لم يكن السائق المقدسي الشاب منتصر أحمد عيسى (23 عاماً) يتوقع الاعتداء عليه بوحشية، الخميس، قرب محطة الحافلات المقابلة للمجمع التجاري في مستوطنة "بسغات زئيف"، المقامة على أراضي القدس المحتلة، حيث يعمل سائقاً في شركة الحافلات الإسرائيلية "إيغد".
ونجا منتصر من موت محقق من بين أنياب كلب بوليسي ضخم هاجمه، والذي يعود لجندي في الوحدة الخاصة بشرطة الاحتلال والمعروفة بوحشيتها.
غادر منتصر منزل العائلة، القريب من الحاجز العسكري المقام على مدخل مخيم شعفاط شمال القدس، لقيادة الحافلة باتجاه مكان عمله، وحين توقف في إحدى المحطات صعد أحد المستوطنين، وهو جندي في وحدة ياسام الخاصة، يرتدي ملابس مدنية مصطحباً كلبه الضخم إلى داخل الحافلة.
ما جرى بعد ذلك رواه السائق الضحية في حديثه لـ"العربي الجديد"، وقال: "طلبت من الجندي عدم صعود الكلب إلى داخل الحافلة، لأن ذلك يعرضني للمساءلة، لكنه رفض وشرع بشتمي قبل أن يتناول مكنسة خشبية وينهال بها على رأسي ووجهي حتى تحطمت، ثم أزاح اللثام عن فم كلبه وأطلقه باتجاهي لينهشني في جميع أنحاء جسدي، بما في ذلك منطقة قريبة جداً من الأماكن الحساسة، ثم فقدت الوعي بعدها".
وأضاف: "حدث كل ذلك أمام حشد من المستوطنين يربو على عشرين مستوطناً ورجل أمن إسرائيلي، وطلبت مساعدتهم لكنهم امتنعوا عن مساعدتي وإنقاذي من أنياب الكلب، أو وقف الاعتداء عليّ جسدياً من قبل الجندي المستوطن، حتى وجدت نفسي في مشفى (شعاريه تسيدك)، بعد أن قدم لي المساعدة صديق مر بالمكان، ومواطن آخر في المستشفى، وحتى بعد أن استفقت من حالة فقدان الوعي لم أكن أتذكر ما حدث معي".
وفي كل اعتداء يتعرض له عربي، ويكون هو الضحية غالباً، تتباطأ شرطة الاحتلال عن الحضور، فيما يقول منتصر: "حضر أحد محققي شرطة الاحتلال إلى المستشفى وسجل إفادتي عن الحادث، لكن في مكان الاعتداء، وبينما كنت أستنجد برجال الأمن، كانوا وكأن شيئاً لا يحدث، لقد أخبرتهم (لو أن الفاعل عربي لأفرغتم مخازن الرصاص في جسده!)".
في منزله حيث التقيناه، لم يكن منتصر قادراً على استجماع كل قواه، لقد تغيرت نبرة صوته، وتسبب جرح في لسانه بألم عظيم، جعله غير قادر على تناول الطعام باستثناء مياه الشرب. السائق الذي بدا متضرراً نفسياً، كشف لنا عن أماكن مختلفة من جسده تظهر وحشية الاعتداء ومقترفيه، لقد اصطبغت ساقاه باللون الأحمر الداكن وبخدوش عميقة من أنياب الكلب، بينما ظهرت على فمه آثار الضرب بعصا المكنسة التي تحطمت على ظهره، في حين جلس بصعوبة على كرسي من البلاستيك وهو يروي تفاصيل ما حدث.
عدا ذلك، حدثنا منتصر عن سرقة هاتفه النقال وما كان لديه من مال، وسرق المعتدي ما في الحافلة من موجودات خاصة بالضحية، ولعل ما جرى من اعتداء وحشي على منتصر يعيد إلى الأذهان سلسلة طويلة من الاعتداءات التي استهدفت سائقي حافلات "إيغد" من الفلسطينيين، فقد خلالها أحدهم وهو يوسف قنيبي قبل عامين حياته، وفقد سائق آخر من مخيم شعفاط عينه في اعتداءات عنصرية، ولم يُعتقل مقترفوها. والأمر بالنسبة لمنتصر شيء آخر، حيث أكد أنه سيلاحق المعتدي قانونياً حتى يُعتقل ويلقى جزاءه.