جولة ثانية من صراع الحوثيين وطارق صالح: من صنعاء إلى الساحل الغربي

22 ابريل 2018
تبدو معركة تعز استكمالاً لمواجهة صنعاء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
مع استمرار المعارك الميدانية في الساحل الغربي لمحافظة تعز اليمنية، تبدو المواجهة إلى حد كبير كمرحلة ثانية من الصراع الذي حسمته جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في صنعاء سريعاً مطلع ديسمبر/كانون الأول، وهذه المرة المعركة مع الناجين من رجال الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذين تمكّنوا من الفرار إلى مناطق خاضعة للتحالف بقيادة السعودية والحكومة الشرعية ليعودوا لخوض معركة لا تقل أهمية، كونها ستحدد مدى قدرة الموالين لطارق صالح على تحقيق تحوّل في مسار المعارك الميدانية من عدمه.

وأكدت مصادر يمنية قريبة من الحوثيين وأخرى محلية لـ"العربي الجديد"، أن الجماعة وخلال الأيام القليلة الماضية، حشدت مزيداً من قواتها نحو الساحل الغربي، وركزت جهودها على المعركة مع القوات الموالية لطارق صالح، في سبيل منع أي تقدّم لها وإلحاق أكبر قدرٍ ممكن من الخسائر في صفوفها، بما من شأنه أن يؤثر على نفسيات مؤيديه، سواء ممن باتوا في مناطق خاضعة للشرعية ويجاهرون بدعمه، أو ممن لا يزالون في مناطق خاضعة للحوثيين ويلتزمون الصمت أو يؤيدون الجماعة تحت تهديد الاعتقال والتنكيل.

وأظهرت معارك الأيام الماضية، بما صاحبها من تغطية إعلامية من قبل الحوثيين وأنصار حزب "المؤتمر" المؤيدين لطارق صالح، أن المواجهة التي بدأت رحاها في الساحل الغربي لتعز، تُعد امتداداً لمعركة ديسمبر الماضي إلى حد كبير، سواء لجهة كونها بين حليفي الانقلاب اللذين انفض تحالفهما بصورة دامية قُتل خلالها علي عبدالله صالح في وقتٍ قياسي، أو لجهة أن الطرفين لا يزالان يعيشان تلك الأحداث بمسمياتها المختلفة. وسعى الحوثيون لاستحضار هزيمة قوات طارق صالح في صنعاء للتقليل من تحركات الموالين له في الساحل الغربي، في المقابل، عمد أنصار صالح للتأكيد أن المعركة بين الطرفين استؤنفت للتو، وأن انتصار الحوثيين السريع في صنعاء، لم يكن نهاية المواجهة.

ويقاتل طارق صالح بقوات تشير غالبية المصادر إلى أن قوامها ثلاثة آلاف جندي وضابط، أغلبهم من منتسبي ما كان يُعرف بـ"قوات الحرس الجمهوري"، التي كانت الأقوى بين مكوّنات الجيش اليمني والموالية لعلي عبدالله صالح ونجله الأكبر أحمد، لكنها تبخّرت أثناء المعارك مع الحوثيين، بل إن العديد من ضباطها وقادتها لا يزالون في صفوف الحوثيين وآخرين قُتلوا في المعارك إلى جانب مسلحي الجماعة، فضلاً عن قسم ثالث انضم للشرعية. فيما أطلق طارق صالح على القوة الموالية له حالياً اسم "حراس الجمهورية"، وكذلك "المقاومة الوطنية"، وفقاً للتسمية التي اعتمدتها وسائل إعلام مقربة منه، أو من الإمارات، التي لها الدور الأبرز بدعم طارق لإعادة تجميع هذه القوات.


في السياق ذاته، تكتسب المعركة أهميتها من وجود عدد كبير من أنصار صالح وقيادات حزب "المؤتمر الشعبي" وأفراد القوات التي كانت موالية له، في مناطق الحوثيين، وهم دخلوا في مرحلة تطبيع مع الجماعة بعد أحداث ديسمبر الماضي، وبعض هؤلاء إما بات يعمل في إطار سلطة الحوثيين كأمر واقع أو تحت تهديد الاعتقال والملاحقة، ولكن موقفهم يمكن أن يتغير مع التحرك العسكري لقوات يقودها طارق صالح، الذي بات الشخصية الأهم بالنسبة لتيار كبير من الأنصار والموالين للرئيس الراحل. كل ذلك يدفع الحوثيين إلى محاولة إلحاق هزيمة بصالح في المعركة الدائرة حالياً، ليس بهدف منع تقدّمه في الساحل الغربي فقط، بل كذلك للحد من التأثيرات الممكن أن تلحقها عودة فصيل عسكري من الموالين لصالح في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.

الجدير بالذكر، أن طارق صالح كان القائد الأبرز للقوات الموالية لعمه علي عبدالله صالح قبل مقتله، واتجه تركيز الحوثيين إليه في الأشهر والأسابيع التي سبقت تفجر المعارك في صنعاء، بعد أن كان يقوم بتدريب قوات موالية له جنوب العاصمة، إلا أن الجماعة نجحت بامتياز في تقطيع أوصال الموالين لعلي صالح والحسم سريعاً في صنعاء، بقتل والسيطرة على كل ما كان يمت إليه أو إلى حزبه بصلة، فيما تحوّل طارق إلى أبرز الناجين الذين استطاعوا الفرار، ليعيد ترتيب صفوف ما استطاع من الموالين له، بدعم قوي من الإمارات، لتبدأ من جديد، جولة ثانية من المواجهة بين الفريقين، الأمر الذي سيكون لنتائجه تأثير على أكثر من مستوى سياسي وعسكري. على أن الفارق الأبرز بين المعركتين في صنعاء والساحل الغربي، هو أن الأخيرة تأتي بدعم مباشر من التحالف، في مقابل سيطرة الحوثيين على أغلب محافظات الشمال وأجهزة الدولة في صنعاء.