قال مسؤولون في قطاع المقاولات وخبراء ماليون، إن من المتوقع أن يشهد القطاع ضغوطاً كبيرة خلال العامين المقبلين، بسبب نوايا الحكومة المعلنة بتقليص الإنفاق عبر تأجيل المشاريع غير الضرورية، وتمديد مدة بعض المشاريع القائمة، للحد من تآكل الاحتياطي النقدي للبلاد، في ظل استمرار تراجع أسعار النفط، والتي تمول نحو 93% من موازنة الدولة.
وأكد رئيس مجلس إدارة الغرف التجارية السابق وعضو مجلس الشورى عبدالرحمن الراشد أن أرباح شركات المقاولات، وخاصة الكبيرة ستتأثر حتماً بشكل كبير جراء تقليص الإنفاق الحكومي.
وقال الراشد الذي يملك واحدة من أكبر شركات المقاولات في السعودية في تصريح لـ"العربي الجديد": "الإنفاق سيركز على الأولويات، وهناك توجه لتأجيل بعض المشاريع، وتمديد مدة تنفيذ أخرى".
وأضاف أن "القطاع الحكومي هو أكبر قطاع يستثمر في المشاريع، والتي تشغل شركات المقاولات، فتركيبة الاقتصاد السعودي ما تزال معتمدة على الإنفاق الحكومي، والذي يشكل الجزء الأكبر من الدخل القومي، وأي تأثر يطاوله سيؤثر على الجميع بلا استثناء".
وعلى مدى السنوات الماضية، أنفقت السعودية بسخاء على مشروعات البنية الأساسية والنقل والمرافق الصناعية والرعاية الاجتماعية، ما عزّز أرباح شركات المقاولات. لكن المخاوف من تسجيل عجز قياسي في موازنة أكبر مصدر للنفط في العالم تلقي بظلالها على نشاط القطاع.
وكان وزير المالية، إبراهيم العساف، قد قال في سبتمبر/أيلول الماضي، إن الحكومة بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الرئيسية. لكنه لم يخض في تفاصيل.
وبلغ حجم العقود الحكومية في عام 2014 أكثر من 39 مليار دولار، بينما بلغ عدد المقاولين المسجلين في السعودية حتى منتصف العام الجاري نحو 115 ألف مقاول.
وتجاوز الإنفاق الحكومي على قطاع الإنشاءات 300 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، وكانت الحكومة تنوي إنفاق ما يقارب 230 مليار دولار إضافية على هذا القطاع بحلول عام 2025، غير أن تراجع أسعار النفط لأكثر من 60% منذ منتصف العام الماضي أجبرها على تغيير هذه الخطط.
وقال الرشيد إن "أكثر من مليوني وظيفة قد يتم فقدها جراء تراجع قطاع الإنشاءات والمقاولات في السعودية"، مشيراً إلى أنه يعد ثاني أكبر القطاعات الاقتصادية في البلاد بعد قطاع النفط، حيث تمثل شركاته أكثر من 27% من إجمالي المنشآت العاملة في البلاد. وأضاف "القطاع مرشح لأن يمر بأزمة كبيرة قد تستمر نحو عامين، بجانب الصناعات المغذية له".
وتم تأجيل إنشاء 11 ملعباً كان قد أمر بها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إضافة لتأجيل مترو الدمام، وبعض المستشفيات والمدارس الجديدة، وتمديد مدة مترو الرياض لسنتين إضافيتين لتقليص النفقات السنوية.
ليس الإنفاق الحكومي المتراجع فقط هو ما يهدد شركات المقاولات، حيث تواجه بالأساس متاعب بسبب إصلاحات سوق العمل، بعد أن تعرضت على مدار الأعوام الماضية لضغوط تتعلق بتعيين المزيد من السعوديين، بدلاً من العمال الأجانب في إطار سياسة "السعودة"، والتي تستهدف خلق مزيد من الوظائف للمواطنين بالقطاع الخاص.
