعضاء مؤثرين في مناصب حكومية حساسة، خصوصاً في الأمن والقضاء.