تستعد الجماهير الفلسطينية، اليوم، لجمعة الغضب الثالثة من حراك مسيرة العودة وكسر الحصار، والتي سُميت بجمعة حرق العلم الإسرائيلي ورفع العلم الفلسطيني، مع استمرار الحشد ميدانياً للفعاليات التي لم تتوقف منذ إطلاقها في ذكرى يوم الأرض في 30 مارس/ آذار الماضي، والتي ستتوج بفعاليات كبرى في ذكرى النكبة الفلسطينية منتصف شهر مايو/ أيار المقبل. ويستمر هذا الحراك الفلسطيني في غزة على الرغم من تصاعد تهديدات الاحتلال الإسرائيلي، والتي حوّلها في جمعتي الغضب الأولى (في 30 مارس الماضي) والثانية (في 6 إبريل/ نيسان الحالي) إلى مجازر بحق المشاركين، إذ سقط 31 شهيداً فلسطينياً وما يزيد عن ثلاثة آلاف مصاب، وذلك بالتوازي مع ضغوط متزايدة على قيادات الفصائل في غزة من أطراف مختلفة لمنع استمرار الفعاليات الحدودية، التي يبدو واضحاً أنها تزعج الاحتلال.
وطوال الأيام الماضية التي تلت جمعة الغضب الثانية (في 6 إبريل) أو "جمعة الكاوتشوك" (إطارات السيارات الفارغة)، كانت الجماهير الفلسطينية تتقدّم باتجاه خيام العودة قبالة الحدود الشرقية لقطاع غزة من دون كلل أو ملل، وهي التي كانت تتعرض بين الحين والآخر إلى الرصاص الإسرائيلي والغاز المسيل للدموع في محاولة لوقف الحراك ومنع استمرار تدفق الفلسطينيين باتجاه الحدود. وباتت خيام الاعتصام والمناطق الحدودية، مزاراً للفلسطينيين في غير أيام الجُمع الرسمية والتي تصل فيها الفعاليات لذروتها، وتقام في الخيام وجوارها فعاليات مختلفة على مدار أيام الأسبوع، وسط حشود جماهيرية ملفتة، تؤكد استمرار الحراك السلمي والنضال الشعبي في وجه الاحتلال.
ويشارك الشاب منتصر عبدالعال في المسيرات الحدودية كل يوم جمعة، وسيخرج اليوم في الجمعة الثالثة كما كل مرة. يقول عبدالعال لـ"العربي الجديد": "أنا لا أذهب من أجل الموت، أنا أقول للعالم أنه يكفي 70 عاماً من المعاناة للشعب الفلسطيني، ويكفي حصاراً لغزة منذ 12 عاماً، نريد أن نعيش كباقي الناس".
يتذكر عبدالعال الكثير من الأحداث التي جرت قربه خلال مشاركته في الاعتصام شرق مخيم جباليا للاجئين، شمالي قطاع غزة، ويشير إلى أنّ القناصة الإسرائيليين المنتشرين على الحدود الشرقية للقطاع يستهدفون الشبان القريبين من السياج الفاصل والبعيدين عنه، فلا أحد من المشاركين يشكّل أي خطر على الاحتلال. ويروي كيف يعمل المسعفون والأطباء في الميدان عبر النقاط الطبية التي أقيمت لتخفيف العبء عن المستشفيات الحكومية ومن أجل تقليل حالات الوفيات، وهو يقول إنّ ما يقومون به "عمل بطولي"، إذ يسارعون لإنقاذ المصابين ويحاولون بقدر المستطاع أن يتعاملوا معهم ميدانياً، وإذا استدعى الأمر نقلهم للمستشفى يتم نقلهم، وهم جاهزون للمعاملة الطبية بشكل سريع.
أما الشاب أحمد الكحلوت، الذي أصيب بعيار ناري متفجر في قدمه، فينتظر، وفق حديثه مع "العربي الجديد"، شفاءه ليعود للمشاركة في الاعتصام، وهو غير نادم على مشاركته السابقة والتي أدت لإصابته المتوسطة. يقول الكحلوت إنّ المشاركة "واجب وطني"، لأن ما يجري الآن بصوت عال وبمشاركة بعض العرب هو محاولة لتصفية القضية الفلسطينية والالتفاف على الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وذلك لن يمر إلا على أجساد الفلسطينيين العُزل.
