كان يفترض ألا يعيش تونسيون في محافظة بنزرت وسط النفايات. بدلاً من ذلك، كان يحق لهم أن ينعموا بمساحات خضراء، إلا أن ذلك لم يتحقق بعد
"كنت أتمنى لو كان مكب النفايات في حيّنا الكائن في عين بيطار في محافظة بنزرت مساحة خضراء يمرح فيها الأطفال، بينما تستمتع العائلات بالمنظر الجميل الأخضر بدل القمامة والأوساخ والناموس والروائح الكريهة التي تصل إلى منازلنا. كنت أتمنى لو كانت شوارعنا نظيفة يطيب فيها العيش بدل الناموس الذي ينتشر في أحيائنا، والذي غزا بيوتنا". هذا ما تقوله صبيحة الشارني لـ "العربي الجديد".
الشارني التي بدت على وجهها علامات الحيرة والغضب، تقول: "لم يتغير شيء على الرغم من مضي عشرات السنين وتعاقب المسؤولين. هنا تتكدس الفضلات وتوضع القمامة تحت التراب وتبقى أياماً عدة على قارعة الطريق. لا عمال نظافة يدخلون أزقتنا وما من حاويات على مقربة من التجمعات السكانية. لذلك، نلجأ إلى هذا المكب العشوائي، وعلينا تحمل النفايات والأمراض الناتجة عنها".
أما منيرة (45 عاماً)، وهي ربة منزل، فتقول، وهي تنظر إلى رجل في عقده الرابع ينزل من سيارته الجديدة ويلقي بكيس قمامة في المكب: "لا يمكننا أن نلومه لأنه لا يوجد مكان آخر يمكننا وضع القمامة فيه. نحن مضطرون إلى وضع النفايات هنا، والمتضرر الوحيد هم السكان القريبون من مكب النفايات هذا". تضيف: "نظمت عشرات الوقفات الاحتجاجية على مدى السنوات الماضية، لكن لا تجاوب مع مطالبهم البسيطة. يريدون مساحات خضراء وأحياء بلا أوساخ وحلولاً جذرية لمشاكل النفايات التي تتكدس على قارعة الطرقات".
اقــرأ أيضاً
يومياً، يتذمّر التونسيون من جراء النفايات. وعلى الرغم من تحرك البلدية وإطلاق حملات واتخاذ إجراءات لتنظيف الشوارع، إلا أن الأحياء ما زالت في وضع مزرٍ أقل ما يقال عنه إنه مخجل، ما ساهم في تعقيد الوضع. ويرى الناطق الرسمي باسم جمعية التنمية والبيئة بالكرم توفيق عبد الله، لـ "العربي الجديد" أن التونسي لا يهتم بالبيئة، بل إن اهتمامه فيها يعدّ من الأكثر ضعفاً على الصعيد العالمي، بحسب إحصاءات لمؤسسة "وان تو وان" والمؤسسة الألمانية "هاينريش بول".
وبيّنت نتائج استطلاع الرأي الذي تمحور حول الوضع البيئي في تونس أن 70 في المائة من التونسيين قيموا سلباً الوضع البيئي والأطراف التي تتحمل المسؤولية من حكومة ومجتمع مدني وأحزاب سياسية ومواطنين. وكشفت نتائج الاستطلاع أن نحو 60 في المائة من التونسيين غير راضين عن دورهم في حماية البيئة، في وقت وافق 85 في المائة منهم على معاقبة من يرمي الفضلات في الفضاء العام بغرامة مالية. وقال المستطلعة آراؤهم إن البلديات هي المسؤولة الحفاظ على البيئة بنسبة 29 في المائة، ثم المواطنون بنسبة 28 في المائة.
