وفيما رفضت فرنسا تأييد قرار ترامب، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إن وضع القدس لا يمكن تحديده إلا عبر التفاوض.
وقال غوتيريس، تعقيباً على قرار ترامب، إن وضع القدس لا يمكن أن يحدد إلا عبر "تفاوض مباشر" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مذكراً بمواقفه السابقة التي تشدد على "رفض أي إجراء من طرف واحد".
وأضاف غوتيريس أنه "لا يوجد بديل عن حل الدولتين"، على أن تكون "القدس عاصمة لإسرائيل وفلسطين". وقال إنه "لا بديل عن حل الدولتين وإن قضية القدس يجب التفاوض عليها بمفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس قرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالموضوع. ويجب أن يراعي ذلك الحل مخاوف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني".
وأضاف "إنني أدرك المعنى الذي تعنيه هذه المدينة لكثيرين منذ عقود وستبقى كذلك. وأريد أن أوضح مجدداً أن لا خيار آخر غير حل الدولتين ولا خطة أخرى. عندما نقبل رؤية حل الدولتين بسلام جنباً إلى جنب، وكعاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين وحل جميع الأمور العالقة بشكل نهائي عن طريق المفاوضات سوف يحل السلام".
وحول دوره كأمين عام للأمم المتحدة قال غوتيريس "سأقوم بكل ما يمكنني فعله لدعم الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني للعودة إلى طاولة المفاوضات".
ودعت بوليفيا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن حول الموضوع، ومن غير الواضح حتى اللحظة إذا كانت ستعقد مساء اليوم بتوقيت نيويورك أم يوم غد. وأكدت السفارة الفلسطينية في نيويورك لـ"العربي الجديد" أن فلسطين ستتقدم بشكوى لمجلس الأمن ضد القرار الأميركي.
في السياق، نقلت قناة الجزيرة التلفزيونية عن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قوله إن قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو حكم بالإعدام على كل مساعي السلام.
ووصف القرار بأنه "تصعيد خطير". وكانت وزارة الخارجية القطرية قد قالت على "تويتر" في وقت سابق إن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حذّر من "التداعيات الخطيرة" لهذه الخطوة، في اتصال هاتفي مع ترامب.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا لا تؤيّد قرار الرئيس الأميركي "الأحادي" بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ودعا إلى الهدوء في المنطقة.
وأضاف للصحافيين، في مؤتمر صحافي في الجزائر اليوم، "هذا القرار مؤسف، وفرنسا لا تؤيده ويتناقض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وفيما نددت الخارجية التركية بالتحرّك "غير المسؤول" من أميركا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، دعت حركة حماس العرب والمسلمين إلى تقويض مكانة أميركا في المنطقة ونبذ إسرائيل. كذلك قالت الحركة إن إعلان ترامب اعتداء سافر على الشعب الفلسطيني.
كذلك دان وزير الخارجي التركي، مولود جاووش أوغلو، قرار ترامب. وجاء في تغريدة على حسابه على "تويتر": "نشعر بقلق كبير وندين تصريحات الإدارة الأميركية غير المسؤولة التي أعلنت خلالها القدس عاصمة لإسرائيل وكذلك نقل سفارتها إلى القدس، إن هذا القرار مخالف للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي".
من جهتها، قالت الحكومة الأردنية إن قرار ترامب "يمثل خرقاً لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، التي تؤكد أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض، وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض لاغية وباطلة".
وأكد الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، في بيان صحافي، اطلع عليه "العربي الجديد"، رفض بلاده القرار الأميركي، مؤكداً أنه يمهّد لزيادة التوتر، ويكرّس الاحتلال.
وأضاف "القدس قضية من قضايا الوضع النهائي، يجب أن يحسم وضعها في إطار حل شامل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ووفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
وشدّد المومني على أن "اعتراف أي دولة بالقدس عاصمة لإسرائيل لا ينشئ أي أثر قانوني في تغيير وضع القدس كأرض محتلة، وفق ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية في قرارها حول قضية الجدار العازل".
