حديث الفساد اللبناني

20 ابريل 2016
الفساد لم يعد حكراً على طبقة أو فئة(حسين بيضون)
+ الخط -
يتبادل عدد من السياسيين اللبنانيين تُهم الفساد. يُمكن الجزم بصوابية كلّ ما يقولونه. يعرف هؤلاء تفاصيل عمليات الفساد داخل مؤسسات الدولة، فهم عرّابو هذا الفساد. جولة الاتهامات هذه ليست الأولى من نوعها. سبقتها جولات كثيرة، بين وزراء في الحكومة عينها، أو بين زعيمي فريقين سياسيين متحالفين. تشهد صفحات الجرائد على جولات من الاتهامات منذ انتهاء الحرب الأهليّة حتى اليوم. لكن شيئاً لم يتغيّر. الفساد مستمر، بل في تعاظم. لم يعد حكراً على طبقة أو مهنة أو فئة. صار ثقافة وهويّة. ينبذ المجتمع من هم غير فاسدين. يراهم آفة. يجعلونه يرى فساده أكثر وضوحاً.

تساقطت المنظومات التي يُفترض أن ترفض الفساد أو تحاربه. المؤسسة الدينيّة جزء من هذا الفساد، وإن لا يُمكن الجزم بدورها يوماً في محاربته، خصوصاً أنها لطالما تحالفت مع الإقطاعين المالي والسياسي، باستثناء حالات فردية. ضُربت العملية السياسيّة بعد الحرب بشكلٍ قاسٍ، وصار المال عاملاً أساسياً في أي حراك سياسي، وهذا ما جعل من الصعب بلورة مشروع سياسي يوصل ممثليه إلى مواقع الرقابة على السلطة، أي في الندوة البرلمانية. جرى تطويع الإدارة العامة، وملؤها بموظفين غير أكفاء، اللهم إلا بالفساد. وتدريجياً، فرغت وتفرغ هذه الإدارة من القلة من الموظفين المستعدين لخوض معارك ضد الفساد في إداراتهم.

حال الصحافة ليس بأفضل، وإن لم تكن في لبنان يوماً بعيداً عن السلطة وعن المال السياسي، لكن ارتهانها اليوم يذهب أكثر في العمق. وطاولت عمليّة التطويع، المؤسسات الأكاديمية (الجامعات الرسمية والخاصة)، التي بات همّها إنتاج موظفين (أطباء مهندسين ومعلمين...)، يستطيعون المنافسة في سوق العمل خارج لبنان. وما يجري في الجامعة اللبنانية من إلغاء للانتخابات الطلابية، والترويج للأنشطة الدينية ومحاربة الثقافية والسياسيّة، ليس إلّا نموذج لحال الانحدار. أمّا القضاء، فالحديث عنه ليس مستحباً في هذا البلد، خصوصاً أنه يملك سيفاً يرفعه بوجه منتقديه، أو منتقدي السلطة من خارج ناديها. لوصف حال القضاء، يُمكن الاستعانة بعدد الدعاوى التي طاولت صحافيين، في مقابل تلك التي طاولت الفاسدين في البلد، خصوصاً أولئك الذين شهّروا ببعض.
دلالات