27 سبتمبر 2018
تونس.. شرارة الثورة
بدأت الثورة التونسية في 17/12/2010. أسقطت بن علي يوم 14/1/2011، لكنها أطلقت شرارة هائلة القوة اجتاحت البلدان العربية. حيث انتقلت إلى مصر في 25/1، وإلى اليمن في 12/2/ والبحرين، ثم ليبيا في 17/2، ومن ثم وصلت إلى سورية في 15/3. كانت ظاهرة "غريبة"، بالضبط لأنها انتشرت بشكل سريع إلى كل الوطن العربي، وكان لافتاً انحصارها في الوطن العربي.
بدا وكأن بركاناً تفجّر بكل قوة، أثار الأمل وأطلق العزيمة في البلدان العربية، لكنه أثار الخوف لدى النظم العربية التي لم تكن قد وصلت إليها الشرارة، وكذلك أثار الرعب في طغم إمبريالية تعيش أزمةً لم تكن قد استطاعت حلها حينها، (ولم تستطع بعد ذلك أيضاً).
طرح الأمل حلم التغيير، بالتحديد لدى الشباب المفقر، وبعض شباب الفئات الوسطى. يريد بعضهم العمل والأجر الذي يسمح بالعيش، والسكن، ويريد آخرون الحرية، ويطمحون إلى الديمقراطية. واعتقد الجميع أن رحيل الرئيس فتح على مسار تغييري سوف يحقق مطالب هؤلاء وأولئك. كان الأمل كبيراً، وسرعة الانتصار أفهمت أن التغيير سلس وسهل، وبالتالي، حلمت تلك الفئات بأن تتحقق مطالبها، وانتظرت إلى أن أصيبت بصدمة.
لعبت الدولة القديمة على الثورة، فقامت بالبدء بمسار ديمقراطي، تحت سيطرتها وتحكمها، لأن رحيل الرئيس لم يتبعه تغيير حقيقي في بنية الدولة. وأفضى هذا المسار إلى انتصار الإسلاميين، في تونس ومصر، ودخلت الثورات الأخرى في صراعات وارتباكاتٍ، من دون أن تحقق غير التغيير الشكلي. فظهر أنه حتى المسار الديمقراطي ليس حقيقياً، بينما لم تتحقق المطالب الأساسية لقطاع كبير من الشعب، أي البطالة والفقر والتهميش وانهيار التعليم والصحة والبنية التحتية. على العكس، استمرت الدولة الجديدة بالسياسة الاقتصادية نفسها، أي اللبرلة والخصخصة، وأمعنت في ذلك. لهذا ظلت مطالب المفقرين هي نفسها، وصُدمت الفئات التي تريد الحرية بعودة الاستبداد والعنف (كما في مصر)، أو أعادت السلطة ترتيب وضعها، كما حدث في تونس، ينما حلت الفوضى ليبيا واليمن، وحرب طاحنة في سورية.
أوحت هذه الوضعية بأن الشرارة انتهت، وأن الأمل تحطم، ما أطلق حالات يأس وهروب لدى قطاع من الشباب، أو التحاق بالنظام لدى أحزاب كانت معارضة. وأصبح التقدير أن الثورة فشلت. هل فشلت الثورة؟ ربما كان عدم لمس أساسها يفضي إلى ذلك، ليس لأن هذه الموجة من الثورات لا زالت مستمرة، فقد "خمدت"، على الرغم من استمرار كل أشكال الاحتجاج الاجتماعي، بل يفرض أساسها "الاقتصادي" استمرار الوضع الثوري، حيث لم تعد الشعوب قادرة على تحمل الوضع الذي تعيشه، كما لم تعد النظم قادرة على الاستمرار بالطريقة التي تحكم فيها. لهذا، سيقود الوضع الثوري إلى انفجارات جديدة بالحتم، وليس من الممكن أن تتوقف، قبل أن تحقق التغيير العميق في التكوين الاقتصادي، الذي يتضمن تحقيق مطالب المفقرين، ويحقق مطلب الحرية.
لكن، على الشباب أن يستخلص النتائج الصحيحة من التجربة، بدل الغرق في اليأس، وأهمها أنه لكي تنتصر الثورة يجب أن يتبلور حزب ثوري، يطرح بديلاً حقيقياً، ويضع إستراتيجية الوصول إلى السلطة، من أجل تغيير النمط الاقتصادي والنظام السياسي. هذا ما يجب أن يشتغل عليه الشباب أنفسهم، لأن مجمل الأحزاب لا تظهر سوى العجز، والابتعاد عن فهم المشكلات المجتمعية.
إذن، اشتغلت الدولة القديمة على اللف على الثورات، وتبدو ناجحة إلى الآن. بالضبط، لغياب البديل، بمعنى الرؤية والبرنامج والقوى المنظمة. ولا شك في أن الطغم الإمبريالية، ودولاً إقليمية (السعودية خصوصاً)، نشطت من أجل إجهاض الثورات وتخريبها، ودعم السلفية في مواجهتها. فبالنسبة لها يجب أن تنطفئ الشرارة قبل أن تمتد بعيداً، حيث إن الوضع الدولي مهيأ لذلك، نتيجة الأزمة التي تعيشها الرأسمالية، وهو ما تبلور في سورية، وليبيا، واليمن.