ويشكو المقاولون من صعوبة الإيفاء بمتطلبات وزارة العمل في برنامج توطين الوظائف، مشيرين إلى أن سعي الوزارة الجاد لسعودة القطاع أثر كثيراً على أعمال الشركات، وتعرضت المئات منها لعقوبات كبيرة جراء فشلها في إحداث نسبة "السعودة" المطلوبة والمحددة بـ 10%، بحجة أنه لا يوجد سعوديون كثيرون يرغبون في العمل في هذا القطاع والقبول بالرواتب الهزيلة التي تدفعها، والتي لا تتجاوز 800 دولار، مقابل ظروف عمل بالغة الصعوبة.
وبعد عقود من تطبيق سياسة السعودة، والتي لم تظهر نتائج مرضية في الحد من نسب البطالة بين السعوديين وفق البيانات الرسمية، فرضت وزارة العمل في أواخر عام 2011 عقوبات أشد صرامة على الشركات التي لا تلتزم بحصص توظيف المواطنين.
اقرأ أيضا: "بن لادن" السعودية تخطط لتسريح 15 ألف موظف
وفي 2012 قامت الوزارة بفرض رسوم على الشركات قدرها 2400 ريال (640 دولاراً) لكل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين من المواطنين السعوديين. كما وضعت شروطاً صعبة للاستقدام بهدف إجبارها على تشغيل المواطنين.
وطالب ممثلون عن المقاولين خلال اجتماع مع وزير العمل مفرج الحقباني مؤخراً بخفض نسب التوطين في الوظائف من 10% إلى 3% فقط للسعوديين.
وقال المختص في المقاولات، محمد المارك، إن الخطأ الكبير الذي ارتكبته شركات المقاولات هو الاعتماد على الإنفاق الحكومي، وبالتالي عندما تقرر الدولة تقليص هذا الإنفاق فسيتأثر هذا القطاع بشدة، وقد يطاول ذلك أكثر من 90% من الشركات التي ستعاني من ركود كبير، لأنها تركز على المناقصات الحكومية مضمونة المردود، وتفضلها على العمل في مشاريع القطاع الخاص.
وبحسب دراسة أعدها رئيس اتحاد المقاولين العرب، رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين، فهد الحمادي، فإن قطاع المقاولات أكثر القطاعات نمواً في المملكة.
وتوقعت الدراسة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها أن تصل استثمارات قطاع المقاولات العام المقبل 2016 إلى أكثر من 300 مليار دولار.
وقال المارك "الاعتماد على الإنفاق الحكومي وحده خطأ كبير، كان من المفترض أن تدخل شركات المقاولات بقوة في القطاع الخاص، ولكنها تفضل المشاريع الحكومية، على عكس القطاع الخاص الذي قد تدخل معه في مشاكل وقضايا للحصول على مستحقاتها، ولهذا ابتعدوا عنه، بينما تظل الحكومة ولو تأخرت دفاعتها مضمونة".
وتابع : "لدينا أزمة كبيرة في السكن، كان يفترض أن تفكر شركات المقاولات في إنشاء المباني، بدلاً من الاعتماد على العقود الحكومية السهلة".
ويبدو أن شركات المقاولات ستتأثر أيضاً بإقدام المملكة المتوقع على رفع أسعار الوقود محلياً، حيث يرجح أن ترتفع النفقات التشغيلية للشركات، خاصة في ما يتعلق بشراء مادة الديزل اللازمة لتشغيل المعدات والشاحنات.
وكان وزير البترول، علي النعيمي، قد قال في تصريحات مؤخراً إن الممكلة تدرس رفع أسعار الوقود، مؤكداً أن المملكة قد تخفض نظام الدعم السخي، والذي يلقى عليه باللوم في هدر الطاقة وتنامي استهلاك الوقود.
وبحسب تقارير وكالة الطاقة الدولية فإن المملكة تحتل المركز الثاني عالمياً بعد إيران في دعم استهلاك الوقود الأحفوري بقيمة بلغت 61 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في فبراير/شباط الماضي من أنه إذا استمرت أسعار الطاقة السعودية على هذا المستوى فسيؤدي إلى فقدان 20% من الناتج المحلي في عام 2018.
