بات الموقف المصري الضعيف في التفاوض مع صندوق النقد الدولي في وضع أكثر حرجاً، بعد تقرير مجلة إيكونوميست البريطانية مطلع الأسبوع الحالي، والذي قالت فيه إن سياسة نظام عبد الفتاح السيسي، الذي قاد الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، تؤدي إلى تدمير مصر، مشيرة إلى تدهور غير مسبوق لاقتصاد البلاد في تاريخها الحديث.
ولا تزال بعثة صندوق النقد التي تزور مصر منذ نهاية يوليو/تموز الماضي، تجري مفاوضاتها مع الحكومة المصرية، التي تتوق للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
وقال مسؤول بارز فى وزارة التخطيط لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تجري مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي، وسط خلاف على العديد من القضايا، لاسيما المتعلقة بسعر الصرف وطرق الإنفاق.
وبحسب المسؤول فإن بعثة الصندوق التقت محافظ البنك المركزي، طارق عامر، الأسبوع الجاري للتعرف على السياسة النقدية للبنك خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن البعثة ناقشت مع محافظ البنك المركزي ضرورة تحرير سعر صرف الجنيه وتركه لآليات العرض والطلب خلال الفترة الحالية، والقضاء على سياسة السعرين حيث لايزال سعر الدولار في المصارف المصرية يقل بكثير عن المتداول فى السوق الموازي (السوداء).
وأضاف أن المركزي المصري يرفض تعويم الجنيه (تركه للعرض والطلب في السوق)، مبرراً ذلك برغبته في وصول الاحتياطي إلى 20 مليار دولار على الأقل قبل الإقدام على تعويم العملة.
انخفاض الاحتياطي... إذعان للشروط
لكن مصادر مصرفية، قالت لـ "العربي الجديد" إن انخفاض الاحتياطي النقدي لمصر خلال يوليو/ تموز 2016 بقيمة ملياري دولار، ليصل إلى 15.5 مليار دولار، مقابل 17.5 مليار دولار في يونيو/حزيران، قد يجبر البنك المركزي على الرضوخ لمطالب صندوق النقد وإعادة النظر في تعويم الجنيه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن بعثة صندوق النقد ترى أن السعر العادل للدولار هو 11.60 جنيهاً، بينما تقول الحكومة إن السعر لا يتجاوز 10.60 جنيهات.
ويبلغ السعر الرسمي الحالي 8.88، في حين يجري تداوله في السوق الموازية (السوداء) بما يقرب من 12.40 جنيهاً، بينما كان قد تجاوز نهاية الشهر الماضي 13 جنيهاً.
ولم تفلح الحملات التي يشنها البنك المركزي ضد شركات الصرافة في كبح سعر الدولار بالسوق السوداء، فقد أغلق البنك المركزي يوم الأحد الماضي 10 شركات صرافة، ليرتفع إجمالي الشركات التي تم إغلاقها إلى 40 شركة بدعوى التلاعب في أسعار صرف العملات والقيام بمضاربات.
وكان بنك الاستثمار "سي أي كابيتال"، أحد أكبر بنوك الاستثمار العاملة في مصر، قد توقع في تقرير له مطلع الأسبوع الجاري، أن يصل سعر الدولار رسمياً إلى 11.6 جنيهاً بنهاية العام المالي الحالي في يونيو 2017، وذلك بناء على المفاوضات مع صندوق النقد.
وتزداد الضغوط على الاقتصاد المصري العليل، بسبب تراجع موارد النقد الأجنبي الرئيسية، لاسيما في ظل الانخفاض الحاد للسياحة وعائدات التصدير وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
ودعت هذه الأوضاع مجلة إيكونوميست إلى وصف اقتصاد مصر بالمتدهور إلى مستويات غير مسبوقة، مما يهيئ الأوضاع لانفجار جديد، حيث النظام المصري مفلس، ويعتمد على "حقن نقود سخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المساعدات العسكرية الأميركية".
نظام السيسي مرتبك
وتتزايد فجوات الموازنة والعجز المالي في مصر، رغم المليارات البترودولارية (مساعدات الخليج النفطية والدولارية)، مما دعا نظام السيسي لأن يذهب خالي الوفاض إلى صندوق النقد الدولي طالباً 12 مليار دولار كحزمة إنقاذ مالي، وفق المجلة البريطانية.
وتسبب تقرير الإيكونوميست في إرباك النظام المصري الذي يستقبل بعثة صندوق النقد الدولي التي من المقرر أن تغادر بعد غد الخميس بعد أسبوعين من التفاوض مع الحكومة على برنامج للإصلاح الاقتصادي يسمح بتقديم قروض كبيرة حيث تطلب مصر نحو 12 مليار دولار.