اقــرأ أيضاً
وفق المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الطبيب أشرف القدرة، فإنّ 31 فلسطينياً استشهدوا منذ انطلاق مسيرات العودة، إضافة إلى شهيدين لم تسلمهما قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني واختطفت جثمانيهما إلى الشرق من وسط القطاع. ويوضح القدرة أنّ عدد المصابين بلغ 3078، منهم 445 طفلاً و152 سيدة، ولا تزال 106 إصابات خطيرة، فيما كانت 1183 متوسطة، و1789 طفيفة.
ويعزز الاحتلال بشكل ملحوظ من وجوده العسكري على الحدود مع غزة، ودفع بمزيد من التعزيزات، والتي تصل إلى ذروتها يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، ويواصل من دون اكتراث إطلاق النار على الفلسطينيين العُزل الذين لا يحملون إلا الأعلام الفلسطينية وأحلام العودة لقراهم ودعواتهم لإنهاء الحصار القاسي على القطاع.
وعن ذلك، يقول عضو الهيئة القيادية العليا لمسيرة العودة الكبرى، ذو الفقار سويرجو، إن الاحتلال الإسرائيلي يعاني من حالة إرباك نتيجة استمرار هذه الفعاليات والتي جاءت مغايرة لكل التدريبات التي يخضع لها جنوده في التعامل مع جيوش ومقاتلين. ويوضح سويرجو لـ"العربي الجديد"، أن جنود الاحتلال تحوّلوا إلى شرطي مرور وأصبح الأمر عبئاً كبيراً عليهم، في الوقت الذي يحاولون فيه جر الفلسطينيين لمعركة في الملعب الذي يجيد الاحتلال اللعب فيه عبر المواجهة العسكرية.
ويلفت إلى أن الاحتلال يحاول استفزاز المقاومة عبر إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر من أجل جر الأجنحة العسكرية إلى مواجهة، مع عدم استبعاد أن يستمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان في رفع وتيرة التصعيد مع القطاع لضمان حالة من الردع تثني القائمين على هذا الحراك وتغيّر حساباتهم في التعامل مع الاحتلال.
ويشدد عضو الهيئة القيادية لحراك مسيرة العودة، على أن الاحتلال سيفشل وأن المقاومة هي ظهير لهذا الحراك الشعبي والسلمي، وستتحلى بالمسؤولية والصبر الكبير، مع التأكيد أن هذا لا يعني أن الدماء الفلسطينية رخيصة والصبر على إراقتها سيكون لأبعد مدى. ويؤكد أن المقاومة ستكون سنداً لهذا الحراك، ولن يتم التراجع عن خيار المسيرة الذي يُعتبر الأسلوب الأفضل لمواجهة الاحتلال من أجل تحييد دولة نووية تمتلك قوية عسكرية كبيرة.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن الإجراءات المتخذة في الميدان من قبل الحراك والفصائل الفلسطينية تهدف إلى الوصول للحشد الأكبر في 15 مايو/ أيار المقبل، في ظل محاولات ميدانية يمارسها الاحتلال لتفتيت الموقف السياسي والوطني للفصائل وإخافة جموع المتظاهرين بالقوة. ويوضح محيسن لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يحاول تخريب ما يجري على طول حدود قطاع غزة وتصديره للعالم على أنه عمل تخريبي يهدد أمنه، إذ يسعى لاستباق أحداث الحشد الجماهيري الكبير المزمع تنفيذه في 15 مايو المقبل من أجل عدم السماح بوجود أعداد كبيرة.
ونقطة التحدي الكبيرة والرئيسية بين الاحتلال والقائمين على الحراك، هي القدرة على العض على الأسنان للبقاء على الحشد شعبياً بمظاهره المختلفة ومشاركة شرائح واسعة في المسيرات، وصولاً إلى الحشد الجماهيري الكبير في منتصف مايو، وفق محيسن. ويتوقع الكاتب والمحلل السياسي أن تتدحرج عمليات الفعل ورد الفعل من قبل الفصائل والأجنحة العسكرية من جانب والاحتلال من جانب آخر، في ظل استهداف مواقع المقاومة والتي كان آخرها استهداف نقطة للمقاومين في القطاع، فجر الخميس، ما أدى إلى استشهاد عنصر من "كتائب القسام".