بدا وكأن بركاناً تفجّر بكل قوة، أثار الأمل وأطلق العزيمة في البلدان العربية، لكنه أثار الخوف لدى النظم العربية التي لم تكن قد وصلت إليها الشرارة، وكذلك أثار الرعب في طغم إمبريالية تعيش أزمةً لم تكن قد استطاعت حلها حينها، (ولم تستطع بعد ذلك أيضاً).
طرح الأمل حلم التغيير، بالتحديد لدى الشباب المفقر، وبعض شباب الفئات الوسطى. يريد بعضهم العمل والأجر الذي يسمح بالعيش، والسكن، ويريد آخرون الحرية، ويطمحون إلى الديمقراطية. واعتقد الجميع أن رحيل الرئيس فتح على مسار تغييري سوف يحقق مطالب هؤلاء وأولئك. كان الأمل كبيراً، وسرعة الانتصار أفهمت أن التغيير سلس وسهل، وبالتالي، حلمت تلك الفئات بأن تتحقق مطالبها، وانتظرت إلى أن أصيبت بصدمة.
لعبت الدولة القديمة على الثورة، فقامت بالبدء بمسار ديمقراطي، تحت سيطرتها وتحكمها، لأن رحيل الرئيس لم يتبعه تغيير حقيقي في بنية الدولة. وأفضى هذا المسار إلى انتصار الإسلاميين، في تونس ومصر، ودخلت الثورات الأخرى في صراعات وارتباكاتٍ، من دون أن تحقق غير التغيير الشكلي. فظهر أنه حتى المسار الديمقراطي ليس حقيقياً، بينما لم تتحقق المطالب الأساسية لقطاع كبير من الشعب، أي البطالة والفقر والتهميش وانهيار التعليم والصحة والبنية التحتية. على العكس، استمرت الدولة الجديدة بالسياسة الاقتصادية نفسها، أي اللبرلة والخصخصة، وأمعنت في ذلك. لهذا ظلت مطالب المفقرين هي نفسها، وصُدمت الفئات التي تريد الحرية بعودة الاستبداد والعنف (كما في مصر)، أو أعادت السلطة ترتيب وضعها، كما حدث في تونس، ينما حلت الفوضى ليبيا واليمن، وحرب طاحنة في سورية.
أوحت هذه الوضعية بأن الشرارة انتهت، وأن الأمل تحطم، ما أطلق حالات يأس وهروب لدى قطاع من الشباب، أو التحاق بالنظام لدى أحزاب كانت معارضة. وأصبح التقدير أن الثورة فشلت. هل فشلت الثورة؟ ربما كان عدم لمس أساسها يفضي إلى ذلك، ليس لأن هذه الموجة من الثورات لا زالت مستمرة، فقد "خمدت"، على الرغم من استمرار كل أشكال الاحتجاج الاجتماعي، بل يفرض أساسها "الاقتصادي" استمرار الوضع الثوري، حيث لم تعد الشعوب قادرة على تحمل الوضع الذي تعيشه، كما لم تعد النظم قادرة على الاستمرار بالطريقة التي تحكم فيها. لهذا، سيقود الوضع الثوري إلى انفجارات جديدة بالحتم، وليس من الممكن أن تتوقف، قبل أن تحقق التغيير العميق في التكوين الاقتصادي، الذي يتضمن تحقيق مطالب المفقرين، ويحقق مطلب الحرية.
لكن، على الشباب أن يستخلص النتائج الصحيحة من التجربة، بدل الغرق في اليأس، وأهمها أنه لكي تنتصر الثورة يجب أن يتبلور حزب ثوري، يطرح بديلاً حقيقياً، ويضع إستراتيجية الوصول إلى السلطة، من أجل تغيير النمط الاقتصادي والنظام السياسي. هذا ما يجب أن يشتغل عليه الشباب أنفسهم، لأن مجمل الأحزاب لا تظهر سوى العجز، والابتعاد عن فهم المشكلات المجتمعية.
إذن، اشتغلت الدولة القديمة على اللف على الثورات، وتبدو ناجحة إلى الآن. بالضبط، لغياب البديل، بمعنى الرؤية والبرنامج والقوى المنظمة. ولا شك في أن الطغم الإمبريالية، ودولاً إقليمية (السعودية خصوصاً)، نشطت من أجل إجهاض الثورات وتخريبها، ودعم السلفية في مواجهتها. فبالنسبة لها يجب أن تنطفئ الشرارة قبل أن تمتد بعيداً، حيث إن الوضع الدولي مهيأ لذلك، نتيجة الأزمة التي تعيشها الرأسمالية، وهو ما تبلور في سورية، وليبيا، واليمن.