اقرأ أيضا: السعودية تعرض على روسيا مشاريع بقيمة 71 مليار دولار
وأكد رئيس مجلس إدارة الغرف التجارية السابق وعضو مجلس الشورى عبدالرحمن الراشد أن أرباح شركات المقاولات، وخاصة الكبيرة ستتأثر حتماً بشكل كبير جراء تقليص الإنفاق الحكومي.
وقال الراشد الذي يملك واحدة من أكبر شركات المقاولات في السعودية في تصريح لـ"العربي الجديد": "الإنفاق سيركز على الأولويات، وهناك توجه لتأجيل بعض المشاريع، وتمديد مدة تنفيذ أخرى".
وأضاف أن "القطاع الحكومي هو أكبر قطاع يستثمر في المشاريع، والتي تشغل شركات المقاولات، فتركيبة الاقتصاد السعودي ما تزال معتمدة على الإنفاق الحكومي، والذي يشكل الجزء الأكبر من الدخل القومي، وأي تأثر يطاوله سيؤثر على الجميع بلا استثناء".
وعلى مدى السنوات الماضية، أنفقت السعودية بسخاء على مشروعات البنية الأساسية والنقل والمرافق الصناعية والرعاية الاجتماعية، ما عزّز أرباح شركات المقاولات. لكن المخاوف من تسجيل عجز قياسي في موازنة أكبر مصدر للنفط في العالم تلقي بظلالها على نشاط القطاع.
وكان وزير المالية، إبراهيم العساف، قد قال في سبتمبر/أيلول الماضي، إن الحكومة بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الرئيسية. لكنه لم يخض في تفاصيل.
وبلغ حجم العقود الحكومية في عام 2014 أكثر من 39 مليار دولار، بينما بلغ عدد المقاولين المسجلين في السعودية حتى منتصف العام الجاري نحو 115 ألف مقاول.
وتجاوز الإنفاق الحكومي على قطاع الإنشاءات 300 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، وكانت الحكومة تنوي إنفاق ما يقارب 230 مليار دولار إضافية على هذا القطاع بحلول عام 2025، غير أن تراجع أسعار النفط لأكثر من 60% منذ منتصف العام الماضي أجبرها على تغيير هذه الخطط.
وقال الرشيد إن "أكثر من مليوني وظيفة قد يتم فقدها جراء تراجع قطاع الإنشاءات والمقاولات في السعودية"، مشيراً إلى أنه يعد ثاني أكبر القطاعات الاقتصادية في البلاد بعد قطاع النفط، حيث تمثل شركاته أكثر من 27% من إجمالي المنشآت العاملة في البلاد. وأضاف "القطاع مرشح لأن يمر بأزمة كبيرة قد تستمر نحو عامين، بجانب الصناعات المغذية له".
وتم تأجيل إنشاء 11 ملعباً كان قد أمر بها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إضافة لتأجيل مترو الدمام، وبعض المستشفيات والمدارس الجديدة، وتمديد مدة مترو الرياض لسنتين إضافيتين لتقليص النفقات السنوية.
ليس الإنفاق الحكومي المتراجع فقط هو ما يهدد شركات المقاولات، حيث تواجه بالأساس متاعب بسبب إصلاحات سوق العمل، بعد أن تعرضت على مدار الأعوام الماضية لضغوط تتعلق بتعيين المزيد من السعوديين، بدلاً من العمال الأجانب في إطار سياسة "السعودة"، والتي تستهدف خلق مزيد من الوظائف للمواطنين بالقطاع الخاص.
