13 نوفمبر 2024
حقوق الإنسان برؤية صهيونية
الكنيست الإسرائيلي على أعتاب دورته الشتوية للعام البرلماني الحالي، ومن المتوقع أن تشهد تصعيدًا في محاولة أحزاب اليمين، بقيادة الليكود الحاكم، ملاحقة الأصوات المعارضة، والتي بدأت منذ عام 2009.
تنطلق هذه المحاولة من فرضية أنه على الرغم من مرور أربعين عامًا على تسلّم الليكود سدّة السلطة في دولة الاحتلال، عقب ما عُرف باسم "انقلاب 1977"، واصل الحكم من خلال النُخب القديمة التي كانت في معظمها مواليةً لـ"الحركة الصهيونية العمالية" بزعامة حزب مباي التاريخي، وأن اليمين الإسرائيلي بدأ فقط، في الأعوام الأخيرة، في تغيير هذه النُخب، من أجل أن يتحقق "الانقلاب الحقيقي" في المستقبل المنظور.
ووفقًا لأحدث التقارير الإعلامية، من المُنتظر أن تطاول هذه المحاولة بالأساس جمعيات حقوق الإنسان، من طريق إقرار مشروع قانون أكثر تشدّدًا حيالها من القانون القائم الذي صودق عليه في يوليو/ تموز 2016 تحت اسم تلفيقي هو "قانون الشفافية"، ويلزم كل جمعية تتلقى تمويلًا من دول أو منظمات أجنبية بأن تبلغ السلطات المختصة بذلك. ويبدو من الآن أن مشروع القانون الجديد سينص، من ضمن أمور أخرى، على إغلاق أي جمعيةٍ تقوم بإشهار جرائم الحرب التي يرتكبها جنود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
ويعتبر الناطقون المفوهون بلسان اليمين الإسرائيلي أن نشاط هذه الجمعيات يمس السيادة، ويخدم مصالح أجنبية، ويشكل رأس حربة في الدعاية المناهضة لدولة الاحتلال.
بالتوازي مع الأدوات القانونية، تتواتر، في الآونة الأخيرة، عملية استخدام منظمات يمينية خطاب حقوق الإنسان. وظهرت أولى الإشارات إلى هذه العملية في مطلع الألفية الحالية، في صفوف نُشطاء سياسيين وأعضاء كنيست من أحزاب اليمين الإسرائيلي. ونال هذا المسلك دفعة إلى الأمام في عام 2005، في إثر إخلاء مستوطنين يهود من قطاع غزة، في نطاق تنفيذ خطة الانفصال أحادية الجانب، حيث أخذت منظماتٌ يمينيةٌ تلجأ إلى الإدعاء القائل إن إخلاء هؤلاء المستوطنين من بيوتهم بالقوة يُعتَبر مخالفًا لخطاب حقوق الإنسان.
ولاحقًا، استخدم معارضو حل الدولتين خطاب حقوق الإنسان ضد إخلاء مستوطنين يهود من منطقة محدّدة، كي تقام عليها دولة فلسطينية متجانسة سكانيًا. ووجد هذا الادعاء، المستند إلى خطاب حقوق الإنسان، تعبيرًا له، حين وصف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إمكان إخلاء مستوطنين يهود من الأراضي الفلسطينية بأنه بمثابة "تطهير عرقي". ووفقًا لنتنياهو، يعود مصدر هذا الادعاء إلى وثيقة دعائية، أصدرتها منظمة مؤيدة لإسرائيل، "المشروع الإسرائيلي"، تستخدم من بين أشياء أخرى تشبيهات من عالم حقوق الإنسان، من أجل خدمة الدعاية الإسرائيلية. ومما وَرَدَ في الوثيقة أن "الفكرة القائلة إنه لا يمكن لليهود العيش في أي مكان يعيش فيه فلسطينيون، وأن هناك مناطق معينة يجب أن تكون نقية من اليهود، فكرة عنصرية". ويستند مُعِدو الوثيقة أيضًا، وبينهم شخصيات متماثلة مع اليمين الأميركي، إلى الادعاء نفسه أن الصهيونية تشكل مصدرًا لإشاعة حقوق الإنسان.
ترى أدبيات حقوق الإنسان، من وجهة النظر الصهيونية، أنه ليس ثمة أهمية أو مكان لتفسيرات ترتكز إلى قيم عالمية. وتُعرض هذه القيم الأخيرة باعتبارها انحرافا عن الصواب، بينما تعرض القيم القومية المتعصبة بوصفها حقيقية، تاريخية، موثوقة، نقية ومستدامة. وترى في عملية النقد لأنشطة الحكومة فعلًا يقتضي لفظ المنتقدين وإقصاءهم، حتى بمعزل عن فحوى النقد. والمبدأ الموجه هنا واضح: كل من ينتقد نشاطات الحكومة أو سياستها هو في منزلة "الآخر". كذلك ليس هناك فصل بين انتقاد السلطة وانتقاد الشعب، فأي انتقاد للحكومة يُنظر إليه بوصفه انتقادا موجها للشعب، على لسان شخص غير موال، يعمل انطلاقًا من دوافع غريبة، كالمال وانعدام الاستقامة وعدم الصدقية، والكراهية والخيانة، والرغبة في "طعن الأمة في ظهرها". أما الرؤية العالمية التي تتبناها منظمات حقوق الإنسان، ومعطياتها واستنتاجاتها وانتقاداتها، فليس لها مكان في الخطاب الصهيوني، كما أن أي صلة أو علاقة بها مرفوضة ومُدانة.