ودعا وصف الإيكونوميست للوضع في مصر، الخارجية المصرية على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أحمد أبو زيد، إلى وصف التقرير بـ "المشين"، مضيفاً أن المجلة لجأت إلى "أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة".
وأشارت المجلة إلى أن النظام المصري أهدر مليارات الدولارات على مشاريع وهمية، فقد افتتح السيسي في أغسطس/آب من العام الماضي 2015 تفريعة جديدة لقناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، واعداً المصريين بدخل قدره 100 مليار دولار سنوياً منها، لكن إيرادات القناة قد انخفضت، كما ذهبت وعود ببناء مدينة تشبه دبي أدراج الرياح.
وبحسب الإيكونوميست فإن داعمي مصر من دول الخليج قد يئسوا من انتشال البلاد من أزمتها. وتسود حالة من الغضب حلفاء السيسي في الخليج.
وقالت إنه يتعين على دول العالم تغيير سياستها تجاه مصر، فيجب ربط أي مساعدات اقتصادية بتعويم الجنيه، وتقليل الإنفاق الحكومي، وكبح جماح الفساد، ورفع الدعم.
وذكر أشرف العربي، عضو مجلس النواب (البرلمان) في تصريحات صحافية، أن إعلان مصر عن رغبتها في اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد، لا يعني أنها قد تحصل على هذا المبلغ، فالأمر يتوقف على البرنامج الذي تقدمه الحكومة للصندوق.
وقالت بسنت فهمي، عضوة البرلمان، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "الاقتراض من الصندوق يمثل خياراً مراً"، لكن الظروف الحالية لا تحتم التأخر في الحصول على القرض.
وتبدو الأوضاع في مصر على صفيح ساخن للغاية، وفق وصف الإيكونوميست، مشيرة إلى أن السيسي لن يقوى على الحفاظ على نظامه للأبد، رغم أن الشرطة تبذل الكثير من الجهود في قمع المعارضين.
وذكرت المجلة أن ارتفاع نسبة الشباب في بلدان العالم هو مدعاة للنهضة الاقتصادية. أما في الديكتاتوريات العربية فهم يعتبرون خطراً، لأنهم الطليعة التي أشعلت الانتفاضات في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهددت عروش دول أخرى.
وقالت إن السيسي أثبت عدم كفاءة اقتصادية تماثل انعدام كفاءة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي كان أطاحه السيسي حينما كان وزيراً للدفاع.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تبلغ 40%، وبسبب التدهور الاقتصادي، لا تقبل الحكومة أي تعيينات جديدة، فهي مثقلة في الأصل بموظفين لا يفعلون شيئاً، ولا يمكن للقطاع الخاص استيعاب هذا الكم من العاطلين عن العمل.
اقــرأ أيضاً
ولا تزال بعثة صندوق النقد التي تزور مصر منذ نهاية يوليو/تموز الماضي، تجري مفاوضاتها مع الحكومة المصرية، التي تتوق للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
وقال مسؤول بارز فى وزارة التخطيط لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تجري مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي، وسط خلاف على العديد من القضايا، لاسيما المتعلقة بسعر الصرف وطرق الإنفاق.
وبحسب المسؤول فإن بعثة الصندوق التقت محافظ البنك المركزي، طارق عامر، الأسبوع الجاري للتعرف على السياسة النقدية للبنك خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن البعثة ناقشت مع محافظ البنك المركزي ضرورة تحرير سعر صرف الجنيه وتركه لآليات العرض والطلب خلال الفترة الحالية، والقضاء على سياسة السعرين حيث لايزال سعر الدولار في المصارف المصرية يقل بكثير عن المتداول فى السوق الموازي (السوداء).
وأضاف أن المركزي المصري يرفض تعويم الجنيه (تركه للعرض والطلب في السوق)، مبرراً ذلك برغبته في وصول الاحتياطي إلى 20 مليار دولار على الأقل قبل الإقدام على تعويم العملة.
انخفاض الاحتياطي... إذعان للشروط
لكن مصادر مصرفية، قالت لـ "العربي الجديد" إن انخفاض الاحتياطي النقدي لمصر خلال يوليو/ تموز 2016 بقيمة ملياري دولار، ليصل إلى 15.5 مليار دولار، مقابل 17.5 مليار دولار في يونيو/حزيران، قد يجبر البنك المركزي على الرضوخ لمطالب صندوق النقد وإعادة النظر في تعويم الجنيه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن بعثة صندوق النقد ترى أن السعر العادل للدولار هو 11.60 جنيهاً، بينما تقول الحكومة إن السعر لا يتجاوز 10.60 جنيهات.
ويبلغ السعر الرسمي الحالي 8.88، في حين يجري تداوله في السوق الموازية (السوداء) بما يقرب من 12.40 جنيهاً، بينما كان قد تجاوز نهاية الشهر الماضي 13 جنيهاً.