ويشكو المقاولون من صعوبة الإيفاء بمتطلبات وزارة العمل في برنامج توطين الوظائف، مشيرين إلى أن سعي الوزارة الجاد لسعودة القطاع أثر كثيراً على أعمال الشركات، وتعرضت المئات منها لعقوبات كبيرة جراء فشلها في إحداث نسبة "السعودة" المطلوبة والمحددة بـ 10%، بحجة أنه لا يوجد سعوديون كثيرون يرغبون في العمل في هذا القطاع والقبول بالرواتب الهزيلة التي تدفعها، والتي لا تتجاوز 800 دولار، مقابل ظروف عمل بالغة الصعوبة.
وبعد عقود من تطبيق سياسة السعودة، والتي لم تظهر نتائج مرضية في الحد من نسب البطالة بين السعوديين وفق البيانات الرسمية، فرضت وزارة العمل في أواخر عام 2011 عقوبات أشد صرامة على الشركات التي لا تلتزم بحصص توظيف المواطنين.
اقرأ أيضا: "بن لادن" السعودية تخطط لتسريح 15 ألف موظف
وفي 2012 قامت الوزارة بفرض رسوم على الشركات قدرها 2400 ريال (640 دولاراً) لكل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين من المواطنين السعوديين. كما وضعت شروطاً صعبة للاستقدام بهدف إجبارها على تشغيل المواطنين.
وطالب ممثلون عن المقاولين خلال اجتماع مع وزير العمل مفرج الحقباني مؤخراً بخفض نسب التوطين في الوظائف من 10% إلى 3% فقط للسعوديين.
وقال المختص في المقاولات، محمد المارك، إن الخطأ الكبير الذي ارتكبته شركات المقاولات هو الاعتماد على الإنفاق الحكومي، وبالتالي عندما تقرر الدولة تقليص هذا الإنفاق فسيتأثر هذا القطاع بشدة، وقد يطاول ذلك أكثر من 90% من الشركات التي ستعاني من ركود كبير، لأنها تركز على المناقصات الحكومية مضمونة المردود، وتفضلها على العمل في مشاريع القطاع الخاص.
وبحسب دراسة أعدها رئيس اتحاد المقاولين العرب، رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين، فهد الحمادي، فإن قطاع المقاولات أكثر القطاعات نمواً في المملكة.
وتوقعت الدراسة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها أن تصل استثمارات قطاع المقاولات العام المقبل 2016 إلى أكثر من 300 مليار دولار.
وقال المارك "الاعتماد على الإنفاق الحكومي وحده خطأ كبير، كان من المفترض أن تدخل شركات المقاولات بقوة في القطاع الخاص، ولكنها تفضل المشاريع الحكومية، على عكس القطاع الخاص الذي قد تدخل معه في مشاكل وقضايا للحصول على مستحقاتها، ولهذا ابتعدوا عنه، بينما تظل الحكومة ولو تأخرت دفاعتها مضمونة".
وتابع : "لدينا أزمة كبيرة في السكن، كان يفترض أن تفكر شركات المقاولات في إنشاء المباني، بدلاً من الاعتماد على العقود الحكومية السهلة".
ويبدو أن شركات المقاولات ستتأثر أيضاً بإقدام المملكة المتوقع على رفع أسعار الوقود محلياً، حيث يرجح أن ترتفع النفقات التشغيلية للشركات، خاصة في ما يتعلق بشراء مادة الديزل اللازمة لتشغيل المعدات والشاحنات.
وكان وزير البترول، علي النعيمي، قد قال في تصريحات مؤخراً إن الممكلة تدرس رفع أسعار الوقود، مؤكداً أن المملكة قد تخفض نظام الدعم السخي، والذي يلقى عليه باللوم في هدر الطاقة وتنامي استهلاك الوقود.
وبحسب تقارير وكالة الطاقة الدولية فإن المملكة تحتل المركز الثاني عالمياً بعد إيران في دعم استهلاك الوقود الأحفوري بقيمة بلغت 61 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في فبراير/شباط الماضي من أنه إذا استمرت أسعار الطاقة السعودية على هذا المستوى فسيؤدي إلى فقدان 20% من الناتج المحلي في عام 2018.
اقرأ أيضا: السعودية تعرض على روسيا مشاريع بقيمة 71 مليار دولار