ويبين عبد الله أن التونسي يستهلك ويلقي كثيراً من النفايات المنزلية، ويعد الحفاظ على البيئة من آخر اهتماماته، مضيفاً أن اهتمام أصحاب القرار بالبيئة يعد ضعيفاً. "على الورق وعلى مستوى التشريعات، نجد قرارات كثيرة لا تطبق". ويؤكد أنّ عدم احترام البيئة يرتبط بشخصية التونسي، ويظهر ذلك من خلال التلوث والأضرار التي يلحقها الإنسان بالبيئة. يضيف: "لا بد من تضافر الجهود، لأن على الجميع الانخراط في الحلول بدءاً من المواطن الذي عليه ترشيد الاستهلاك". ويؤكد أن حل الأمر يكون من خلال التوعية، خصوصاً أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع. ويتوجب على السلطات أخذ هذه القضية على محمل الجد وتأمين حل جذري، والاستعانة بتجهيزات حديثة، وسن تشريعات، إذ إن للبيئة انعكاساً على حياة المواطنين اليومية. وهناك حاجة إلى إعداد أبحاث علمية أكثر تطوراً لأن الحلول تتطلب تحركات بسيطة".
اقــرأ أيضاً
ويرى رئيس جمعية البيئة في تونس محمد عبروقي لـ "العربي الجديد" أنّ المسؤولية تقع على عاتق المواطن بالدرجة الأولى. فالقوانين موجودة وتضاهي التشريعات في بلدان متقدمة. لكن سلوك المواطنين يعكس عدم الاهتمام بالنظافة وبالتالي البيئة. وعلى الرغم من وجود حاويات، تلقى النفايات على قارعة الطرقات. وعلى الشواطئ، يترك مواطنون بقايا الطعام والأوساخ، مبيناً أنّ على الدولة أن تكون أكثر صرامة في العقوبات، مع ضرورة فرض غرامات مالية.
ويلفت إلى أن الوضع مزرٍ والإصلاح لن يكون خلال عامين بل يحتاج إلى سنوات عدة.
ويوضح أن البلدية مسؤولة عن تأمين نظافة الشوارع والحفاظ على البيئة، مؤكداً أنّ تونس قد تكون أفضل من بلدان أفريقية وعربية أخرى، لكن ذلك يتطلب عملاً دؤوباً وتحمل المسؤوليات.
"كنت أتمنى لو كان مكب النفايات في حيّنا الكائن في عين بيطار في محافظة بنزرت مساحة خضراء يمرح فيها الأطفال، بينما تستمتع العائلات بالمنظر الجميل الأخضر بدل القمامة والأوساخ والناموس والروائح الكريهة التي تصل إلى منازلنا. كنت أتمنى لو كانت شوارعنا نظيفة يطيب فيها العيش بدل الناموس الذي ينتشر في أحيائنا، والذي غزا بيوتنا". هذا ما تقوله صبيحة الشارني لـ "العربي الجديد".
الشارني التي بدت على وجهها علامات الحيرة والغضب، تقول: "لم يتغير شيء على الرغم من مضي عشرات السنين وتعاقب المسؤولين. هنا تتكدس الفضلات وتوضع القمامة تحت التراب وتبقى أياماً عدة على قارعة الطريق. لا عمال نظافة يدخلون أزقتنا وما من حاويات على مقربة من التجمعات السكانية. لذلك، نلجأ إلى هذا المكب العشوائي، وعلينا تحمل النفايات والأمراض الناتجة عنها".
أما منيرة (45 عاماً)، وهي ربة منزل، فتقول، وهي تنظر إلى رجل في عقده الرابع ينزل من سيارته الجديدة ويلقي بكيس قمامة في المكب: "لا يمكننا أن نلومه لأنه لا يوجد مكان آخر يمكننا وضع القمامة فيه. نحن مضطرون إلى وضع النفايات هنا، والمتضرر الوحيد هم السكان القريبون من مكب النفايات هذا". تضيف: "نظمت عشرات الوقفات الاحتجاجية على مدى السنوات الماضية، لكن لا تجاوب مع مطالبهم البسيطة. يريدون مساحات خضراء وأحياء بلا أوساخ وحلولاً جذرية لمشاكل النفايات التي تتكدس على قارعة الطرقات".
