يواجه إعلامي عراقي تهديدات خطيرة، بعدما نشر وثائق رسمية ومخاطبات حكومية ومصرفية تدين مصرفاً محلياً بتهريب ملياري دولار أميركي إلى خارج البلاد، ما يسلط الضوء على إحجام الحكومة العراقية عن مواجهة الفساد والتلاعب المالي و"مزاد العملة وتهريبها"، رغم إعلانها عن بدء عمل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي أسسه رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، وأعاد تفعيله الرئيس الحالي عادل عبد المهدي.
وكان الإعلامي نبيل جاسم وفريقه الصحافي ضمن وكالة "بغداد اليوم" الإخبارية المحلية قد نشروا مجموعة وثائق تشير إلى تورط مصرف في بغداد بتهريب ملايين الدولارات الأميركية، يوم الأحد. وعلى الرغم من أن الوكالة لم تنشر اسم المصرف، إلا أن إدارته وجهت سلسلة تهديدات إلى الفريق الإعلامي، خلال الأيام الماضية.
وأوضح نبيل جاسم، لـ "العربي الجديد"، أن "العاملين في موقع (بغداد اليوم) تمكنوا من الحصول على وثائق رسمية وحكومية تظهر مخاطبات بين دوائر عدة، منها (مصرف الرافدين) و(هيئة النزاهة) ومصرف متورط بالتهريب والتلاعب بمزاد العملة. وباشرنا بنشرها تباعاً في الموقع، لنساهم في فضح الفاسدين". وأشار جاسم إلى أن "المصرف المتورط بالتهريب تابع لشخصية سياسية عراقية في مركز تشريعي مهم، وهو محمي بموجب الحصانة. لذا، استخدمنا الترميز عند نشر الوثائق، ولم ننشر اسم المصرف صراحة. لكننا نواجه ترهيباً وترغيباً وتهديداً عبر اتصالات ورسائل من (فيسبوك) منذ أيام".
ولفت إلى أن "الفريق الصحافي في وكالة (بغداد اليوم) التزم بالقانون خلال عملية نشر الوثائق، لحماية أنفسنا. لكن أصحاب (المصرف الأهلي) يعرفون أنهم المقصودون من منشورات وكالتنا"، موضحاً أن "ليلة الأحد شهدت تصعيداً بالغ الخطورة على حياتي وعائلتي والعاملين معي في الوكالة، إذ تلقينا اتصالات من مجموعة أرقام غريبة غير مسجلة، وليس لها أي أوليات تابعة لشركة (كورك)، وهددونا صراحة".
وأضاف: "قالوا إنهم يستطيعون الوصول لي ولعائلتي، وأمروني بالامتناع عن النشر. قالوا إنهم سيؤذونني إذا لم أرضخ، كما حاولوا إغوائي بالمال، إلا أنني رفضت التهديد، وأكدت لهم أنني سأستمر بنشر الوثائق، مع العلم أن جميع من يعمل في الوكالة بات مستهدفاً".
وأوضح أنه "قبل الشروع بعملية النشر، وجهت خطاباً عبر الموقع الإخباري إلى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، وقلت إنني جاهز لتسليم الوثائق كاملة للمجلس، ولكن لم يستجب لي أحد".
وفي السياق نفسه، رفضت النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين التهديدات التي تلقاها جاسم وفريقه على خلفية نشر تقارير استقصائية كشفت أكبر فضيحة تهريب أموال في تاريخ العراق، معبرة في بيان عن "قلقها البالغ على حياة الإعلامي المعروف نبيل جاسم، بعد تعرضه للتهديد بسبب نشر وكالة بغداد اليوم التي يترأس تحريرها، تقارير استقصائية عن ملف فساد يخص مصرفاً أهلياً يملكه سياسي عراقي".
ودعت النقابة "المنظمات المعنية بحرية العمل الصحافي وحرية التعبير عموماً إلى التحرك والضغط على السلطات التنفيذية والتشريعية للتصدي إلى التضييق الذي يتعرض له الصحافيون ووسائل الإعلام، عند نشرهم تغطيات خبرية تخص قضايا فساد وانتهاكات".
من جهة ثانية، أشار عضو اللجنة الأمنية في مدينة بغداد، سعد المطلبي، إلى أن "على السلطات الأمنية وجهاز عمليات بغداد (عسكري) والسلطات القضائية التحقيق في الحادثة"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنه "إلى حد الآن لا نعرف من هي الجهة التي هددت الإعلامي نبيل جاسم، ولكننا كمجلس محلي نرفض أي تهديد لأي صحافي ونطالب بالتحقيق مع المصارف المتهمة بالتهريب، والكشف عمن يحميها، إضافةً إلى حماية المؤسسات الصحافية التي تنشر الحقائق وليس الأكاذيب".