تونس: إجراءات أمنية ولوجستية استثنائية لإنجاح يوم الاقتراع

23 نوفمبر 2014
سيتولى أكثر من 50 ألف أمني تأمين الانتخابات(ياسين غيدي/الأناضول)
+ الخط -

يتوجّه، اليوم الأحد، قرابة 5 ملايين و286 ألف ناخب تونسي نحو صناديق الاقتراع، لاختيار أول رئيس منتخب عن طريق الاقتراع المباشر بعد الثورة، إذ يبدأ التصويت من الساعة الثامنة صباحاً، ويتواصل حتى السادسة مساء.

أما في الخارج، فتجري عملية الاقتراع في 43 دولة، وكانت قد انطلقت يوم الخميس الماضي في كمبيرا باستراليا، على أن يقفل آخر مكتب اقتراع غداً الإثنين عند الساعة الثالثة صباحاً في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية. ويُشارك في انتخابات الخارج حوالى 390 ألف ناخب موزعين على 399 مكتب اقتراع في ستة دوائر انتخابية.

وبدت الاستعدادات حثيثة منذ فترة لتأمين الانتخابات، إلا أن وتيرتها تسارعت منذ حوالى أسبوع على مستوى رئاسة الحكومة التونسية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإنجاح يوم الاقتراع وتأمينه في قرابة 11 ألف مكتب اقتراع، موزع على حوالى 5 آلاف مركز اقتراع ممثلة لـ 27 دائرة انتخابية في تونس.

وعلى المستوى الأمني، قررت خلية الأزمة الحكومية غلق المعبرين الحدوديين مع ليبيا، رأس جدير والذهيبة، منذ الخميس الماضي وحتى اليوم الأحد، باستثناء عبور البعثات الدبلوماسيّة والحالات الاستثنائيّة والمستعجلة، مع فتح المجال أمام المغادرين من الليبيّين من تونس في اتّجاه ليبيا. وتهدف هذه الإجراءات إلى تفادي كل ما من شأنه أن يعكّر صفو الأمن خلال الانتخابات الرئاسيّة. وتبعاً للإجراءات التي وضعتها القيادات الأمنيّة والعسكريّة، تمّ تجنيد أكثر من 50 ألف عنصر أمن بهدف تأمين المسار الانتخابي الذي يخوضه 27 مترشحاً من بينهم 8 ممثلين عن أحزاب سياسية و17 مستقلاً.

انسحابات غير قانونية

وعلى الرغم من انسحاب خمسة مرشحين من السباق الانتخابي إلا أنّ "هذه الانسحابات تُعدّ سياسيّة لا قانونية"، حسب ما أكّده لـ"العربي الجديد" عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، كمال التوجاني، على اعتبار أن مهل الانسحاب الموضوعة حسب الرزنامة الانتخابية قد أغلقت قبل 15 يوماً من انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية.

وبالتالي حافظت الهيئة، حسب تصريح التوجاني، على "كافة الاجراءات التي أعلنت عنها فور إقرار القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، من بينها ورقة الاقتراع المتضمنة أسماء المرشحين وصورهم وترتيبهم العددي الذي ضُبط بحسب عملية القرعة، التي أُجريت في المركز الإعلامي في قصر المؤتمرات في العاصمة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول بحضور المترشحين وسياسيين ووسائل الإعلام ومراقبي المجتمع المدني".

أما في ما يخص التنظيم اللوجستي والإداري ليوم الاقتراع، فأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، أنه تمّ اتخاذ إجراءات استثنائية جديدة وفقاً للإشكاليات التي أفرزتها الانتخابات التشريعية، التي أُجريت في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وستفتح جميع المكاتب من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة السادسة مساء من دون انقطاع، باستثناء 50 مكتباً موزعاً بكل من محافظات القصرين، جندوبة والكاف التي ستفتح لضرورات أمنية انطلاقاً من الساعة العاشرة صباحاً وتغلق عند الساعة الثالثة ظهراً.

وضماناً لشفافية العملية الانتخابية، أفاد صرصار أنه تم تغيير 1457 عضواً ورئيس مكتب اقتراع، من جملة 50 ألفاً و343 شاركوا في الانتخابات التشريعية، بعدما تبين عدم كفاءة البعض وعدم حياد البعض الآخر.

أما بخصوص سجل الناخبين، فقد أكدت عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، فوزية الدريسي، لـ"العربي الجديد" أنه "وقع تدارك إشكاليات الناخبين، الذين لم يتمكنوا من المشاركة في الانتخابات السابقة، بفتح فترة استثنائية (بين 2 – 8 نوفمبر/ تشرين الثاني) لإدراج الناخبين المسجلين إرادياً في سنة 2011 بقائمات الناخبين الجديدة. وتمّ قبول 1618 طلباً، منها 1415 في الخارج و203 داخل الجمهورية. وتتضمن الملفات المقبولة 1129 طلب تغيير لمكاتب الاقتراع، بينما لم يتجاوز عدد طلبات الإدراج في سجل الناخبين 489 شخصاً.

إحالة ملفات على النيابة

كما أكّدت الدريسي لـ"العربي الجديد" أنه تم "إيصال جميع المواد الانتخابية من صناديق الاقتراع وقوارير الحبر وأوراق التصوي، وغيرها من المستلزمات للدوائر الانتخابية في تونس والخارج. وتولت تأمين عملية نقل المواد شركات توزيع خاصة بالتنسيق مع التمثيليات الدبلوماسية التونسية والدول الأجنبية.

وفي ما يتعلق برقابة الحملة الانتخابية، أحالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 22 ملفاً إلى النيابة العامة، إثر رصدها العديد من التجاوزات، من بينها تجاوزات صُنفت على أنها جرائم انتخابية. وتشمل الاعتداء بالعنف على أحد عناصر المراقبة، التحريض على العنف عبر الخطاب الانتخابي، الدعاية في الإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية والخاصة، استعمال وسائل الإدارة، استعمال وسائل الإعلام الأجنبية، والإشهار بخلاف القانون الانتخابي.

تجند المجتمع المدني

ولا تبدو الاستعدادات على أوجها من قبل الحكومة فقط، إذ جنّدت منظمات المجتمع المدني التونسي الآلاف لمراقبة يوم التصويت، من بينها مرصد الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين وشبكة مراقبون ومنظمة عتيد ومركز شاهد وائتلاف أوفياء وغيرها من المنظمات التونسية.

كما سيُراقب الانتخابات نحو 780 مراقبا أجنبيا ممثلين عن جمعيات ومنظمات عربية وأوروبية وأفريقية، فضلاً عن منظمات دولية من بينها شبكة الانتخابات في العالم العربي، جامعة الدول العربية، بعثة الاتحاد الأوروبي، مركز كارتر، جمعية الشفافية الليبية وغيرها.

كما تم السماح لمراكز استطلاع الرأي بالقيام بعملية سبر الآراء يوم الاقتراع، وهو أمر سبق للهيئة المستقلة للإعلام السمعي والبصري أن منعته في الانتخابات السابقة. وبالتالي سيتمكن التونسيون في مساء اليوم، الأحد، من معرفة رئيسهم الجديد إذا حصل على الأغلبية الواسعة للأصوات، أو المرشّحين اللذين سيمران إلى الجولة الثانية.

المساهمون