ويلتقي بوريس جونسون وليو فارادكار، في وقت غير محدد في منطقة محايدة، شمال غربي إنكلترا، بعيداً عن الصحافة والسياسيين في عاصمتي بلادهما.
وكان فارادكار قد قال، أمام برلمان بلاده، أمس الأربعاء، إنّه مستعد للبحث في آليات تطبيق مقترحات جونسون في أيرلندا الشمالية، وخاصة الفقرة الخاصة بمنح الأحزاب في بلفاست حق الموافقة على أي ترتيبات جديدة مع الاتحاد الأوروبي.
ولكنه أكد، في الوقت ذاته، على أنّ المعضلة الرئيسية في مقترحات جونسون، لا تزال مرتبطة ببناء النقاط الحدودية الجمركية في الجزيرة الأيرلندية.
وقال إنّ المشكلة تكمن في مطلب الحكومة البريطانية "بضرورة أن تغادر أيرلندا الشمالية الاتحاد الجمركي الأوروبي، وأن تصبح جزءاً من النظام الجمركي البريطاني، ومن دون أخذ رأي سكان أيرلندا الشمالية بعين الاعتبار. هذا هو موقفهم الآن، وهو أمر شديد الصعوبة بالنسبة لنا".
وترى لندن أنّ إمكانية تحقيق انفراج في الخلاف حول النقطة الأولى، قد تولّد ما يكفي من الطاقة الإيجابية لإيجاد حل للمشكلة الجمركية.
وتشير خطة جونسون التي تقدّم بها، الأسبوع الماضي، إلى ضرورة موافقة برلمان أيرلندا الشمالية على تمديد عضوية بلفاست في الاتحاد الجمركي الأوروبي، مرة كل أربع سنوات. وترفض دبلن هذا الخيار، لأنّه يمنح خصمها، "الحزب الاتحادي الديمقراطي" حق الفيتو عملياً.
وبينما خرجت مقترحات بديلة بأن يكون شرط الموافقة على قوانين الاتحاد وتعديلاتها، مرهوناً بأغلبية مزدوجة، من قبل مؤيدي التاج البريطاني ومؤيدي دبلن، معا، يرفض "الاتحادي الديمقراطي" ومتشددو "بريكست" في حزب المحافظين هذا الخيار، لأنّه يمنح الحزب الأيرلندي حق النقض عملياً.
وتشمل خطة جونسون، أيضاً، خروج أيرلندا الشمالية من الاتحاد الجمركي الأوروبي، ولكن أن تبقى في السوق المشتركة. وتصر بروكسل على أنّه من غير الممكن الفصل بين الأمرين، بسبب الضرر الذي قد يلحق بالسوق الأوروبية المشتركة، في حال وجود تساهل تنظيمي في إحدى نقاطه.
أما في بروكسل التي توقفت فيها المفاوضات، بعد المشادة الأخيرة التي تلت مكالمة جونسون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الثلاثاء، فقد قال ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد، أمام البرلمان الأوروبي "لسنا في موقف نرى فيه إمكانية التوصل لاتفاق"، وذلك بينما يقترب الطرفان من المهلة المحددة لتنفيذ "بريكست" في 31 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وأضاف أنّ "مقترحات الحكومة البريطانية كما هي عليه الآن ليست أمراً يمكننا القبول به. إنها تقوم باستبدال الحلول القانونية والعملية والتنظيمية بأخرى مؤقتة".
أما منسق شؤون "بريكست" في البرلمان الأوروبي غاي فيرهوفشتات، فقد كان أقلّ دبلوماسية عندما اتهم جونسون بالخيانة بالقول: "إنها لعبة لوم وتوجيه اتهامات. توجيه اللوم إلى الجميع ... ولكن الوحيد الذي لا يلام هو السيد جونسون كما يبدو. كل من لا يشاركه لعبته فهو خائن وعميل ومستسلم".
وأضاف أنّ "الخائن الحقيقي من يجازف بالكارثة في بلاده، واقتصادها ومواطنيها للدفع ببريطانيا إلى خارج الاتحاد الأوروبي. هذه هي الخيانة برأيي".
خلاف في دوائر جونسون الضيقة
ومن جهة أخرى، طفت إلى السطح بوادر خلاف بين سياسات بوريس جونسون، وكبير مستشاريه دومينيك كمنغز، حول محورية "بريكست" من دون اتفاق، في برنامج حزب المحافظين الانتخابي، استعداداً للانتخابات العامة.
ويقود كمنغز دائرة مقربة من جونسون تدعم دخول الانتخابات العامة ببرنامج يطالب بـ"بريكست" فوري، وإن كان من دون اتفاق، في حال فشل المفاوضات الحالية مع الاتحاد الأوروبي.
إلا أنّ تيار "الأمة الواحدة" الوسطي في حزب المحافظين، والذي يضم نحو 80 نائباً في البرلمان، قد حذروا رئيس الوزراء، مساء أمس الأربعاء، من أنّ مثل هذا الالتزام الانتخابي أمر غير مقبول. ويبدو أنّ جونسون يتفق مع هذه النقطة، مشيراً إلى أنّه يريد الاتفاق ولا نية لديه بجعل "بريكست" من دون اتفاق برنامجاً انتخابياً.
وهو ما أشار إليه توباياس إلوود وزير الدولة السابق لشؤون الدفاع، بالقول إنّ "تبني عدم الاتفاق في البرنامج الانتخابي سيجعل من حزبنا حزب قضية واحدة، ويغطي كلياً على الطيف الواسع من السياسات التي نتبناها، بما فيها المسؤولية المالية، والتي تتطلب أغلبية برلمانية".
ويخشى نواب المحافظين من أنّ تبني عدم الاتفاق في الانتخابات العامة، سيضعهم في ذات خانة حزب "بريكست" الذي يقوده نايجل فاراج، والذي يقبع رابعاً في استطلاعات الرأي الحالية.