بالتزامن مع الخطوات التي اتخذتها حكومة إقليم كردستان نحو الانفصال عن العراق، تتجه شركة "روس نفط"، أكبر شركة نفط في روسيا، لتمويل بناء خط لنقل الغاز من الإقليم إلى تركيا بطاقة تمريرية تزيد عن 30 مليار متر مكعب سنوياً، وسط شكوك في الجدوى الاقتصادية في المشروع.
ويرى ميخائيل كروتيخين الشريك في شركة "روس إينرغي" للاستشارات، أن خطط "روس نفط" لها أبعاد سياسية أكثر منها اقتصادية، لعدم احتياج تركيا إلى مثل هذه الكميات الإضافية من الغاز الطبيعي، لا سيما في ظل تحقيق مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز الروسي عبر قاع البحر الأسود.
ويقول كروتيخين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "من وجهة النظر الجيوسياسية، سيأتي تحقيق مشروع جديد في كردستان العراق بتعزيز نفوذ روسيا في المنطقة، إلا أنه غير مجد من وجهة النظر الاقتصادية البحتة".
ويضيف في ذات السياق: "سيشكل خط الغاز بين كردستان وتركيا منافسة لعملاق الغاز الروسي غازبروم في السوق التركية، ووجوده سيصب في مصلحة تركيا وسيزيد من قوة موقفها في التفاوض على أسعار الغاز، لذا فإن "النفوذ السياسي الروسي سيزداد في كردستان".
وكانت "روس نفط" قد أبرمت في يونيو/حزيران الماضي اتفاقية استثمارية ومجموعة من اتفاقات تقاسم الإنتاج مع حكومة كردستان العراق، وجرت مفاوضات حول مشاركة الشركة الروسية في تمويل إنشاء البنية التحية لنقل الغاز في الإقليم، وتتوقع "روس نفط" أن يتم التوقيع على اتفاقية منفصلة لهذا المشروع قبل نهاية العام الجاري 2017.
وأفادت "روس نفط" في بيان صدر قبل أيام، بأنه قد يتم تشغيل المشروع داخل كردستان العراق في عام 2019، على أن يبدأ التصدير في عام 2020.
و"روس نفط" ليست الشركة الروسية الوحيدة، التي لها وجود في كردستان العراق، إذ تستثمر "غازبروم نفط" في ثلاثة حقول في الإقليم.
وعلى عكس القوى الكبرى، فإن روسيا لم تندد بالاستفتاء حول استقلال كردستان العراق، مكتفية بالدعوة على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، إلى "تحقيق التطلعات المشروعة للأكراد، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الشعوب، في إطار أحكام القانون الدولي".
وتنوي كردستان العراق تصدير غاز الإقليم إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، ولكن ذلك سيتوقف على موافقة الحكومة التركية. وعلى الرغم من الكميات القليلة للغاز الكردستاني، فإن أوروبا بحاجة إلى تنويع مصادر الغاز بعيداً عن الهيمنة الروسية.
وبحسب إيغور سيتشن، الرئيس التنفيذي لروس نفط، وأحد أقرب الحلفاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن الشركة ستوسع التعاون مع كردستان العراق.
وقال سيتشن في تصريحات في وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الجاري إن الاتفاقات "تضرب مثالاً على استثمارات ذات ثقل في واحدة من المناطق الرئيسية بالشرق الأوسط، بما سيتيح للشركة توسعة نطاق (أنشطة) إنتاجها واستكشافها وزيادة ربحية أصولنا العالمية".
ولطالما عارضت بغداد المبيعات المستقلة للنفط من إقليم كردستان العراق. ويقدر إقليم كردستان احتياطياته القابلة للاستخراج بنحو 45 مليار برميل من النفط و5.66 تريليونات متر مكعب من الغاز.