كشفت مصادر تركية مطّلعة لـ"العربي الجديد" عن أن الزيارة التي قام بها مسؤولون أتراك قبل أيام إلى ليبيا، وحضرها وزير المالية والخزانة براءت ألبيرق، شملت مباحثات حول "التحضير لعودة الشركات التركية للعمل مجدّداً، وجلب شركات جديدة في هذا الإطار بناء على طلب ليبيا، للبدء في أعمال إعادة الإعمار".
وحول القطاعات التي يمكن أن تشارك في إعمارها الشركات التركية، أضاف المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه: "جرى الحديث عن إعادة إعمار المؤسسات العامة والمطارات، وكذلك الموانئ، وشبكات المياه والطرق والبلديات".
وكشف المصدر أنه "حتى هندسة الطرق والحدائق وإعادة تأهيلها ستقوم بها شركات تركية، بل جرى الحديث أيضاً عن إسناد تنظيف المدن من مخلفات الحرب لها".
ورغم وصف مراقبين تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس، بإعلان الحرب، لم يستبعد المصدر التركي أن يتم تقارب بين أنقرة والقاهرة في المستقبل "لأن الأهداف بالحفاظ على وحدة ليبيا وإعادة إعمارها بشكل موحد، ولكن ثمة من يحرّض ويقف خلف القاهرة"، على حد تعبير المصدر التركي.
وكشفت مصادر إعلامية عن مسؤول تركي كبير "أن تركيا مستعدة للبدء بخطى سريعة في إعادة إعمار ليبيا التي تنهشها الصراعات، وذلك بعد أن زار كبار مساعدي الرئيس رجب طيب أردوغان، العاصمة طرابلس، الأسبوع الماضي، لمناقشة سبل التعاون في مجالات الطاقة والبناء والأعمال المصرفية".
ونقلت المصادر الإعلامية عن المسؤول التركي قولها إن "الوفد الذي زار ليبيا ناقش المدفوعات المستحقة للشركات التركية عن أعمال الطاقة والبناء السابقة في ليبيا، كما بحث الطرفان السبل التي يمكن لتركيا أن تساعد من خلالها في استكشاف وعمليات الطاقة، بما في ذلك التعاون للمساعدة في وصول الموارد إلى الأسواق العالمية".
ويعول الطرفان، التركي والليبي، على دفع ملف إعادة الإعمار، بعد زيارة الوفد التركي الرفيع، الذي ضم شخصيات تركية بارزة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بعد الزيارة: بحثنا الخطوات التي سيتم اتخاذها في الميدان، والعلاقات السياسية، فكما تعرفون هناك مذكرات تفاهم وقّعناها مع ليبيا منها المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وأشار المسؤول التركي إلى أن اللقاء "تناول التعاون الذي سنقوم به في البحر المتوسط بخصوص الطاقة، وما سنتخذه من خطوات بهذا الصدد".
وكشف أن "هناك مستحقات لشركات تركية كانت تعمل في ليبيا قبل الحرب، لم يتم الحصول عليها، كما أن هناك استثمارات لم تستكمل، ومشروعات، كانت الزيارة فرصة لتناولها أي أننا تناولنا البعد الاقتصادي للعلاقات الثنائية بين البلدين".
من جهته، يقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، "ستبدأ وقريباً جداً، الشركات التركية في إعادة إعمار وتأهيل بعض القطاعات الليبية، سواء بالموانئ البحرية والجوية أو بالبنى التحتية والمصارف"، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن ممثلين عن أكبر شركتين تركيتين كانا في اللقاء وهما شركتا "أنقرة للطاقة، وجيلك للطاقة والبنى التحتية".
ويضيف أوغلو أن "التحضيرات مستمرة هذه الفترة لعقد مؤتمر إعادة إعمار ليبيا في تركيا وحضور شركات تجمدت أعمالها بسبب الحرب وشركات جديدة متخصصة بالبناء والمصارف والزراعة"، مؤكداً أن "تركيا لا تريد أن تستأثر بليبيا كما يروّج البعض، بل الهدف هو إبعاد ليبيا عن مزيد من الدمار والتمزيق، وأنقرة تمد يدها للجميع".
وحول الرقم الكبير الذي تداولته بعض الوسائل الإعلامية حول حجم الأعمال التركية في ليبيا، يقول كاتب أوغلو، "إن 16 مليار دولار، هي عقود لأعمال ومشاريع توقفت بسبب الحرب واتفاقات لأعمال وعقود جديدة"، مبيناً أن بعض الشركات التركية "بدأت بالفعل في إعادة فتح مكاتبها للبدء بعودة العمل قريباً، خاصة ببعض القطاعات الملحة كالكهرباء والمنظومة المصرفية".
ومن جانبه، يقول المحلل التركي سمير صالحة، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الخطوة جزء من عملية التنسيق والتعاون بين أنقرة وحكومة الوفاق الشرعية في ليبيا، ومؤشر مهم على رغبة ثنائية في توسيع رقعة التعاون باتجاه إعادة إعمار المناطق التي استهدفتها مجموعات خليفة حفتر غرب البلاد وأدت إلى كوارث إنسانية وتسببت في تهديم قطاعات الحياة اليومية من خدمات في مجال المياه والكهرباء والاتصالات.
ويبين صالحة، أن هذا التنسيق التركي الليبي سيواجه برفض الجماعات التي خسرت الرهان على حفتر، وهي ستعمل باتجاه محاولة قطع الطريق على هذا التعاون بين البلدين، لكن تركيا حريصة على عدم الاصطدام، والاستمرار في سياسة تفويت الفرصة على الإمارات التي تحاول دفع مصر، برضى ودعم سعودي فرنسي، نحو الصدام في ليبيا.