يومياً، يتذمّر التونسيون من جراء النفايات. وعلى الرغم من تحرك البلدية وإطلاق حملات واتخاذ إجراءات لتنظيف الشوارع، إلا أن الأحياء ما زالت في وضع مزرٍ أقل ما يقال عنه إنه مخجل، ما ساهم في تعقيد الوضع. ويرى الناطق الرسمي باسم جمعية التنمية والبيئة بالكرم توفيق عبد الله، لـ "العربي الجديد" أن التونسي لا يهتم بالبيئة، بل إن اهتمامه فيها يعدّ من الأكثر ضعفاً على الصعيد العالمي، بحسب إحصاءات لمؤسسة "وان تو وان" والمؤسسة الألمانية "هاينريش بول".
وبيّنت نتائج استطلاع الرأي الذي تمحور حول الوضع البيئي في تونس أن 70 في المائة من التونسيين قيموا سلباً الوضع البيئي والأطراف التي تتحمل المسؤولية من حكومة ومجتمع مدني وأحزاب سياسية ومواطنين. وكشفت نتائج الاستطلاع أن نحو 60 في المائة من التونسيين غير راضين عن دورهم في حماية البيئة، في وقت وافق 85 في المائة منهم على معاقبة من يرمي الفضلات في الفضاء العام بغرامة مالية. وقال المستطلعة آراؤهم إن البلديات هي المسؤولة الحفاظ على البيئة بنسبة 29 في المائة، ثم المواطنون بنسبة 28 في المائة.
ويبين عبد الله أن التونسي يستهلك ويلقي كثيراً من النفايات المنزلية، ويعد الحفاظ على البيئة من آخر اهتماماته، مضيفاً أن اهتمام أصحاب القرار بالبيئة يعد ضعيفاً. "على الورق وعلى مستوى التشريعات، نجد قرارات كثيرة لا تطبق". ويؤكد أنّ عدم احترام البيئة يرتبط بشخصية التونسي، ويظهر ذلك من خلال التلوث والأضرار التي يلحقها الإنسان بالبيئة. يضيف: "لا بد من تضافر الجهود، لأن على الجميع الانخراط في الحلول بدءاً من المواطن الذي عليه ترشيد الاستهلاك". ويؤكد أن حل الأمر يكون من خلال التوعية، خصوصاً أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع. ويتوجب على السلطات أخذ هذه القضية على محمل الجد وتأمين حل جذري، والاستعانة بتجهيزات حديثة، وسن تشريعات، إذ إن للبيئة انعكاساً على حياة المواطنين اليومية. وهناك حاجة إلى إعداد أبحاث علمية أكثر تطوراً لأن الحلول تتطلب تحركات بسيطة".
ويرى رئيس جمعية البيئة في تونس محمد عبروقي لـ "العربي الجديد" أنّ المسؤولية تقع على عاتق المواطن بالدرجة الأولى. فالقوانين موجودة وتضاهي التشريعات في بلدان متقدمة. لكن سلوك المواطنين يعكس عدم الاهتمام بالنظافة وبالتالي البيئة. وعلى الرغم من وجود حاويات، تلقى النفايات على قارعة الطرقات. وعلى الشواطئ، يترك مواطنون بقايا الطعام والأوساخ، مبيناً أنّ على الدولة أن تكون أكثر صرامة في العقوبات، مع ضرورة فرض غرامات مالية.
ويلفت إلى أن الوضع مزرٍ والإصلاح لن يكون خلال عامين بل يحتاج إلى سنوات عدة.
ويوضح أن البلدية مسؤولة عن تأمين نظافة الشوارع والحفاظ على البيئة، مؤكداً أنّ تونس قد تكون أفضل من بلدان أفريقية وعربية أخرى، لكن ذلك يتطلب عملاً دؤوباً وتحمل المسؤوليات.