28 أكتوبر 2024
تطلّعات متجدّدة في عُمان
محمود الرحبي
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية
عاشت ولايات عُمان، يوم الأحد 27 الشهر الماضي (أكتوبر/ تشرين الأول)، أجواء فعاليات الدورة التاسعة من انتخابات أعضاء مجلس الشورى، وقد شهدت، هذه المرّة، قياسا بغيرها من دورات سابقة، تدافعا وإقبالا ملحوظيْن من المواطنين، بمختلف فئاتهم وأعمارهم، الأمر الذي يعكس تنامي الوعي بأهمية هذه الانتخابات وقيمتها، والذي أرجو أن تستثمره الحكومة في تعزيز مسار ديمقراطي قائم على العدل والمحاسبة وتعزيز دور المؤسسات، ما شأنه أن يؤكد الصورة الجميلة عن عُمان التي طالما عرفت بأنها "حكيمة الدبلوماسية في الشرق".
والواقع أنّ الشورى كانت، على مرّ السنين، حاضرةً في الوعي الجمعي لأهل عُمان، سيرا على نهج السلف من أهل "الحلّ والعقد"، حين دأب حمَلة العلم الذين قدِموا من البصرة في القرن الثامن الميلادي، والذين واصلوا دورهم التنويري في تشكيل هوية الدولة، حتى النصف الأول من القرن الماضي. ومنذ ذلك العهد، تأصّلت قيم التشاور وترسّخت في وجدان العُمانيين وتشكّل وعيهم بأهمية المشاركة في التغيير بالشّورى. هكذا عُرف العُماني دوما بانخراطه القوي في العملية السياسية، شرطه الوحيد أن يواكب ذلك تفاعل من الحكومة، ولذلك تزداد المشاركة طرديا، فما إن يكسب المواطن الثقة والنزاهة، حتى يقبل على المشاركة الانتخابية بقوة أكبر.
وقد حظيت انتخابات مجلس الشورى، في دورتها الحالية، باهتمام ملحوظ من مختلف الشرائح التي تابعت أجواءها وكواليسها عبر الوسائط والوسائل المتاحة، التقليدية منها والعصرية. وبما أن نسبة الشباب في المجتمع العماني اليوم تفوق 40%، فقد شكلت وسائط التواصل الاجتماعي "رقيبا" مباشرا لعملية الاقتراع. واستثمر الشباب هذه الوسائط في التدرّج في مواكبة هذه الاستحقاقات المهمة في طريق نقل مجتمعهم نحو الخيار الديمقراطي الذي اتّضحت بعض معالمه بحدوث تغييرٍ واسع على المجلس المنتخَب، إذ غادر أكثر من ثلثي الأعضاء السابقين مقاعدهم، وحلّ مكانهم أعضاء يصل أكثرهم إلى قبّة البرلمان للمرة الأولى.
وكانت الدولة في مستوى الحدث، ووفرت ما يلزم من لوجستيك وموارد من آخر ما توصّلت إليه الأدمغة، إذ جرى التصويت عبر جهاز "صوتك"، وهو عُماني الصنع، وقد وُزّعت منه 994 جهازا على مراكز التصويت الـ110 التي غطّت كل مناطق عُمان، كما استدعت وزارة الإعلام أكثر من سبعين إعلاميا من مختلف بلدان العالم، لمراقبة الحدث والاطلاع عليه عن قرب، حيث قام الضيوف بعمل جولاتٍ ميدانيةٍ لمختلف مناطق التصويت.
وفي رقم يشي بمستوى تطوّر وعي المرأة العُمانية بمحورية العمل السياسي وأهميته، وصل عدد المترشحات، لأول مرة في تاريخ مجلس الشورى، إلى 40، احتلت بعضهنّ المساحة الأكبر من حيث الإثارة والتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي. كما فاق عدد المشاركين في اختيار الـ86 عضوا الذين تم اختيارهم من بين المرشحين الـ637 الـ350 ألف ناخب.
تَشكّل المترشحون من فسيفساء متنوعة، ومن خلفيات ومرجعيات سياسية وإيديولوجية متعدّدة، فكانت بينهم أصوات نسائية ليبرالية، مثل بسمة الكيومي، ومحامون، مثل يعقوب الحارثي، وإعلاميون، مثل علي بن خلفان الحسني، وأدباء، مثل طاهرة اللواتية. كما أن 28 مترشحا هم من حمَلة الدكتوراه.