تنطلق هذه المحاولة من فرضية أنه على الرغم من مرور أربعين عامًا على تسلّم الليكود سدّة السلطة في دولة الاحتلال، عقب ما عُرف باسم "انقلاب 1977"، واصل الحكم من خلال النُخب القديمة التي كانت في معظمها مواليةً لـ"الحركة الصهيونية العمالية" بزعامة حزب مباي التاريخي، وأن اليمين الإسرائيلي بدأ فقط، في الأعوام الأخيرة، في تغيير هذه النُخب، من أجل أن يتحقق "الانقلاب الحقيقي" في المستقبل المنظور.
ووفقًا لأحدث التقارير الإعلامية، من المُنتظر أن تطاول هذه المحاولة بالأساس جمعيات حقوق الإنسان، من طريق إقرار مشروع قانون أكثر تشدّدًا حيالها من القانون القائم الذي صودق عليه في يوليو/ تموز 2016 تحت اسم تلفيقي هو "قانون الشفافية"، ويلزم كل جمعية تتلقى تمويلًا من دول أو منظمات أجنبية بأن تبلغ السلطات المختصة بذلك. ويبدو من الآن أن مشروع القانون الجديد سينص، من ضمن أمور أخرى، على إغلاق أي جمعيةٍ تقوم بإشهار جرائم الحرب التي يرتكبها جنود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
ويعتبر الناطقون المفوهون بلسان اليمين الإسرائيلي أن نشاط هذه الجمعيات يمس السيادة، ويخدم مصالح أجنبية، ويشكل رأس حربة في الدعاية المناهضة لدولة الاحتلال.
بالتوازي مع الأدوات القانونية، تتواتر، في الآونة الأخيرة، عملية استخدام منظمات يمينية خطاب حقوق الإنسان. وظهرت أولى الإشارات إلى هذه العملية في مطلع الألفية الحالية، في صفوف نُشطاء سياسيين وأعضاء كنيست من أحزاب اليمين الإسرائيلي. ونال هذا المسلك دفعة إلى الأمام في عام 2005، في إثر إخلاء مستوطنين يهود من قطاع غزة، في نطاق تنفيذ خطة الانفصال أحادية الجانب، حيث أخذت منظماتٌ يمينيةٌ تلجأ إلى الإدعاء القائل إن إخلاء هؤلاء المستوطنين من بيوتهم بالقوة يُعتَبر مخالفًا لخطاب حقوق الإنسان.
ولاحقًا، استخدم معارضو حل الدولتين خطاب حقوق الإنسان ضد إخلاء مستوطنين يهود من منطقة محدّدة، كي تقام عليها دولة فلسطينية متجانسة سكانيًا. ووجد هذا الادعاء، المستند إلى خطاب حقوق الإنسان، تعبيرًا له، حين وصف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إمكان إخلاء مستوطنين يهود من الأراضي الفلسطينية بأنه بمثابة "تطهير عرقي". ووفقًا لنتنياهو، يعود مصدر هذا الادعاء إلى وثيقة دعائية، أصدرتها منظمة مؤيدة لإسرائيل، "المشروع الإسرائيلي"، تستخدم من بين أشياء أخرى تشبيهات من عالم حقوق الإنسان، من أجل خدمة الدعاية الإسرائيلية. ومما وَرَدَ في الوثيقة أن "الفكرة القائلة إنه لا يمكن لليهود العيش في أي مكان يعيش فيه فلسطينيون، وأن هناك مناطق معينة يجب أن تكون نقية من اليهود، فكرة عنصرية". ويستند مُعِدو الوثيقة أيضًا، وبينهم شخصيات متماثلة مع اليمين الأميركي، إلى الادعاء نفسه أن الصهيونية تشكل مصدرًا لإشاعة حقوق الإنسان.
ترى أدبيات حقوق الإنسان، من وجهة النظر الصهيونية، أنه ليس ثمة أهمية أو مكان لتفسيرات ترتكز إلى قيم عالمية. وتُعرض هذه القيم الأخيرة باعتبارها انحرافا عن الصواب، بينما تعرض القيم القومية المتعصبة بوصفها حقيقية، تاريخية، موثوقة، نقية ومستدامة. وترى في عملية النقد لأنشطة الحكومة فعلًا يقتضي لفظ المنتقدين وإقصاءهم، حتى بمعزل عن فحوى النقد. والمبدأ الموجه هنا واضح: كل من ينتقد نشاطات الحكومة أو سياستها هو في منزلة "الآخر". كذلك ليس هناك فصل بين انتقاد السلطة وانتقاد الشعب، فأي انتقاد للحكومة يُنظر إليه بوصفه انتقادا موجها للشعب، على لسان شخص غير موال، يعمل انطلاقًا من دوافع غريبة، كالمال وانعدام الاستقامة وعدم الصدقية، والكراهية والخيانة، والرغبة في "طعن الأمة في ظهرها". أما الرؤية العالمية التي تتبناها منظمات حقوق الإنسان، ومعطياتها واستنتاجاتها وانتقاداتها، فليس لها مكان في الخطاب الصهيوني، كما أن أي صلة أو علاقة بها مرفوضة ومُدانة.