20 سبتمبر 2018
في الموقف ضد الاستبداد
مال قطاعٌ من النخب إلى اعتبار الاستبداد والنظم الاستبدادية هي هذا "الخارج" الذي يُلقى عليه كل فشل وعجز ومصيبة. ولا شك في أن استبدادية النظم فرضت تصفية الأحزاب السياسية، وحتى نهاية السياسة في المجتمع، وبالتالي شطب كل إمكانية لنشوء البديل. لكن لم يحدث ذلك، إلا لأن النظم قد حقّقت، في مرحلة أولى، مطالب شعبية مهمة، ما جعلها تحظى بقاعدةٍ شعبية، ومن ثم يتراجع الصراع الشعبي ضدها. في هذه الوضعية، كان من الطبيعي أن تُسحق الحركة السياسية المعارِضة، لأنها باتت بلا قاعدة شعبية. وكان تضخيم الأجهزة الأمنية، واتباع سياسة قمع ومنع واعتقال، هو الشكل الذي أنهى تلك الحركة. استطاعت النظم تضخيم قدراتها، في الوقت الذي أفضت سياساتها الاقتصادية إلى إبعاد الشعوب عن كل صراع ضدها، وبالتالي كان سحق المعارضة سهلاً. وقد "أبعدت" الشعوب، لأنها حققت مطالبها، وبالتالي لم يعد للمعارضة قاعدة شعبية.
تأسّست النظم الاستبدادية من قوى اجتماعية، عبّرت عن مطالب الشعوب، فحققت تلك المطالب، ولهذا باتت تحظى بقاعدة اجتماعية مستقرة، سمحت لها بأن تبني قوى قمع قوية. وبهذا باتت قوية ودكتاتورية في مواجهة معارضةٍ فقدت قاعدتها الاجتماعية، ولا تطرح سوى شعاراتٍ، خصوصاً هنا مسألة الديمقراطية التي لم تكن سوى مطلب نخب، وخلاف على مسائل قومية، ومواقف من الإمبريالية.
الوضع الذي وصلت إليه الشعوب هو نتيجة سياسات النظم الاستبدادية. ولكن هل يمكن أن نعزو كل ما يحدث، والفشل المستمر للأحزاب السياسية المعارضة، إلى النظم الاستبدادية؟ هذا ما أصبح يراود النخب، حيث إنها تلقي كل اللوم على النظم الاستبدادية، فهي وراء كل المشكلات وكل الفشل، وكل الانهيارات التي حدثت وتحدث. وبالتالي، بات الخطاب الذي تنتجه متمحوراً حول الاستبداد، وفي المقابل (الميكانيكي) حول الديمقراطية. وحيث يجري تفسير كل القضايا، انطلاقاً من ذلك فقط، فالنظام هو سبب كل الشرور، وهو سبب كل المشكلات. ومن ثم يصبح هدف الخطاب كشف استبدادية النظام، وإلقاء اللوم عليه في كل ما يجري، والذهاب بعيداً في الردح انطلاقاً من ذلك، ثم ليجرِي استسهال التأكيد على أن البديل هو الديمقراطية.
