في أوائل شهر مارس/ آذار، 2011، بدأت تتوارد أنباء قصة مجموعة من أطفال المدارس في مدينة درعا جنوبي سورية، قاموا بكتابة عبارة "فليسقط النظام"، و"إجاك الدور يا دكتور"، على أحد الجدران، وما كان من قوات النظام السوري إلا أن قامت باعتقال هؤلاء الأطفال وسجنهم وتعذيبهم، وعند استفسار أولياء الأمور عن مصير أبنائهم، رفض النظام الإفراج عنهم، بل وقام بإهانة آبائهم.
بعدها، وفي الخامس عشر من شهر مارس/ آذار 2011، تفجرت الثورة السورية العظيمة، حيث انطلقت في حيين بالعاصمة دمشق، وبعد ثلاثة أيام، كان الخلاف بين أهالي درعا والنظام قد وصل إلى ذروته، على خلفية قصة الأطفال، ومع رفض قوات النظام إخراج المعتقلين من السجن، انطلقت تظاهرات في عموم أنحاء درعا تطالب بالإفراج عن المعتقلين، والحرية والكرامة، وسالت أول قطرة دم سوري، بسقوط شهيدين.
مع اتساع رقعة التظاهرات ضد النظام في المدن السورية، وبينما كان سلاح المتظاهرين الزهور، كان هناك سلاح وحيد يتقنه عناصر النظام، الرصاص والضرب والاعتقال، وبدأت حملة الاعتقالات تملأ السجون السورية.
ولم تنفع المياه ولا الزهور يحيى شربجي وشقيقه معن، ولا غياث مطر وآخرين من أبناء مدينة داريا خلال المظاهرات السلمية، حيث غيبهم السجن وبعد ذلك الموت تحت التعذيب، موت تمناه يحيى، الذي قال يوماً "أن أكون مقتولاً أفضل من أكون قاتلاً".
ولم يكن ما كشفه قيصر، وهو اسم مستعار لمصور سوري سابق كان يعمل في مركز التوثيق للشرطة العسكرية بسورية، والذي التقط آلاف الصور لجثث شوهها التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون بين 2011 و2013، إلا جزءاً يسيراً مما يحصل في المسالخ البشرية.
ومع امتلاء زنازين الموت بالمعتقلين، أضحى النظام السوري يتفنن في أساليب التعذيب، في ظل غياب أي رادع للمحاسبة.
وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير أن نظام بشار الأسد نفذ منذ بداية الثورة السورية وإلى 2015 حوالى 13 ألف عملية إعدام جماعية وسرية في سجن صيدنايا ذائع الصيت.
وبغية التخلص من ملف المعتقلين، وللإفلات من العقاب ولو لحين، اخترع النظام السوري أخيراً، كذبة "الأزمة القلبية"، مع بدئه منذ أسابيع توزيع قوائم أسماء معتقلين في سجونه، للسجلات المدنية في مختلف المحافظات، على أنهم باتوا في عداد الموتى.