طبعاً ترامب بدأ كعادة كل حملاته الرئاسية بالتهجم على منافسيه الجدد في الحزب الجمهوري ووصفهم بـ"المضحكين الثلاثة". على الرغم من أن نيل ترامب ترشيح حزبه مضمون لكنه كان يفضل تفادي التعامل مع اعتراضات من هذا النوع في ظل امتعاض الجمهوريين المعتدلين من الرئيس، وإعطاء شبكة "فوكس" مساحة لهؤلاء المرشحين الجمهوريين لإيصال أصواتهم المعارضة. استطلاعات الرأي في المرحلة المقبلة قد تعطي بعض المؤشرات إذا كانت هناك فعلاً حالة اعتراض جمهورية ضد ترامب، لكن كل المؤشرات تؤكد عكس ذلك حتى الآن.
ترامب بدأ فعلياً محاولات قطع الطريق على منافسيه الجمهوريين لتفادي أي سيناريو قد يضعف حملة إعادة انتخابه، لا سيما أنه في ظل قيادته لم يعد هناك تمييز بين إدارته وفريق حملته والمؤسسة الحزبية. أعلن الحزب الجمهوري في أربع ولايات (كارولينا الجنوبية ونيفادا وكنساس وإريزونا)، عن إلغاء الانتخابات التمهيدية في دوائرهم الانتخابية باعتبار أن كل مندوبيهم يؤيدون ترامب. أمام المراكز الحزبية في الولايات مهلة حتى الشهر المقبل لرفع تقاريرها عن الانتخابات التمهيدية إلى اللجنة المركزية في الحزب الجمهوري، ويتوقع أن يزداد عدد الولايات التي قد تعلن إلغاء انتخاباتها تأييداً لترامب.
هذا الأمر ليس سابقة باعتبار أن 10 ولايات ألغت عام 2004 انتخاباتها دعماً للرئيس الأسبق جورج بوش الابن عندما ترشح لولاية ثانية. على الرغم من أن الحزب الجمهوري لا يتدخل بقرار الولايات المتعلق بانتخاباتها التمهيدية، سافر فريق حملة ترامب إلى بعض هذه الولايات لإقناع الحزب الجمهوري فيها بإلغاء الانتخابات التمهيدية. في المقابل، يجهد المرشحون الجمهوريون الآخرون بالضغط على الولايات لتضع أسماءهم على لوائح الاقتراع للانتخابات التمهيدية.
بعدها قال جو والش، في تغريدة عن قرار إلغاء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في بعض الولايات، إن "هذا ما يفعله حزب سياسي عندما يخدم الملك"، فيما اعتبر ويلد أنها خطوة "مناهضة للديمقراطية". وبعد إعلان ترشيحه الرئاسي رسمياً عبر شبكة "فوكس"، دعا مارك سانفورد إلى "حوار حول ماذا يعني أن تكون جمهورياً"، وأعاد التذكير بأن المبادئ المحافظة هي في التقشف المالي على عكس الإنفاق الفيدرالي الحالي. لكن مشكلة خطاب سانفورد ليس في مضمونه بل بكونه يمثل الحركة المحافظة التقليدية التي تجاوزها ترامب وأقصاها عن الحزب الجمهوري.
ولا بد أيضاً من سياق تاريخي لتفسير وجود ثلاثة منافسين داخل حزب رئيس أميركي لا يزال في منصبه. حين واجه الرؤساء جورج بوش الأب وجيمي كارتر وجيرالد فورد مرشحي رئاسة من داخل حزبهم لم يحصلوا على ولاية ثانية، لكن القاسم المشترك بين هؤلاء أنه لم يكن لديهم دعم كاف داخل أحزابهم. آخر استطلاع لمؤسسة "غالوب" يشير إلى أن نسبة قبول ترامب بين الأميركيين هي 39 في المائة وهذا الرقم مقلق لحملته في الانتخابات العامة، لكن نسبة قبول ترامب بين الجمهوريين حالياً هي 88 في المائة، أي نسبة تجعله يهيمن على أي انتخابات تمهيدية. وإذا كان هناك أي تشابه تاريخي سيكون مرة أخرى بين ترامب وريتشارد نيكسون، كلاهما مثير للجدل بين الجمهوريين والأميركيين، نيكسون واجه منافسين جمهوريين (جون أشبروك وبيت مكلوسكي) خلال حملة إعادة انتخابه عام 1972 لكن نسبة تأييده بين الجمهوريين حينها كانت أكثر من 80 في المائة.
على الرغم من الحظوظ الضعيفة ومحاولات إغلاق الطرقات الانتخابية أمامهم، يتمسك المرشحون الثلاثة بحملاتهم الرئاسية التي تبدو حتى الآن تلقائية وغير منظمة ومن دون قدرة على جمع التبرعات الانتخابية. حتى سانفورد قال إنه وضع الخطوط العريضة لحملته الرئاسية خلال رحلة عبر الباص من نيويورك إلى واشنطن. هذه الانتخابات التمهيدية ضرورية للحفاظ على التنوّع داخل الحزب الجمهوري ولاستيعاب الجمهوريين المعتدلين بدل الذهاب إلى الديمقراطيين، لكن ترامب يرى أن الحزب الجمهوري هو حزبه الآن حتى إشعار آخر.