المبدأ هنا هو تكرار لـ "الندب" المناهض للإمبريالية، حيث هناك طرفٌ شرّيرٌ وراء كل ما نعانيه، وهو سبب كل مشكلاتنا. دمّرت النظم السياسة وأنهت الأحزاب، لكنها لم تفعل ذلك بـ "قوة خارقة"، بل نتيجة قدرتها على استقطاب أو تحييد جزء كبير من الشعب، بما حقّقته له من مصالح. وبالتالي، فإن تحقيق مصالح شعبية في لحظة ما يفرض نهاية الحركة السياسية التي نشأت للتعبير عن هذه المصالح، هذا هو أساس الانهيار، على الرغم من عنف النظم الاستبدادية ودورها في سحق كل معارضة، ومن ثم تعميم ثقافة "التفاهة". لقد باتت المعارضة من الماضي، لأن البيئة التي أنتجتها انتهت، بفعل ما حققته النظم التي تشكلت من أحزابٍ شبيهة بها، وربما لهذا السبب تلقي كل اللوم على الاستبداد، متجاهلةً أن هذه النظم الاستبدادية كسبت قطاعات شعبية، بالضبط لأنها حققت مطالبها في تلك اللحظة، قبل أن تعيد نهبها. وبالتالي، كان على "النخب" أن تلمس وضع الشعب "الجديد"، أي الذي نهبته هذه النظم، وأن تؤسس سياساتها على ضوء الوضع الجديد. لكنها اكتفت بالردح ضد الاستبداد، وقد أصرَّت على عدم رؤية وضع الشعب، ربما لأنها تعرف أن انحيازه للنظم هو الذي همّشها، من دون أن تفهم سبب ذلك، وما عليها فهمه لكي تلاقي الشعب من جديد. بدل ذلك، كان الردح ضد الاستبداد هو منطقها. لكن.. ماذا يفيد الردح هنا؟
تأسّست النظم الاستبدادية من قوى اجتماعية، عبّرت عن مطالب الشعوب، فحققت تلك المطالب، ولهذا باتت تحظى بقاعدة اجتماعية مستقرة، سمحت لها بأن تبني قوى قمع قوية. وبهذا باتت قوية ودكتاتورية في مواجهة معارضةٍ فقدت قاعدتها الاجتماعية، ولا تطرح سوى شعاراتٍ، خصوصاً هنا مسألة الديمقراطية التي لم تكن سوى مطلب نخب، وخلاف على مسائل قومية، ومواقف من الإمبريالية.
الوضع الذي وصلت إليه الشعوب هو نتيجة سياسات النظم الاستبدادية. ولكن هل يمكن أن نعزو كل ما يحدث، والفشل المستمر للأحزاب السياسية المعارضة، إلى النظم الاستبدادية؟ هذا ما أصبح يراود النخب، حيث إنها تلقي كل اللوم على النظم الاستبدادية، فهي وراء كل المشكلات وكل الفشل، وكل الانهيارات التي حدثت وتحدث. وبالتالي، بات الخطاب الذي تنتجه متمحوراً حول الاستبداد، وفي المقابل (الميكانيكي) حول الديمقراطية. وحيث يجري تفسير كل القضايا، انطلاقاً من ذلك فقط، فالنظام هو سبب كل الشرور، وهو سبب كل المشكلات. ومن ثم يصبح هدف الخطاب كشف استبدادية النظام، وإلقاء اللوم عليه في كل ما يجري، والذهاب بعيداً في الردح انطلاقاً من ذلك، ثم ليجرِي استسهال التأكيد على أن البديل هو الديمقراطية.
المبدأ هنا هو تكرار لـ "الندب" المناهض للإمبريالية، حيث هناك طرفٌ شرّيرٌ وراء كل ما نعانيه، وهو سبب كل مشكلاتنا. دمّرت النظم السياسة وأنهت الأحزاب، لكنها لم تفعل ذلك بـ "قوة خارقة"، بل نتيجة قدرتها على استقطاب أو تحييد جزء كبير من الشعب، بما حقّقته له من مصالح. وبالتالي، فإن تحقيق مصالح شعبية في لحظة ما يفرض نهاية الحركة السياسية التي نشأت للتعبير عن هذه المصالح، هذا هو أساس الانهيار، على الرغم من عنف النظم الاستبدادية ودورها في سحق كل معارضة، ومن ثم تعميم ثقافة "التفاهة". لقد باتت المعارضة من الماضي، لأن البيئة التي أنتجتها انتهت، بفعل ما حققته النظم التي تشكلت من أحزابٍ شبيهة بها، وربما لهذا السبب تلقي كل اللوم على الاستبداد، متجاهلةً أن هذه النظم الاستبدادية كسبت قطاعات شعبية، بالضبط لأنها حققت مطالبها في تلك اللحظة، قبل أن تعيد نهبها. وبالتالي، كان على "النخب" أن تلمس وضع الشعب "الجديد"، أي الذي نهبته هذه النظم، وأن تؤسس سياساتها على ضوء الوضع الجديد. لكنها اكتفت بالردح ضد الاستبداد، وقد أصرَّت على عدم رؤية وضع الشعب، ربما لأنها تعرف أن انحيازه للنظم هو الذي همّشها، من دون أن تفهم سبب ذلك، وما عليها فهمه لكي تلاقي الشعب من جديد. بدل ذلك، كان الردح ضد الاستبداد هو منطقها. لكن.. ماذا يفيد الردح هنا؟