حزب الله يعتقل مستقبل لبنان

30 سبتمبر 2014
+ الخط -

ما زال لبنان بلا رئيس، ولا سياسات وطنية واضحة، ولا أحزاب فاعلة ومؤثرة في الحدث، والأسئلة جميعها ستفضي إلى تجاه واحد، هو قبلة الموت الذي يحيق بالبلد الهش، سياسياً واقتصادياً ويتهدّد مستقبله، والوزر يقع على اللبنانيين جميعهم، الذين استسلموا، شيئاً فشيئاً، لأوهام يعرفون أربابها وصنّاعها، وزيفها، إلا أنهم لم يتصدوا بالحزم اللازم لها، معتقدين أن اتفاق الطائف سيحمي تعايشهم إلى يوم يبعثون.

ومنذ ثلاث سنوات، قرر حزب الله أن يبتلع الدولة اللبنانية علناً، فالمواراة والاختباء وراء شعارات الشراكة والتعايش لم تعد واردة في حساباته، عندما تعلق الأمر بوجوده، إذ لا يرتبط وجوده مطلقاً بلبنان ومكوناته وحساباته، بل بطهران ووليّها عبر حبل غير سري يمر بدمشق.

وهكذا، لم يتورع "سيد المقاومة" عن إعلان مشاركته في سفك الدم السوري، واصماً الشعب بالإرهاب، والمعتدلين بالتكفيريين، ومطالب الإصلاح والحرية بالعمالة. ولم يستطع لبنان الدولة والمؤسسات، إن وُجدت، بإقناعه بالعدول عن جريمته، فراح الموقف الرسمي يؤكد عزوفه، ونأيه في كل مناسبة، ومال آخرون إلى الصمت، أو الانتقاد السياسي، في أحسن الأحوال.

فكان أن تغوّل الحزب وصاحبه، أكثر وأكثر، حتى ابتلع الدولة تماماً، ساعده في ذلك شبه صمت دولي عن جرائمه وإرهابه، خصوصاً مع ظهور أو جماعات "إرهابية" أو خلقها في الداخل السوري، وتسويقها دولياً على أنها رأس الإرهاب ومسببه الوحيد، علماً أن جرائم الأسد وحزب الله والميليشيات الطائفية الموالية لهما، كانت أسبق وأوجع، أو لا تقل بشاعةً عما اقترفه الإرهابيون الآخرون من ذبح أطفال وانتهاك أعراض واستباحة مدن وقرى بأكملها على أنغام الأناشيد التحريضية.

ومع استمرار عجز لبنان كدولة، وانكساره أمام مقاومة وممانعة "حزب الله" لحرية السوريين، كان من الطبيعي والمتوقع أن نرى اللاجئين السوريين في "دولة حزب الله" يُساقون إلى هذا الجحيم، والحقيقة المفجعة أن الحزب يعتقل نحو مليون ونصف المليون سوري، هم جميع من يقيمون على الأرض اللبنانية، واستخدمهم وسيستخدمهم تباعاً في صفقات سياسية داخلية وخارجية، والعالم يتفرج ويصمت.

avata
avata
ياسر الأطرش (سورية)
ياسر الأطرش (سورية)