ومما يمكن ملاحظته أن التصويتات التي كانت، في السابق، تجرى لصالح النزعة القبلية، أو القرابة، قد أخذت تتلاشى تدريجياً مع كل دورة من دورات المجلس، وبتنا نرى، بوضوح، برامج انتخابية منظمة، وأهدافاً محدّدة للمترشحين، تراعي جانب المصلحة الجماعية، ما يجعل الأعضاء المنتخبين أمام مسؤولية تحقيق برامجهم طوال أربع سنوات، والتي بدت ملامِسةً للواقع اليومي للمواطن، ومنسجمة مع ارتفاع سقف آماله وطموحاته مع كل دورة.
أختم به بأن أشدّ على أيدي المرأة العُمانية، في شخص العضوتين المحترمتين اللتين التحقتا بالمجلس، طاهرة اللواتية، وهي إعلامية استشارية نفسية وأسَرية، حاصلة على الدكتوراه في النقد الأدبي والنفسي، وفضيلة الرحيلية، وهي حاصلة على الدكتوراه في مناهج وطرق تدريس الرياضيات، وتشغل منصب رئيسة جمعية المرأة في صحار.
وقد حظيت انتخابات مجلس الشورى، في دورتها الحالية، باهتمام ملحوظ من مختلف الشرائح التي تابعت أجواءها وكواليسها عبر الوسائط والوسائل المتاحة، التقليدية منها والعصرية. وبما أن نسبة الشباب في المجتمع العماني اليوم تفوق 40%، فقد شكلت وسائط التواصل الاجتماعي "رقيبا" مباشرا لعملية الاقتراع. واستثمر الشباب هذه الوسائط في التدرّج في مواكبة هذه الاستحقاقات المهمة في طريق نقل مجتمعهم نحو الخيار الديمقراطي الذي اتّضحت بعض معالمه بحدوث تغييرٍ واسع على المجلس المنتخَب، إذ غادر أكثر من ثلثي الأعضاء السابقين مقاعدهم، وحلّ مكانهم أعضاء يصل أكثرهم إلى قبّة البرلمان للمرة الأولى.
وكانت الدولة في مستوى الحدث، ووفرت ما يلزم من لوجستيك وموارد من آخر ما توصّلت إليه الأدمغة، إذ جرى التصويت عبر جهاز "صوتك"، وهو عُماني الصنع، وقد وُزّعت منه 994 جهازا على مراكز التصويت الـ110 التي غطّت كل مناطق عُمان، كما استدعت وزارة الإعلام أكثر من سبعين إعلاميا من مختلف بلدان العالم، لمراقبة الحدث والاطلاع عليه عن قرب، حيث قام الضيوف بعمل جولاتٍ ميدانيةٍ لمختلف مناطق التصويت.
وفي رقم يشي بمستوى تطوّر وعي المرأة العُمانية بمحورية العمل السياسي وأهميته، وصل عدد المترشحات، لأول مرة في تاريخ مجلس الشورى، إلى 40، احتلت بعضهنّ المساحة الأكبر من حيث الإثارة والتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي. كما فاق عدد المشاركين في اختيار الـ86 عضوا الذين تم اختيارهم من بين المرشحين الـ637 الـ350 ألف ناخب.
تَشكّل المترشحون من فسيفساء متنوعة، ومن خلفيات ومرجعيات سياسية وإيديولوجية متعدّدة، فكانت بينهم أصوات نسائية ليبرالية، مثل بسمة الكيومي، ومحامون، مثل يعقوب الحارثي، وإعلاميون، مثل علي بن خلفان الحسني، وأدباء، مثل طاهرة اللواتية. كما أن 28 مترشحا هم من حمَلة الدكتوراه.
ومما يمكن ملاحظته أن التصويتات التي كانت، في السابق، تجرى لصالح النزعة القبلية، أو القرابة، قد أخذت تتلاشى تدريجياً مع كل دورة من دورات المجلس، وبتنا نرى، بوضوح، برامج انتخابية منظمة، وأهدافاً محدّدة للمترشحين، تراعي جانب المصلحة الجماعية، ما يجعل الأعضاء المنتخبين أمام مسؤولية تحقيق برامجهم طوال أربع سنوات، والتي بدت ملامِسةً للواقع اليومي للمواطن، ومنسجمة مع ارتفاع سقف آماله وطموحاته مع كل دورة.
أختم به بأن أشدّ على أيدي المرأة العُمانية، في شخص العضوتين المحترمتين اللتين التحقتا بالمجلس، طاهرة اللواتية، وهي إعلامية استشارية نفسية وأسَرية، حاصلة على الدكتوراه في النقد الأدبي والنفسي، وفضيلة الرحيلية، وهي حاصلة على الدكتوراه في مناهج وطرق تدريس الرياضيات، وتشغل منصب رئيسة جمعية المرأة في صحار.
دلالات
محمود الرحبي
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية
محمود الرحبي
مقالات أخرى
21 أكتوبر 2024
14 أكتوبر 2024
07 أكتوبر 2024