وقال إن "الاعتراف القانوني باطل قانوناً"، داعياً إلى أن تُمارس الولايات المتحدة دورها الأساس وسيطاً محايداً لحل الصراع وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، الذي أجمع العالم على أنه السبيل الوحيد لحل الصراع وتحقيق السلام الدائم.
ولفت إلى أن مواصلة المملكة جهودها الدبلوماسية المكثفة إقليمياً ودولياً، وبتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، للدفع نحو جهد فاعل لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وحماية القدس والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي فيها أولوية في مقدمة الأولويات الأردنية.
من جانبه، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رفضه قرار نقل السفارة الأميركية بإسرائيل إلى القدس. وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً بأن السيسي تلقّى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبحث تداعيات القرار الأميركي، في ظل مخالفة هذا القرار قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالوضع القانوني لمدينة القدس، فضلاً عن تجاهله المكانة الخاصة التي تمثلها مدينة القدس في وجدان الشعوب العربية والإسلامية.
وأضاف البيان أن السيسي أعرب خلال الاتصال عن رفض مصر هذا القرار وأية آثار مترتبة عليه.
أما الخارجية المصرية فاكتفت بالإعلان عن استنكارها قرار الولايات المتحدة بـ"الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لدولة إسرائيل، ونقل سفارتها إليها، ورفضها أية آثار مترتبة على ذلك".
وقالت الخارجية المصرية إن "اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفاً لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها واقعة تحت الاحتلال، وعدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة".
كما عبرت الخارجية عن قلق مصر البالغ من التداعيات المحتملة للقرار الأميركي على استقرار المنطقة، لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية، والإسلامية، نظراً للمكانة الروحية والثقافية والتاريخية الكبيرة لمدينة القدس في الوجدانين العربي والإسلامي.
كذلك نبهت إلى تأثيراته "السلبية للغاية" على مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، التي تأسست مرجعياتها على اعتبار أن مدينة القدس تعد إحدى قضايا الوضع النهائي، بحيث يتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية.
كذلك أشار البيان إلى مخاطر تأثير هذا القرار على مستقبل عملية السلام، لا سيما الجهود المبذولة لاستئناف التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف تحقيق السلام العادل، والشامل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
إلى ذلك تقدّم عدد من السياسيين المصريين، بينهم نواب سابقون ونشطاء، بطلب لوزارة الداخلية للسماح لهم بتنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في القاهرة، احتجاجاً على قرار ترامب.
وأكد الداعون إلى التظاهرة رفضهم القرار، مؤكدين أنه يعصف باستقرار المنطقة ولا يراعي مشاعر الملايين من المصريين.
من جهته أكد السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية السابق، أن هناك قراراً قديماً صادراً عن مجلس الجامعة العربية يقضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أية حكومة تقوم بنقل سفاراتها إلى القدس، داعياً في تصريحات خاصة، لـ"العربي الجديد"، الأنظمة العربية إلى تفعيل ذلك القرار بشكل سريع للرد على الخطوة الأميركية.
واستطرد "لو كان ترامب متيقّناً من أن الزعماء العرب قادرون على قطع العلاقات معه رداً على قراره، لما أقدم على تلك الخطوة".
وأكد مرزوق أن القرار يتجاوز كافة القرارات والمواقف الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بشأن التعامل مع مدينة القدس.
في المقابل، أكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أسامة العبد، على أن إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان والتوتر من جانب الشعوب العربية تجاه الشعوب الغربية.
وأضاف أن "قرار ترامب بتهويد القدس سيجعل العالم أجمع في حالة فوضى"، مضيفاً أن "القرار يمثل إطلاق رصاصة الموت على عملية السلام في الشرق الأوسط"، مؤكداً أنه يجب على القيادة الأميركية التحلي بالحكمة والتراجع عن هذا القرار.
