يتواصل التوتر في محيط الطريق الدولي بين حلب واللاذقية في محافظة إدلب شمال غربي سورية، وذلك إثر مقتل جنديين تركيين أمس باستهداف من فصائل متطرفة تعارض تسيير دوريات روسية تركية على الطريق بموجب التفاهمات الأخيرة بين الجانبين.
وقال ناشطون إن جرافات تتبع لـ"هيئة تحرير الشام" أعادت اليوم الجمعة إغلاق طريق حلب ـ اللاذقية الدولي (أم 4) قرب بلدة النيرب، وسط استعدادات لمعاودة الاعتصام الذي عرقل تسيير دوريات روسية-تركية مشتركة، كان من المقرّر أن تبدأ يوم 15 مارس/ آذار الجاري.
وكانت القوات التركية أزالت سواتر ترابية تقطع الطريق أمس، حيث سيرت دورية منفردة من دون مشاركة القوات الروسية، وذلك بعد مقتل جنديين تركيين بهجوم لعناصر "راديكالية" وفق بيان لوزارة الدفاع التركية، لم يحدد الجهة المسؤولة عن الهجوم. لكن اتهامات وجهت إلى تنظيم "حراس الدين" باستهداف الرتل التركي، كونه يسيطر على المنطقة، إلى جانب "هيئة تحرير الشام"، في حين لم يصدر أي تصريح عن التنظيم حول الأمر.
ويعتبر هذا الهجوم الأول من نوعه من جانب التنظيمات "الراديكالية" ضد قوات تركية، وقد استتبعه قصف تركي استهدف وفق بيان وزارة الدفاع التركية "أهدافاً محددة في المنطقة"، فيما قالت مصادر محلية إن القوات التركية أطلقت عدداً محدوداً من القذائف على مواقع محتملة لتنظيم "حراس الدين" في المنطقة.
وكانت المناطق المحاذية للطريق الدولي "أم 4" شهدت خلال الأيام الماضية احتجاجات من الأهالي، على الاتفاق الروسي-التركي بتسيير دوريات مشتركة على هذا الطريق الذي يقع جزء كبير منه في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، ويفصل نحو 40 قرية في منطقة جبل الزاوية جنوبي الطريق عن بقية المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وتقول روسيا إن تنظيمات متطرفة تقف خلف هذه الاحتجاجات، وهو ما منع تسيير دوريات مشتركة على الطريق وفقا للاتفاق الروسي-التركي الأخير.
وتزامن ذلك مع دخول رتلين من القوات التركية إلى منطقة إدلب يضمان أكثر من مائة آلية عسكرية عبر معبر كفرلوسين الحدودي، اتجها نحو المواقع التركية في المنطقة.
وأفاد مراسل "العربي الجديد" بأن القوات التركية أدخلت نحو 150 عربة عسكرية ومعدات لوجستية على دفعات باتجاه مواقع انتشارها بمحاذاة الطريق الدولية حلب - اللاذقية في ريف إدلب.
وسعت روسيا إلى استغلال هذه التطورات بغية تحريض تركيا على فصائل المعارضة في المنطقة، وقال مدير مركز حميميم للمصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، أوليغ غورافلوف، إن أنقرة تتخذ إجراءات ضرورية لتهيئة ظروف آمنة لتسيير الدوريات المشتركة على الطريق "أم 4"، بهدف تطبيق اتفاق إدلب. ودعا من سماهم بـ "قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية في سورية إلى التخلي عن الاستفزازات بالسلاح".
وكانت غرفة عمليات "وحرض المؤمنين"، التي تضم فصائل جهادية أبرزها "حراس الدين"، أصدرت بيانًا أعلنت فيه رفضها الاتفاق التركي-الروسي الأخير حول إدلب.
وتنتشر في إدلب مجموعة من التنظيمات الجهادية الرافضة إجمالاً لكل اتفاقيات التسوية، لكنها ظلت عموماً منضبطة تحت عباءة "هيئة تحرير الشام" التي تشكل بتسمياتها المختلفة العمود الفقري لتلك التنظيمات، لكنها تتمتع بمرونة سياسية أكثر من بقية التنظيمات.
وظهر تنظيم "حراس الدين" إلى العلن للمرة الأولى، نهاية فبراير/ شباط العام 2018، ويضم بشكل عام الرافضين لما يعتبرونه نهجاً براغماتياً مراوغاً لـ"هيئة تحرير الشام" في مسايرة الضغوط الدولية وفك الارتباط بتنظيم "القاعدة" الإرهابي.