توقفت التجارب السريرية النهائية للقاح فيروس كورونا، الذي طورته شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد، مؤقتاً، بعد مرض أحد المشاركين في التجارب في بريطانيا، وفقاً لما ذكر موقع "بي بي سي" اليوم. ووصفت شركة أسترازينيكا الأمر بأنه "إجراء روتيني" يتم في حالة إصابة أي مشترك بأي "مرض غير واضح".
وأكدت سارة جيلبرت، التي تقود فريق البحث في جامعة أكسفورد، في تصريحات سابقة لصحيفة الغارديان البريطانية، أن اللقاح لديه احتمال نجاح بنسبة 80 في المائة ليكون فعالًا في القضاء على الفيروس، لكن المتحدث باسم "أسترا زينكا" أبلغ الصحيفة أنه "تم إيقاف التجربة لمراجعة المرض غير المبرر المحتمل لدى أحد المتطوعين المشاركين".
وقال المتحدث باسم الشركة الإنكليزية السويدية: "كجزء من التجارب العالمية العشوائية، والمراقبة الجارية للقاح أكسفورد لفيروس كورونا، تم تشغيل عملية المراجعة القياسية لدينا، وأوقفنا التطعيم طواعية للسماح بمراجعة بيانات السلامة من قبل لجنة مستقلة. هذا إجراء روتيني يجب أن يحدث عندما يكون هناك مرض محتمل غير مبرر في إحدى التجارب، ما يضمن الحفاظ على نزاهة التجارب".
وأوردت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إيقاف التجارب على هذا اللقاح منذ بدأت في إبريل/ نيسان الماضي، لكن الشركة لم تكشف عن تفاصيل "المرض غير المبرر"، في حين كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن أحد المتطوعين في البرنامج التجريبي "أصيب بالتهاب النخاع الشوكي المستعرض".
ينظر إلى لقاح شركة أسترا زينيكا وجامعة أكسفورد على أنه منافس قوي بين عشرات اللقاحات التي يتم تطويرها على مستوى العالم، وكانت الآمال كبيرة في أن يكون هذا اللقاح هو أول لقاح يطرح في السوق
وقال شخص مطلع على الموضوع للصحيفة، بشرط عدم الكشف عن هويته، إن "متطوعًا في التجربة تم تشخيصه بالتهاب النخاع المستعرض، وهو متلازمة التهابية تصيب النخاع الشوكي، وغالبًا ما تنجم عن عدوى فيروسية". لكن توقيت التشخيص، وما إذا كان مرتبطًا بشكل مباشر باللقاح لا يزالان غير معروفين.
وقالت طبيبة الأعصاب في مستشفى ييل نيو هافن، غابرييلا جارسيا، إن التهاب النخاع المستعرض يمكن أن ينتج عن عدد من الأسباب التي تؤدي إلى استجابات الجسم الالتهابية، بما في ذلك الالتهابات الفيروسية، لكنها أضافت أن الحالة غالبًا ما يمكن علاجها بسهولة.
وينظر إلى لقاح شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد على أنه منافس قوي بين عشرات اللقاحات التي يتم تطويرها على مستوى العالم. وكانت الآمال كبيرة في أن يكون هذا اللقاح هو أول لقاح يطرح في السوق، بعد نجاح اختبار كل من المرحلة الأولى والثانية.
وشارك في الانتقال إلى المرحلة الثالثة من اختبار اللقاح في الأسابيع الأخيرة حوالي 30 ألف مشارك في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل وجنوب أفريقيا. وغالباً ما تشمل تجارب المرحلة الثالثة للقاحات آلاف المشاركين ويمكن أن تستمر لسنوات عدة.
وتعليقاً على توقف اللقاح، قالت لوسيانا بوريو ، التي أشرفت على استعدادات الصحة العامة لمجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لـ"نيويورك تايمز": "في هذه المرحلة لا نعرف ما إذا كانت الأحداث التي أدت إلى التعليق مرتبطة بالتطعيم. لكن من المهم أن يخضعوا لتحقيق شامل".
