انشغلت الأوساط الفرنسية السياسية والإعلامية بالأزمة التي نشبت داخل حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف، بعد سجال علني بين مؤسس الحزب، جان ماري لوبن، وابنته رئيسة الحزب، مارين لوبن، التي تتولى قيادة الحزب منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وكان لوبن، رئيس الشرف في "الجبهة الوطنية"، قد هاجم عدداً من الفنانين الذين اتخذوا مواقف ضد الجبهة الوطنية، مثل مادونا، ويانيك نوا وغي بدوس، الذين كانوا أعلنوا أنهم سيغادرون فرنسا في حال انتصار الجبهة الوطنية في الانتخابات.
تصريحات لوبن، جاءت في تسجيل مصور نقلها موقع الحزب على الانترنت، الأمر الذي دفع بمارين لوبن، إلى التأكيد بأن ما جاء على لسان والدها، "مسألة غير مقبولة"، فتم سحب الفيديو عن الموقع.
إلا أنّ هذا لم يكن كافياً بسبب الضجة التي أثيرت في وسائل الإعلام عن هذه المسألة، واضطُرت رئيسة الحزب إلى تصعيد اللهجة، والتأكيد بأن تصريحات والدها تشكل خطأ سياسياً. بدوره، علّق لوبن: إن الخطأ السياسي يقع على عاتق الذين يتحالفون مع القوى السياسة. مذكراً ابنته بـ"قواعد اللعبة"، وبـ"إرث حزب الجبهة الوطنية".
هذه "الحرب" الداخلية، كما سمّاها بعض، أو "المسرحية" على حد وصف بعضهم الآخر داخل العائلة الواحدة، أدت إلى سلسلة مواقف داخل الجبهة نفسها. وطالب بعضهم برحيل لوبن، الأب، مثلما فعل ملك إسبانيا. كما لاقت التصريحات المذكورة، انتقادات واحتجاجات لاذعة من الطبقة السياسية. وبقي السؤال داخل كوادر الحزب: هل أصبح جان ماري لوبن، عائقاً أمام الحزب أكثر من أي وقت مضى؟
واعتبر المحللون أن رئيسة الحزب، التي تحاول منذ فترة أن تزيل صبغة العنصرية واللاسامية عن الحزب، بهدف تلميع صورته والانتقال الى عملية تطبيع، تعرف جيداً أن الجبهة الوطنية، حتى وإن فازت بنسبة 25 في المئة من الأصوات، تبقى طروحاتها غير مقبولة لكثيرين، وعليه تبقى مهمتها شاقة.
فمارين لوبن، التي تحاول تشكيل مجموعة نيابية في البرلمان الأوروبي، سرعان ما أدركت أن حلفاءها يعتبرون أن حزبها، هو حزب متطرف ومعادٍ للسامية، وأن انزلاق تصريحات والدها اليوم، يعكس مواقف الجبهة المتطرفة، ويشكل لها مصدر إحراج في مهمتها الجديدة.
وبين ثنايا هذه الازمة، وتدني شعبية الرئيس فرانسوا هولاند، وانقسام اليمين التقليدي، والحديث عن احتمال عودة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، في الخريف المقبل إلى قيادة حزب "التجمع من أجل حركة شعبية"، يبقى المشهد السياسي في فرنسا ضبابياً. ويتساءل المراقبون عما إذا كانت حادثة الجبهة الوطنية مؤشراً، بل تحذيراً إضافياً للطبقة السياسية الى ما وصلت إليه الأمور؟