ويشير محيسن إلى أن الاحتلال يحاول أن يدفع الحراك نحو القوة والعسكرة من أجل جر فصائل المقاومة للرد على أي عدوان، في الوقت الذي تسعى فيه الفصائل الفلسطينية لتحقيق الأهداف والنجاحات المبدئية التي حققها الحراك خلال الأسابيع الماضية. والأحداث التي ستشهدها الجمعة الثالثة ستكون بمثابة يوم مفصلي، وهو ما يتطلب من فصائل المقاومة والقائمين على الحراك صناعة أقصى ما لديهم لحشد أكبر قدر ممكن من الجماهير على غرار الجمعة الأولى، حتى لا تتحول الأمور إلى شكل سلبي وصولاً إلى 15 مايو المقبل، كما يقول محيسن.
وعن إمكانية لجوء الاحتلال لعمليات اغتيال بحق قيادات في الفصائل أو المقاومة، يستبعد محيسن أن يُقدم الاحتلال على مثل هذه الإجراءات في المرحلة الحالية، خصوصاً في ظل التطورات الإقليمية وسخونة الأحداث على الجبهة الشمالية، لا سيما أن اغتيال أي شخصية قد يساهم في مواجهة جديدة.
اقــرأ أيضاً
وطوال الأيام الماضية التي تلت جمعة الغضب الثانية (في 6 إبريل) أو "جمعة الكاوتشوك" (إطارات السيارات الفارغة)، كانت الجماهير الفلسطينية تتقدّم باتجاه خيام العودة قبالة الحدود الشرقية لقطاع غزة من دون كلل أو ملل، وهي التي كانت تتعرض بين الحين والآخر إلى الرصاص الإسرائيلي والغاز المسيل للدموع في محاولة لوقف الحراك ومنع استمرار تدفق الفلسطينيين باتجاه الحدود. وباتت خيام الاعتصام والمناطق الحدودية، مزاراً للفلسطينيين في غير أيام الجُمع الرسمية والتي تصل فيها الفعاليات لذروتها، وتقام في الخيام وجوارها فعاليات مختلفة على مدار أيام الأسبوع، وسط حشود جماهيرية ملفتة، تؤكد استمرار الحراك السلمي والنضال الشعبي في وجه الاحتلال.
يتذكر عبدالعال الكثير من الأحداث التي جرت قربه خلال مشاركته في الاعتصام شرق مخيم جباليا للاجئين، شمالي قطاع غزة، ويشير إلى أنّ القناصة الإسرائيليين المنتشرين على الحدود الشرقية للقطاع يستهدفون الشبان القريبين من السياج الفاصل والبعيدين عنه، فلا أحد من المشاركين يشكّل أي خطر على الاحتلال. ويروي كيف يعمل المسعفون والأطباء في الميدان عبر النقاط الطبية التي أقيمت لتخفيف العبء عن المستشفيات الحكومية ومن أجل تقليل حالات الوفيات، وهو يقول إنّ ما يقومون به "عمل بطولي"، إذ يسارعون لإنقاذ المصابين ويحاولون بقدر المستطاع أن يتعاملوا معهم ميدانياً، وإذا استدعى الأمر نقلهم للمستشفى يتم نقلهم، وهم جاهزون للمعاملة الطبية بشكل سريع.
أما الشاب أحمد الكحلوت، الذي أصيب بعيار ناري متفجر في قدمه، فينتظر، وفق حديثه مع "العربي الجديد"، شفاءه ليعود للمشاركة في الاعتصام، وهو غير نادم على مشاركته السابقة والتي أدت لإصابته المتوسطة. يقول الكحلوت إنّ المشاركة "واجب وطني"، لأن ما يجري الآن بصوت عال وبمشاركة بعض العرب هو محاولة لتصفية القضية الفلسطينية والالتفاف على الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وذلك لن يمر إلا على أجساد الفلسطينيين العُزل.
وفق المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الطبيب أشرف القدرة، فإنّ 31 فلسطينياً استشهدوا منذ انطلاق مسيرات العودة، إضافة إلى شهيدين لم تسلمهما قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني واختطفت جثمانيهما إلى الشرق من وسط القطاع. ويوضح القدرة أنّ عدد المصابين بلغ 3078، منهم 445 طفلاً و152 سيدة، ولا تزال 106 إصابات خطيرة، فيما كانت 1183 متوسطة، و1789 طفيفة.
