جدل حول قانون المساعدة على الموت في بريطانيا

16 نوفمبر 2024
وقفة مؤيدة لقانون المساعدة على الموت أمام البرلمان البريطاني (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يناقش مجلس العموم البريطاني مشروع قانون لتقنين المساعدة على الموت، مما يثير جدلاً حول تأثيره على رعاية المرضى ومعاملة الفئات الضعيفة. تعارض النائبة كيم ليدبيتر توسيع نطاق القانون ليشمل الأمراض غير القابلة للعلاج.
- يعبر غوردون ماكدونالد عن قلقه من أن تقنين الانتحار بمساعدة طبية قد يضغط على المرضى لإنهاء حياتهم ويؤدي إلى تطبيع الانتحار، مستنداً إلى تجارب دول مثل الولايات المتحدة وكندا.
- تتبنى الكلية الملكية للأطباء موقفاً محايداً، بينما يعارض البعض استخدام مصطلح "القتل الرحيم". يشدد ماكدونالد على تحسين الرعاية التلطيفية بدلاً من تقنين المساعدة على الموت.

يتابع مجلس العموم البريطاني مناقشة مشروع قانون جديد يقترح تقنين المساعدة على الموت، وهو موضوع يثير جدلاً واسعاً لتأثيره العميق على رعاية المرضى في نهاية حياتهم، ومعاملة الفئات الضعيفة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمصابين بأمراض مزمنة وكبار السن
وزادت الدعوات داخل البرلمان لتوسيع نطاق مشروع القانون ليشمل الأشخاص الذين يعانون أمراضاً غير قابلة للعلاج، رغم أن النائبة كيم ليدبيتر التي قدمت مشروع القانون تعارض هذه التعديلات. لكن العديد من المنظمات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة والأمراض المزمنة ترى أن تشريع الانتحار بمساعدة قانونية يشكل تهديداً خطيراً، وتستند في موقفها إلى تجارب وأدلة من دول تبنّت هذا التشريع. 
كمثال، تضاعفت حالات الانتحار بمساعدة طبية في بلجيكا أكثر من عشرة مرات بين عامي 2003 و2021، في حين تشكل الآن أكثر من 5% من إجمالي الوفيات في هولندا. ووسّعت بلجيكا وهولندا النطاق القانوني للمساعدة على الموت ليشمل أشخاصاً غير مصابين بمرض عضال، وأصبح تقديم مساعدة على الموت لأطفال من أي عمر قانونياً في بلجيكا منذ عام 2014، وفي هولندا منذ العام الماضي.
يقول غوردون ماكدونالد، الرئيس التنفيذي لـ"تحالف الرعاية وليس القتل" الذي ينفذ حملات ضد تقنين المساعدة على الانتحار والقتل الرحيم في المملكة المتحدة، لـ"العربي الجديد": "تغيير القانون إلى تشريع الانتحار بمساعدة طبية والقتل الرحيم سيمثل تغييراً جذرياً في كيفية تعامل الأطباء والممرضات مع الناس ورعايتهم، وسيضع ضغطاً هائلاً على الأشخاص المصابين بأمراض ميؤوس من شفائها وذوي الاحتياجات الخاصة لإنهاء حياتهم قبل الأوان، وهو ما نراه في عدد من الأماكن التي شرّعت القتل بمساعدة الدولة".
يتابع: "في ولاية أوريغون الأميركية التي تساعد على الانتحار، برر أشخاص في شهادات سبقت إنهاء حياتهم سبب طلب الموت بالخوف من كونهم عبئاً على أسرهم أو أصدقائهم ومقدّمي الرعاية أو شركائهم. تقنين الانتحار بمساعدة الطبيب يؤدي أيضاً إلى تطبيع الانتحار بين عامة السكان، وقد خلص أكاديميون نظروا في هذا الاتجاه الناشئ إلى أن إضفاء الشرعية على الانتحار بمساعدة طبية ارتبط بزيادة مقدارها 6.3% في عدد الحالات، بمجرد السيطرة على كل العوامل الأخرى، ومن بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 كان الرقم أكثر من ضعف ذلك". 

يعتبر كثيرون أن قانون المساعدة على الموت تمييز ضد كبار السن وذوي الإعاقة (بن ستانسال/ فرانس برس)
يتهم قانون المساعدة على الموت بأنه تمييز ضد كبار السن وذوي الإعاقة (بن ستانسال/فرانس برس)

ويستند غوردون إلى شهادة البروفيسور جويل زيفوت التي تشكك في الاعتقاد السائد بأن المرضى الذين يختارون الموت بمساعدة قانونية يتوفون بسرعة ومن دون ألم، ويتحدث عن أدلة من ولاية تينيسي الأميركية التي تستخدم الأدوية نفسها للإعدام كما في ولاية أوريغون، حيث يموت السجناء نتيجة الوذمة الرئوية (حالة مرضية تسببها السوائل الزائدة في الرئتين). ويقول: "هذا الدليل المخيف من ولاية أوريغون مهم لأن النظام الأميركي يتشابه مع مشاريع قوانين سابقة جرى تقديمها إلى برلمان المملكة المتحدة. وفي كندا، توفي 1700 شخص بالقتل الرحيم عام 2022 بسبب الشعور بالوحدة، وتآكلت الضمانات القانونية هناك، كما تحدثت الحكومة عن توفير ملايين الدولارات على ميزانيات الصحة الإقليمية من خلال القتل الرحيم. وفي بلجيكا وهولندا، توسّع النظام ليشمل الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وحتى مرضى الاضطرابات العقلية".
ويشدد ماكدونالد: "من المخيب أننا نستمر في تجاهل النقاش الأكثر أهمية حول كيفية تقديم رعاية تلطيفية عالية الجودة لجميع من يحتاجون إليها، في وقت نشهد تمييزاً واسع النطاق ضد كبار السن وذوي الإعاقة، وأزمة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية ونظام الرعاية مع دور العجزة التي تواجه عجزًا مقداره 100 مليون جنيه إسترليني (130 مليون دولار) في أنحاء المملكة المتحدة".

ويقول نيكولاس ويسون، من مكتب إعلام الكلية الملكية للأطباء، لـ"العربي الجديد": "صوّت أعضاء الكلية عام 2019 على تبني موقف محايد من تغيير القانون للسماح بالموت بمساعدة طبية، والكلية الملكية للأطباء لا تدعم ولا تعارض تغيير القانون للسماح بالموت بمساعدة طبية".
واللافت ان أنصار المساعدة على الموت يعارضون استخدام مصطلح "القتل الرحيم" الذي يرتبط في بعض الأحيان بالبرنامج النازي لإبادة المعوقين والمرضى العقليين، وهم يعتبرون أنه يصعب زعم أن قتل أطفال صغار يمكن أن يكون نتيجة موافقتهم. وفي هولندا، أصبح الاكتئاب مرضاً مؤهلاً لتطبيق قانون المساعدة على الموت. 

المساهمون