أكدت تركيا، اليوم الجمعة، أنّها لن تتراجع إطلاقاً عن امتلاك منظومة الدفاع الصاروخي "إس-400" الروسية، متوعدة بـ"الرد بالمثل" على أي عقوبات أميركية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، اليوم الجمعة، خلال مقابلة بثها التلفزيون التركي، رداً على سؤال بشأن العقوبات الأميركية المحتملة: "إذا اتخذت الولايات المتحدة أي إجراءات سلبية نحونا فسوف نرد بالمثل".
ونشب خلاف بين أنقرة وواشنطن الحليفتين في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، منذ شهور، بسبب شراء تركيا أنظمة "إس-400" الروسية التي من المتوقع أن تتسلمها الشهر المقبل.
وتوعّدت واشنطن بفرض عقوبات أميركية على تركيا، وأرسلت خطاباً تحذر فيه من أنّها ستستبعد أنقرة من برنامج طائرات "إف-35". وتراجعت الليرة التركية أمام الدولار إلى 5.93 ليرات بعد هذا التصريح، وهو أدنى مستوى لها في أسبوعين.
وقال جاووش أوغلو، وفق ما أوردته وكالة "رويترز": "نحن مصرون في ما يتصل بمسألة أنظمة إس-400. لن نتراجع خطوة بغض النظر عن النتائج"، مضيفاً أنّه "من المستحيل إلغاء الصفقة".
وترى واشنطن أنّ المنظومة الروسية لا تتوافق مع منظومات "الناتو"، وتحذر من أنّ شراءها قد يعرّض برنامج تسليم أنقرة طائرات مقاتلة من طراز "إف 35" للخطر.
واقترحت تركيا أن يشكل البلدان الحليفان مجموعة عمل لتقييم أثر أنظمة "إس-400"، لكنها لم تتلق رداً حتى الآن من الولايات المتحدة.
روسيا وسورية
إلى ذلك، أعرب جاووش أوغلو، في كلمة خلال استضافته في الاجتماع الصباحي لمحرري "الأناضول" في العاصمة أنقرة، بحسب ما ذكرته الوكالة، اليوم الجمعة، عن رفض بلاده زعم روسيا بالعجز عن التأثير على النظام بشأن اعتداءاته على مناطق "خفض التصعيد" في شمالي سورية.
ومنذ 25 إبريل/ نيسان الماضي، تشنّ قوات النظام وحليفته روسيا، والمليشيات التابعة له، حملة قصف عنيفة على منطقة "خفض التصعيد" في شمالي سورية، والتي تم التوصل إليها بموجب مباحثات أستانة، تزامناً مع عملية عسكرية برية على الأرض.
وأوضح الوزير التركي أنّه "ما من مشكلة في تحديد عمق المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في سورية"، منتقداً الجانب الأميركي لعدم إخراج المليشيات الكردية من منبج.
وفي يونيو/ حزيران 2018، توصلت تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق "خريطة طريق" حول منبج، شمال شرقي محافظة حلب، يضمن إخراج المليشيات الكردية من المنطقة وتوفير الأمن والاستقرار فيها. وتسبّبت واشنطن بتأخير تنفيذ الخطة أشهراً عدة، متذرعة بوجود عوائق تقنية.
ومنذ اتخاذ الإدارة الأميركية قرار انسحاب القوات من سورية، في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، تحذر تركيا من تداعيات الفراغ الذي قد ينجم عن ذلك، في حال تمت العملية من دون اتفاق معها، وترغب في إنشاء منطقة آمنة في شرق الفرات.
قضية خاشقجي
من جهة أخرى، قال جاووش أوغلو إنّ بلاده تفصل حادثة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي عن علاقاتها الثنائية مع الرياض.
وتابع: "لا توجد لدينا مشكلة في علاقاتنا الثنائية مع السعودية"، مضيفاً أنّ "مبادرة الرئيس رجب طيب أردوغان بمهاتفة الملك سلمان في عيد الفطر، مؤشر على عدم وجود أي مشاكل (من جانبنا) في علاقاتنا الثنائية مع السعودية".
وأوضح "أبعدنا حادثة مقتل خاشقجي عن علاقتنا مع السعودية"، مضيفاً "نضع حادثة مقتل خاشقجي بمعزل عن علاقاتنا الثنائية مع السعودية، إلا أنّهم (السعوديون) لا يفعلون ذلك بالقدر ذاته".
وحول المتعاون المحلي الذي قالت السلطات السعودية إنّه تسلّم جثة خاشقجي، قال الوزير التركي: "لم تُفصح السلطات السعودية عن اسم المتعاون المحلي في قضية مقتل خاشقجي".
وقُتل خاشقجي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، في قضية هزت الرأي العام الدولي.
وبعد 18 يوماً من الإنكار والتفسيرات المتضاربة، أقرّت الرياض بمقتله داخل القنصلية إثر "شجار" مع أشخاص سعوديين، وأوقفت 18 مواطناً ضمن التحقيقات، دون كشف المسؤولين عن الجريمة أو مكان الجثة.
وخلصت وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، إلى أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر باغتيال خاشقجي في إسطنبول، في نتيجة تتناقض مع تأكيدات الحكومة السعودية بعدم تورط ولي العهد.
"صفقة القرن"
وتعليقاً على خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة بـ"صفقة القرن"، أكد جاووش أوغلو أنّ بلاده "لن تقبل بأي حل لا يرضي تطلعات الشعب الفلسطيني".
وشدد على أنّ تركيا "لن تقبل بحل يستبدل القدس وفلسطين بالمال"، قائلاً إنّ "على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تدركا أنّه لا يمكن شراء كل شيء بالمال".
ولفت إلى أنّ تطبيع العلاقات مع إسرائيل غير مدرج حالياً على أجندات السياسة الخارجية لبلاده.
وقال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة السفير جوناثان كوهين، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، مخاطباً أعضاء المجلس: "يعمل البيت الأبيض على صياغة رؤية للسلام (يقصد صفقة القرن) توفر مستقبلاً أكثر إشراقاً للجميع، وسوف نصدر هذه الرؤية عندما يحين الوقت المناسب".
ومن المقرر أن تعقد ورشة عمل اقتصادية بالعاصمة البحرينية المنامة، في 25 و26 يونيو/ حزيران الجاري، لبحث الجوانب الاقتصادية لـ"صفقة القرن"، وسط مقاطعة فلسطينية وعربية.