ويعزز الاحتلال بشكل ملحوظ من وجوده العسكري على الحدود مع غزة، ودفع بمزيد من التعزيزات، والتي تصل إلى ذروتها يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، ويواصل من دون اكتراث إطلاق النار على الفلسطينيين العُزل الذين لا يحملون إلا الأعلام الفلسطينية وأحلام العودة لقراهم ودعواتهم لإنهاء الحصار القاسي على القطاع.
وعن ذلك، يقول عضو الهيئة القيادية العليا لمسيرة العودة الكبرى، ذو الفقار سويرجو، إن الاحتلال الإسرائيلي يعاني من حالة إرباك نتيجة استمرار هذه الفعاليات والتي جاءت مغايرة لكل التدريبات التي يخضع لها جنوده في التعامل مع جيوش ومقاتلين. ويوضح سويرجو لـ"العربي الجديد"، أن جنود الاحتلال تحوّلوا إلى شرطي مرور وأصبح الأمر عبئاً كبيراً عليهم، في الوقت الذي يحاولون فيه جر الفلسطينيين لمعركة في الملعب الذي يجيد الاحتلال اللعب فيه عبر المواجهة العسكرية.
ويلفت إلى أن الاحتلال يحاول استفزاز المقاومة عبر إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر من أجل جر الأجنحة العسكرية إلى مواجهة، مع عدم استبعاد أن يستمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان في رفع وتيرة التصعيد مع القطاع لضمان حالة من الردع تثني القائمين على هذا الحراك وتغيّر حساباتهم في التعامل مع الاحتلال.
ويشدد عضو الهيئة القيادية لحراك مسيرة العودة، على أن الاحتلال سيفشل وأن المقاومة هي ظهير لهذا الحراك الشعبي والسلمي، وستتحلى بالمسؤولية والصبر الكبير، مع التأكيد أن هذا لا يعني أن الدماء الفلسطينية رخيصة والصبر على إراقتها سيكون لأبعد مدى. ويؤكد أن المقاومة ستكون سنداً لهذا الحراك، ولن يتم التراجع عن خيار المسيرة الذي يُعتبر الأسلوب الأفضل لمواجهة الاحتلال من أجل تحييد دولة نووية تمتلك قوية عسكرية كبيرة.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن الإجراءات المتخذة في الميدان من قبل الحراك والفصائل الفلسطينية تهدف إلى الوصول للحشد الأكبر في 15 مايو/ أيار المقبل، في ظل محاولات ميدانية يمارسها الاحتلال لتفتيت الموقف السياسي والوطني للفصائل وإخافة جموع المتظاهرين بالقوة. ويوضح محيسن لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يحاول تخريب ما يجري على طول حدود قطاع غزة وتصديره للعالم على أنه عمل تخريبي يهدد أمنه، إذ يسعى لاستباق أحداث الحشد الجماهيري الكبير المزمع تنفيذه في 15 مايو المقبل من أجل عدم السماح بوجود أعداد كبيرة.
ويشير محيسن إلى أن الاحتلال يحاول أن يدفع الحراك نحو القوة والعسكرة من أجل جر فصائل المقاومة للرد على أي عدوان، في الوقت الذي تسعى فيه الفصائل الفلسطينية لتحقيق الأهداف والنجاحات المبدئية التي حققها الحراك خلال الأسابيع الماضية. والأحداث التي ستشهدها الجمعة الثالثة ستكون بمثابة يوم مفصلي، وهو ما يتطلب من فصائل المقاومة والقائمين على الحراك صناعة أقصى ما لديهم لحشد أكبر قدر ممكن من الجماهير على غرار الجمعة الأولى، حتى لا تتحول الأمور إلى شكل سلبي وصولاً إلى 15 مايو المقبل، كما يقول محيسن.
وعن إمكانية لجوء الاحتلال لعمليات اغتيال بحق قيادات في الفصائل أو المقاومة، يستبعد محيسن أن يُقدم الاحتلال على مثل هذه الإجراءات في المرحلة الحالية، خصوصاً في ظل التطورات الإقليمية وسخونة الأحداث على الجبهة الشمالية، لا سيما أن اغتيال أي شخصية قد يساهم في مواجهة جديدة.