وطالب العبد في تصريحات إعلامية، بضرورة وجود موقف موحد لكل الدول العربية والإسلامية ضد المحاولات المستمرة من الكيان الإسرائيلي لتهويد القدس وجعلها عاصمة لإسرائيل، مشيراً إلى أن قضية القدس هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للمسلمين، محذراً من أن هذا القرار سيتسبب في زيادة انضمام الشباب اليائس إلى الجماعات الإرهابية، كما سيكون القرار بيئة خصبة للجماعات الإرهابية لجذب العديد من الشباب المسلم المتحمس لدينه.
في السياق ذاته أكد حزب الوسط الذي يترأسه المهندس أبو العلا ماضي على إدانته هذا المسلك الذي وصفه بـ"المتهور"، من قبل رئيس غير مُدرك لأبعاد قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وحمّل الحزب في بيان رسمي الحكومات العربية والإسلامية مسؤولية الدفاع عن عروبة القدس وفلسطينيتها، مشدداً على أنَّ تفريط هذه الحكومات في الدفاع عن القدس سوف يكون سبَّة في تاريخهم ولن تغفر لهم شعوبهم.
في السياق، وصف رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، موقف الرئيس الأميركي بأنه "خطير ويهدد صدقية الولايات المتحدة كراعية لعملية السلام في المنطقة، وينسف الوضع الخاص الذي اكتسبته القدس على مدى التاريخ".
ولفت عون في بيان إلى أن "هذا القرار أعاد عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الوراء عشرات السنين وقضى على كل محاولة لتقريب وجهات النظر بينهم"، محذراً مما يمكن أن يحدثه القرار الأميركي من ردود فعل تهدد استقرار المنطقة وربما العالم أجمع.
كذلك حذّر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من أن "القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبنقل السفارة إليها خطوة يرفضها العالم العربي وتنذر بمخاطر تهب على المنطقة". وقال عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن "لبنان يندد ويرفض هذا القرار ويعلن في هذا اليوم أعلى درجات التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقه في قيام دولة مستقلة عاصمتها القدس".
واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أن "هذا الاعتراف يمثل اعتداء على الحقوق العربية والفلسطينية ويستفز مشاعر جميع المؤمنين مسلمين ومسيحيين، كما هو تهديد للأمن والاستقرار ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد حالياً الكثير من الاحتقان والتوتر والتعقيد، بل يطاول العالم ككل".
كما استدعى المجلس الوطني السوداني (البرلمان) أعضاءه لعقد جلسة طارئة غداً الخميس، لمناقشة قرار ترامب.
من جهته، أعلن الأمين العام للحركة الإسلامية بالسودان، الشيخ الزبير أحمد الحسن، رفض الحركة اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، ودعا الحسن على "فيسبوك" المسلمين والعالم الحر إلى التعبير عن هذا الرفض بكل وسائل التعبير، كذلك دعا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى قيادة هذا الرفض.
وأعربت وزارة الخارجية السودانية عن رفض السودان التام قرار ترامب، وقالت في بيان إن في الإعلان انتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية وتعدياً سافراً على حقوق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن خطوة ترامب تمثل استفزازاً لجميع أهل الديانات وتشكّل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وستكون لها تداعيات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.
من جانبها، أكّدت الحكومة الجزائرية إدانتها قرار ترامب. وقال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي الشريف، في بيان صافي، إن الجزائر "تلقت بقلق وانشغال بالغ قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني"، مشيراً إلى أن "الجزائر تعتبر أن القرار الأميركي سيشكل خطراً على الأمن والسلم في المنطقة، ويخل بالإجراءات واللوائح الأممية المعمول بها".
كما اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري "القدس عاصمة فلسطين، وقرار ترامب باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي يؤكّد عبثية مسار السلام مع إسرائيل وخطأ الاعتماد على المجتمع الدولي لأخذ الحق الفلسطيني".
واعتبر مقري أن "هذا القرار يفضح هوان الأنظمة العربية التي لولا خيانتها للقضية لما تجرأ الأميركان على هذا القرار، وسيسجل التاريخ هذه الحقبة التاريخية بأسماء كل الخونة من حكام ونخب".
وأوضح مقري أن هذا القرار يؤكد أنه لا سبيل لإنهاء الاحتلال إلا بالمقاومة والاعتماد على الشعوب.
(العربي الجديد)