توجس إسرائيلي محدود من اشتعال الأوضاع في الأراضي المحتلة

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
07 فبراير 2020
CF0C24FC-B09D-47BA-AC67-9AF2CB623697
+ الخط -

حرص وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، أمس الجمعة، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية على نفي قيام السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، رداً على تصريحات فلسطينية، من مسؤولين أمنيين في السلطة، لوسائل الإعلام الإسرائيلية، بشأن تقليص التنسيق الأمني مع الاحتلال. ووصف هذه التصريحات والإعلانات الفلسطينية بأنها كلام معسول، أو وفق التعبير العبري الذي استخدمه "ضريبة كلامية"، مضيفاً أن السلطة الفلسطينية، ولا سيما رئيسها محمود عباس، تدرك أن بقاءها في الحكم مرهون ببقاء التنسيق الأمني.

وجاءت تصريحات أردان، التي أرفقها بتهديدات مكررة لمواجهة "الإرهاب الفلسطيني"، بعد أن بدا أن العمليات الثلاث الأخيرة بين ليل الأربعاء والخميس، وشملت إطلاق نار على جندي في القدس المحتلة وعملية دهس لجنود إسرائيليين، بالإضافة إلى محاولة طعن جندي إسرائيلي، والمواجهات في جنين، توحي بأن الرد الشعبي الفلسطيني على "صفقة القرن" (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية) سيتمثل في اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ومواجهات مع قوات الاحتلال تغذيها أيضاً حركة "حماس"، من خلال التشجيع على مثل هذه العمليات في الضفة الغربية المحتلة، وفق ادعاءات إسرائيلية، وتكثيف إطلاق البالونات المفخخة باتجاه دولة الاحتلال.

واعتبر عدد من المعلقين في الصحف الإسرائيلية، أمس، أن سلسلة هذه العمليات تشكل مؤشراً خطيراً إلى تحوّل مقلق للغاية، وفق التعبير الذي استخدمه محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان. ولفت فيشمان، في هذا السياق، إلى أن قيادة جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية، ممثلة بجهاز المخابرات العامة، سارعت إلى عقد مداولات مكثفة غداة إعلان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية وتداعيات إعلان الخطة ميدانياً. وقاد هذه المداولات كل من رئيس أركان الجيش الجنرال أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الشاباك نداف أرغمان، مع ميل إلى الاعتقاد بأن الرد الفلسطيني العام لن يتجه نحو مواجهات شعبية عارمة، من دون إسقاط احتمال أن تقوم جهات فلسطينية بتصعيد يقود في نهاية المطاف إلى اشتعال الأوضاع لدرجة تخرج عن السيطرة.

ويبدو الاحتلال حذراً جداً في هذا السياق مع "اتفاق المشاركين في المداولات، على أن سقوط قتلى فلسطينيين سيكون وقود الانتفاضة المقبلة". ووفقاً لهذا التقرير فإن المخاوف الإسرائيلية، من اندلاع انتفاضة ثالثة، دفعت المؤسسة العسكرية والأمنية إلى اتخاذ القرار بدفع تعزيزات من القوات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وبشكل خاص في مدينة القدس ومحيط البلدة القديمة، مع اتّباع سياسة مشددة في منع المصلين الفلسطينيين من الجليل والمثلث من الوصول إلى المسجد الأقصى بحافلات منظمة، وهو ما تم فعلاً أمس الجمعة في القدس، وبدرجة لا تقل أيضاً في تقييد حركة الفلسطينيين في الخليل ومحافظتها في وصول المصلين للحرم الإبراهيمي.




ووفقاً لتقديرات إسرائيلية، فإن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد إعلان الخطة، وخطابه أمام مؤتمر وزراء الخارجية في القاهرة، ظل ضبابياً. ومع ذلك أشار فيشمان إلى أن حكومة الاحتلال لا تلقي بالاً لتهديد الرئيس الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني وإلغاء اتفاقيات أوسلو، وبالتالي فإن الاحتلال يراهن على عدم اتخاذ موقف، كمؤشر لاستبعاد وقف التنسيق الأمني، وبالتالي مواصلة السلطة وظيفتها في ضبط حركة الاحتجاج والمقاومة في الضفة الغربية المحتلة ومدنها.

في المقابل، فقد اعتبر أن هناك مؤشرات لتصعيد في الأراضي المحتلة، خصوصاً بعد إعلان خطة ترامب، وتواتر التصريحات الإسرائيلية بشأن ضم غور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما أعلن أمس الوزير جلعاد أردان أنه سيتم بعد الانتخابات، كاشفاً أنه أوعز للجهات المختصة في وزارة الأمن الداخلي بالاستعداد لتبعات إقرار الضم، وما يترتب على ذلك بالنسبة لتعامل وزارة الأمن الداخلي مع المستوطنات وهي تحت السيادة، وانتقال التعامل معها من المستوى العسكري، عبر جهاز الإدارة المدنية والجيش، إلى الوزارات الإسرائيلية بشكل مباشر.

من جهته، ربط محلل الشؤون العسكرية في "هآرتس" عاموس هرئيل، بين العمليات في القدس و"غوش عتصيون" وبين الأزمات الداخلية لـ"حماس" في قطاع غزة، وحقيقة تنازل الحركة مؤقتاً عن مسيرات العودة في سياق اتصالات التهدئة، وبين الواقع الجديد الذي سيفرض على الحركة خطاً متشدداً بالذات ضد "صفقة القرن"، وفي سياق المواقف المعلنة لسلطة عباس، معتبراً أن الحركة لا تريد أن تظهر كمن يسعى لتسوية ومصالحة مع إسرائيل مقابل تسهيلات في الوقت الذي يبرز فيها محمود عباس موقفاً رافضاً للصفقة. في المقابل، أشار هرئيل إلى أن سياسة حكومة الاحتلال تحت حكم بنيامين نتنياهو، في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في العامين الماضيين، قامت على محاولة احتواء التصعيد الآتي من غزة، على الرغم من تصريحاته المتكررة بشأن شن عدوان عسكري، وتهديده أحياناً بأنه سيكون واسع النطاق.

لكن تنبغي أيضاً الإشارة إلى تحليل للصحافي الإسرائيلي تسفي يحزقيلي، الذي قال بوضوح إن مسألة اندلاع انتفاضة ثالثة من عدمه يبقى رهن قرار من السلطة الفلسطينية، برئاسة عباس، والخطوات أو المواقف التي ستتخذها الأجهزة الفلسطينية في الأراضي المحتلة بشأن ضبط حجم المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي عند مشارف المدن الفلسطينية. ويبدو أن الرد الفلسطيني الشعبي والميداني، ما دام مرهوناً بقرار من السلطة الفلسطينية، يبقى مؤجلاً، على الأقل، إلى ما بعد جلسة مجلس الأمن الدولي الثلاثاء المقبل، والتي سيشارك فيها عباس، فيما لا تبرز مؤشرات ميدانية تشي باحتمال اندلاع مواجهات وتظاهرات شعبية ضد "صفقة القرن".

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
المساهمون