شارك في الانتقال إلى المرحلة الثالثة من اختبار اللقاح في الأسابيع الأخيرة، حوالي 30 ألف مشارك في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل وجنوب أفريقيا
وأكد طبيب الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، فيليس تيان، أهمية التجارب العلمية والسريرية قبل طرح أي لقاح، وقال: "هنا تأتي أهمية القيام بالمرحلة الثانية، والثالثة لأي لقاح، لأننا نحتاج إلى تقييم السلامة، ولن نعرف فعالية اللقاح إلا بعد ذلك. توقفت التجربة حتى يتمكن مجلس السلامة من معرفة ما إذا كان هذا مرتبطًا بشكل مباشر باللقاح أم لا".
ولم تعلق "أسترا زينكا" على هذه التقارير التي تشير إلى أن إصابة متطوع بالتهاب النخاع المستعرض هو الذي تسبب في توقف التجارب. وقال أستاذ علم اللقاحات بجامعة سيدني، روبرت بوي، لصحيفة الغارديان، إن "الإيقاف المؤقت للتجربة بناءً على رد فعل أحد المشاركين هو على الأرجح نتاج كونه شديد الحذر، وليس مشكلة في اللقاح".
وأضاف: "لنكن واقعيين، لن يعيدنا أي لقاح إلى الوضع الطبيعي، وعندما نقوم بتلقيح أكثر من 10000 شخص سيكون هناك أشياء غريبة تحدث، لذا فهم بحاجة إلى إيقاف التجربة لفحص ما حدث بعناية، ومن المرجح استئناف التجارب في غضون شهر إذا قدم التحقيق نتائج مطمئنة".
وتتسابق شركات ومختبرات الأدوية حول العالم لإنتاج لقاح لفيروس كورونا يمكن أن يضع حدًا لانتشار الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 890 ألف شخص على مستوى العالم.
وسعت مجموعة من تسعة مطورين للقاح كوفيد-19 لطمأنة الجمهور، الثلاثاء، من خلال الإعلان عن "تعهد تاريخي" بالتمسك بالمعايير العلمية والأخلاقية في البحث عن لقاح. وكانت أسترازينيكا من بين الشركات التسع التي وقعت على التعهد، وقد قدمت طلباً للحصول على الموافقة التنظيمية، بعد أن مرت اللقاحات بثلاث مراحل من الدراسة السريرية
وحسب منظمة الصحة العالمية، فإنه يجرى اختبار ما يقرب من 180 لقاحاً محتملاً في جميع أنحاء العالم، لكن لم يتم الانتهاء من التجارب السريرية. وقالت المنظمة إنها لا تتوقع أن يلبي اللقاح إرشادات فعاليته وسلامته حتى تتم الموافقة عليه هذا العام بسبب الوقت الذي يستغرقه اختباره بأمان.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت كل من الصين وروسيا في تلقيح بعض العاملين الرئيسيين بلقاحات مطورة محلياً. ولا تزال اللقاحات هذه مدرجة على أنها في مرحلة التجارب السريرية من قبل منظمة الصحة العالمية.
وفي الوقت نفسه، اقترحت الهيئة التنظيمية الوطنية الأميركية، إدارة الغذاء والدواء، أن تتم الموافقة على لقاحات فيروس كورونا قبل إكمال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
وتمّ الحديث خلال الأسبوع الماضي أنّ المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها قد حثت الولايات على النظر في التنازل عن متطلبات معينة حتى تكون جاهزة لتوزيع لقاح محتمل بحلول 1 نوفمبر/ تشرين الثاني؛ أي قبل يومين من الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وعلى الرغم من أنّ الرئيس ترامب لمّح إلى أنّ لقاحاً قد يكون متاحاً قبل الانتخابات، إلا أنّ منافسه الديمقراطي جو بايدن أعرب عن شكوكه في أنّ ترامب سيستمع إلى العلماء وينفذ عملية شفافة.