"ما أغلى من الولد إلا ولد الولد". جدّات وأجداد كثر يردّدون هذه المقولة كلّما تلقّوا تعليقات حول اهتمامهم بأحفادهم أو حديثهم عنهم بحماسة أو تعبيرهم عن حبّهم الكبير لهم بطريقة أو بأخرى. صحيح أنّ تلك العواطف تكون أكثر اتّقاداً، أو التعبير عنها يكون أكثر وضوحاً عندما يكون الأطفال في سنوات عمرهم الأولى، غير أنّ الأمر لا ينتفي في المراحل العمريّة كلّها، ومنها المراهقة التي تُعَدّ من أكثرها "حَرجاً". والمراهقون يلجأون إلى الجدّات، خصوصاً، عندما يشتدّ "صراع الأجيال" بينهم وبين الأهل، كأنّهم وهؤلاء المسنّات من الجيل نفسه. ربّما يكون في ذلك مجرّد امتداد لحقبة سابقة كانت الجدّات في خلالها يحامينَ عن أحفادهنّ كلّما أراد أهلم تأديبهم بطريقة أو بأخرى.
والأحفاد البالغون الذين تجمعهم علاقة عاطفيّة وطيدة مع جدّاتهم هم أقلّ عرضة من سواهم للإصابة بالاكتئاب. هذا ما خلصت إليه دراسة نشرتها مجلة "ذي جيرونتولوجيست" الطبيّة من مجموعة منشورات "أكسفورد"، تحت عنوان "التماسك في علاقة الأجداد والأحفاد البالغين ومسارات أعراض الاكتئاب". وكانت الدراسة قد انطلقت من واقع أنّ العلاقات ما بين الأجداد والأحفاد البالغين صارت تُلاحَظ أكثر فأكثر، ما يعني تأثيراً أكبر على حياة الأطراف كلّها.
الدراسة التي أعدّتها الجمعيّة الأميركيّة لعلم الشيخوخة لم تصدر حديثاً، غير أنّ موقع "برايت سايد" الإلكترونيّ أشار إليها أخيراً في سياق تقرير حاول الإجابة فيه على السؤال: "لماذا تمنح الجدّات حبّاً لأحفادهنّ أكبر ممّا لأبنائهنّ؟". ونستعرض بتصرّف الأجوبة الخمسة التي قدّمها الموقع:
- كلّما تقدّم الناس في السنّ صاروا أكثر ليونة ورقّة ونضجاً.
- للجدّات أولويّات مختلفة عمّا للأمّهات، والأهل عموماً.
- الجدّات لا ينتقدنَ أحفادهنّ مثلما تفعل الأمّهات، والأهل عموماً.
- الجدّات يقدّمنَ/ يفعلنَ لأحفادهنّ ما لم يتمكّنّ من تقديمه/ فعله لأبنائهنّ، كأنّ في ذلك محاولة للتعويض.
- دور الجدّات أقلّ تعقيداً من دور الأمّهات، والأهل عموماً، بالتالي يكون الضغط النفسيّ أقلّ حدّة. ولأنّ المسؤوليّات أقلّ، فإنّهنّ يحظينَ بوقت أكبر للتعبير عن مشاعرهنّ بطريقة أوضح وبمختلف الأشكال.
ومن الممكن إضافة أسباب أخرى إلى تلك التي أوردها "برايت سايد" حول حبّ الجدّات الكبير لأحفادهنّ، بالمقارنة مع ما قدّمنَه لأبنائهنّ. منها أنّ الجدّات يستعدنَ من خلال أحفادهنّ، لا سيّما عندما يكونون مواليد جدداً أو أطفالاً، ما سبق وعشنَه عندما كنّ أمّهات، خصوصاً اللحظات السعيدة. كذلك فإنّ الأحفاد يملأون الفراغ الذي قد تشعر به الجدّات في يوميّاتهنّ، لا سيّما المتقاعدات منهنّ أو اللواتي لسنَ منخرطات في حياة اجتماعيّة نشطة.