يقول محللون إن مهمة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي الجديد، عادل فقيه، لن تكون سهلة، كونه المسؤول عن التخطيط لمستقبل اقتصاد البلاد التي تعتمد على منتجات النفط لتلبية أكثر من 90% من إيرادها السنوي، وعليه أن يسعى جدياً لتغيير هذه الحقيقة من خلال تنويع مصادر الدخل، والابتعاد عن قبضة أسعار النفط المتذبذبة والتي لا يمكن الاعتماد عليها لسنوات طويلة.
وبادر الوزير الجديد باعتراف بهذا العبء عندما قال في أول تصريح له بعد تعيينه الأسبوع الماضي، إن أول الملفات على مكتبه الجديد هو مواصلة تنمية الاقتصاد السعودي ومصادر دخله وتنويعها.
وتعتمد السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، على الذهب الأسود في تغطية أكثر من 90% من نفقاتها، ما يجعل الاقتصاد الأكبر في المنطقة، عرضة لاضطرابات أسواق النفط العالمية، وهو ما حدث بعد تهاوي الأسعار من ذروة مستوياتها في يونيو/حزيران 2014 بحدود 50% عن مستوياتها الحالية، ما أربك حسابات المملكة التي تنتج أكثر من 9.8 ملايين برميل خام يومياً.
وغيّر صندوق النقد الدولي توقعاته لاقتصاد السعودية بمجرد حدوث الهزة العنيفة بأسواق النفط، ليقدّر العجز في موازنة العام الجاري 2015 بحدود 15% من إجمالي الناتج المحلي.
وقال المحلل الاقتصادي، فضل البوعنين، إن على الوزير الجديد المبادرة بخلق بوصلة تتحدد على أساسها السياسة الاقتصادية للمملكة، والتحول من الاعتماد الكامل على النفط إلى الموارد المتنوعة.
وأضاف، في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد"، أن اختيار وزير العمل عادل فقيه في هذا الموقع، جاء لإلمامه بأهم مشاكل السعودية وعلى رأسها البطالة من خلال كونه وزيراً سابقاً للعمل.
ورغم استضافتها لأكثر من 10 ملايين مقيم يمثلون ثلث عدد السكان، يرتفع معدل البطالة في
السعودية إلى 11.7% وفق بيانات رسمية، وتصل النسبة في بعض التقديرات إلى حدود 23%.
ويرى الخبير الاقتصادي، عبد الله البراك، أن من أهم الملفات التي يجب أن يهتم بها وزير الاقتصاد الجديد، تطوير الجانب الإحصائي والاعتماد على الدراسات الدقيقة من أجل بناء اقتصاد حقيقي قائم على بيّنة.
وقال لـ "العربي الجديد": "وزارة الاقتصاد هي التي يجب أن تطور أداء جميع الوزارات وهي التي تخطط لمستقبل البلد الاقتصادي وتضع خططها لخمسين عاماً قادمة".
وأضاف أن وزارة الاقتصاد والتخطيط هي التي يجب أن تضع الخطط الاقتصادية للبلاد وتحدد ماذا سنحتاج في السنوات المقبلة، مشدداً على أن أهم الملفات هو بناء استراتيجية التخلي عن النفط، لكيلا يكون الممول الأساسي للموازنة العامة للدولة.
وذكر أن المملكة تجني في الوقت الحالي، ثمار استراتيجية وضعها خمسة من خبراء الاقتصاد لصناعة البتروكيماويات قبل سنوات، بعدما استعانت بهم شركة النفط السعودية أرامكو، ولكن نظراً لعدم وجود تخطيط حقيقي، تحولت الخطط الخمسية لهذا القطاع إلى نماذج مستنسخة من بعضها البعض دون تنبؤ حقيقي لما قد يحدث في المستقبل.
ويشدد المحلل الاقتصادي على أن من المهم أن يعيد فقيه هذا الدور الذي فقدته وزارة الاقتصاد في السنوات الماضية، محذراً من أن هناك كثيراً من الكوارث التي تهدد السعودية مثل شح المياه وأسعار النفط المتذبذبة.
ويتساءل البراك: "هل لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط دراسات لعلاج هذه المشاكل؟ وهل وضعت خططاً لتخفيف وطأة الاعتماد على النفط؟ هذا هو الدور المفقود للوزارة والذي يجب أن تعود له".
وبحسب البراك تعاني وزارة الاقتصاد والتخطيط من غياب الإحصائيات الدقيقة لمشاكل مهمة مثل البطالة والسكن.
اقرأ أيضاً: دعوة سلمان للعبادي تعزّز الاستثمارات السعوديّة العراقيّة