ولم تفلح الحملات التي يشنها البنك المركزي ضد شركات الصرافة في كبح سعر الدولار بالسوق السوداء، فقد أغلق البنك المركزي يوم الأحد الماضي 10 شركات صرافة، ليرتفع إجمالي الشركات التي تم إغلاقها إلى 40 شركة بدعوى التلاعب في أسعار صرف العملات والقيام بمضاربات.
وكان بنك الاستثمار "سي أي كابيتال"، أحد أكبر بنوك الاستثمار العاملة في مصر، قد توقع في تقرير له مطلع الأسبوع الجاري، أن يصل سعر الدولار رسمياً إلى 11.6 جنيهاً بنهاية العام المالي الحالي في يونيو 2017، وذلك بناء على المفاوضات مع صندوق النقد.
وتزداد الضغوط على الاقتصاد المصري العليل، بسبب تراجع موارد النقد الأجنبي الرئيسية، لاسيما في ظل الانخفاض الحاد للسياحة وعائدات التصدير وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
ودعت هذه الأوضاع مجلة إيكونوميست إلى وصف اقتصاد مصر بالمتدهور إلى مستويات غير مسبوقة، مما يهيئ الأوضاع لانفجار جديد، حيث النظام المصري مفلس، ويعتمد على "حقن نقود سخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المساعدات العسكرية الأميركية".
نظام السيسي مرتبك
وتتزايد فجوات الموازنة والعجز المالي في مصر، رغم المليارات البترودولارية (مساعدات الخليج النفطية والدولارية)، مما دعا نظام السيسي لأن يذهب خالي الوفاض إلى صندوق النقد الدولي طالباً 12 مليار دولار كحزمة إنقاذ مالي، وفق المجلة البريطانية.
وتسبب تقرير الإيكونوميست في إرباك النظام المصري الذي يستقبل بعثة صندوق النقد الدولي التي من المقرر أن تغادر بعد غد الخميس بعد أسبوعين من التفاوض مع الحكومة على برنامج للإصلاح الاقتصادي يسمح بتقديم قروض كبيرة حيث تطلب مصر نحو 12 مليار دولار.
ودعا وصف الإيكونوميست للوضع في مصر، الخارجية المصرية على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أحمد أبو زيد، إلى وصف التقرير بـ "المشين"، مضيفاً أن المجلة لجأت إلى "أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة".
وأشارت المجلة إلى أن النظام المصري أهدر مليارات الدولارات على مشاريع وهمية، فقد افتتح السيسي في أغسطس/آب من العام الماضي 2015 تفريعة جديدة لقناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، واعداً المصريين بدخل قدره 100 مليار دولار سنوياً منها، لكن إيرادات القناة قد انخفضت، كما ذهبت وعود ببناء مدينة تشبه دبي أدراج الرياح.
وبحسب الإيكونوميست فإن داعمي مصر من دول الخليج قد يئسوا من انتشال البلاد من أزمتها. وتسود حالة من الغضب حلفاء السيسي في الخليج.
وقالت إنه يتعين على دول العالم تغيير سياستها تجاه مصر، فيجب ربط أي مساعدات اقتصادية بتعويم الجنيه، وتقليل الإنفاق الحكومي، وكبح جماح الفساد، ورفع الدعم.
وذكر أشرف العربي، عضو مجلس النواب (البرلمان) في تصريحات صحافية، أن إعلان مصر عن رغبتها في اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد، لا يعني أنها قد تحصل على هذا المبلغ، فالأمر يتوقف على البرنامج الذي تقدمه الحكومة للصندوق.
وقالت بسنت فهمي، عضوة البرلمان، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "الاقتراض من الصندوق يمثل خياراً مراً"، لكن الظروف الحالية لا تحتم التأخر في الحصول على القرض.
وتبدو الأوضاع في مصر على صفيح ساخن للغاية، وفق وصف الإيكونوميست، مشيرة إلى أن السيسي لن يقوى على الحفاظ على نظامه للأبد، رغم أن الشرطة تبذل الكثير من الجهود في قمع المعارضين.
وذكرت المجلة أن ارتفاع نسبة الشباب في بلدان العالم هو مدعاة للنهضة الاقتصادية. أما في الديكتاتوريات العربية فهم يعتبرون خطراً، لأنهم الطليعة التي أشعلت الانتفاضات في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهددت عروش دول أخرى.
وقالت إن السيسي أثبت عدم كفاءة اقتصادية تماثل انعدام كفاءة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي كان أطاحه السيسي حينما كان وزيراً للدفاع.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تبلغ 40%، وبسبب التدهور الاقتصادي، لا تقبل الحكومة أي تعيينات جديدة، فهي مثقلة في الأصل بموظفين لا يفعلون شيئاً، ولا يمكن للقطاع الخاص استيعاب هذا الكم من العاطلين عن العمل.