04 يوليو 2019
حق العمل للفلسطينيين في لبنان
أحمد الصباهي (فلسطين)
اجتاح الغضب والأسى الفلسطينيين بعد قرار وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، إغلاق المحال والمصالح التجارية الفلسطينية، بالإضافة إلى إيقاف العمال والموظفين الفلسطينيين من المؤسسات اللبنانية والفلسطينية على حد سواء، لتسوية أوضاعهم والحصول على إجازة عمل.
ومن المستغرب فعلا، أن يصحو الوزير على قرار كهذا بعد عشرات السنين، ليطبّق ما سماها خطة العمالة الأجنبية في لبنان، فقد غض النظر الوزراء السابقون الذين شغلوا هذه الوزارة، وعاملوا الفلسطيني بوصفه حالة خاصة، كونه لاجئا محروما من أبسط الحقوق.
الفلسطينيون، بكل أطيافهم من فصائل وشعب، حسم أمره بشكل قاطع بعدم التدخل، ولو بالموقف أو بأي تصريح في الساحة اللبنانية الداخلية لهذه الجهة أو تلك. وفي المقابل، يرفض الفلسطينيون أن يزج بهم بأي خلافات داخلية أو خارجية. وليس من المعلوم، إذا كان الوزير أبو سليمان في توجهه هذا يتماهى قصدا مع الأجندة السياسية الأميركية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم في إطار صفقة القرن، على الرغم من موقف لبنان الرافض تلك الصفقة، أو إذا كان الفلسطيني هو ضحية وكبش فداء للمزايدات والصراعات بين الأحزاب المسيحية، بالتحديد بين القوات اللبنانية التي ينتمي إليها وزير العمل اللبناني، والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه وزير الخارجية، جبران باسيل، والمرشح المفترض لرئاسة الجمهورية للسيطرة على الساحة المسيحية، في ظل خلافات واتهامات متبادلة حول التحالفات المحلية والإقليمية وإدارة الدولة.
من جهة أخرى، هناك خلاف بين الأطراف اللبنانية بشأن إعادة السوريين إلى بلادهم، فقد تم أخذ إجراءات عديدة للتعامل مع الوجود السوري في لبنان، لجهة الإقامة والعمل، وما زالت المشكلة قائمة، وهي محل خلاف سياسي مع سورية، فهل يدفع الفلسطيني ثمنا للصراعات الخارجية؟
يعلل الوزير هذه الإجراءات بتطبيق القانون، ولكن هل يلحظ الوزير أن هناك سبعين مهنة محظور على الفلسطيني ممارستها، وبالتالي كيف يمكن الحصول على إجازة عمل لمهن ممنوعة؟ وهل يلحظ الوزير أن هنالك قوانين أقرت في مجلس النواب اللبناني عام 2010، وبحاجة إلى مراسيم تطبيقية في مجلس الوزراء لإقرارها، تعالج بعضا من حقوق الفلسطينيين لجهة العمل والضمان الصحي؟ وهل يلحظ الوزير أن هنالك لجنة للحوار الفلسطيني اللبناني كانت على وشك إصدار رؤية للتعامل مع الوضع الفلسطيني، وهذه اللجنة تتبع لمجلس الوزراء، وهي في انعقاد دائم ولديها توصيات، فكيف يمكن القفز فوق كل هذه القضايا؟
هنالك تخوف حقيقي على وضع الفلسطينيين في ظل تفشي البطالة بأرقام مرعبة، فقد أظهرت دراسة قامت بها الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) تحت عنوان (الواقع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في لبنان) وشملت 32 مخيماً وتجمعاً فلسطينيا، وأجريت بين نهاية يوليو/ تموز وأوائل أغسطس/ آب 2010، تبين من خلالها أن في لبنان ما بين 260 ألفا إلى 280 ألف فلسطيني ما زالوا يقيمون في لبنان من بين عدد اللاجئين الإجمالي المسجل لدى "أونروا"، وهو 425 ألفا. تعيش نسبة 62% منهم في المخيمات، فيما يعاني ثلثا اللاجئين الفلسطينيين، أي 160 ألفا منهم، من الفقر، وتعاني نسبة 7,9% منهم من الفقر المدقع.
وإذا كانت الحجة هي تأمين فرص عمل للشباب اللبناني، فقد بينت الدراسة أن اللاجئين الفلسطينيين ينفقون حوالي 340 مليون دولار سنويا في البلاد، وهذه مساهمة كبيرة في الاقتصاد اللبناني، وخصوصا في المناطق النائية، حيث تتركز التجمعات والمخيمات الفلسطينية، فضلا عن مساهمات "أونروا" وما تنفقه المؤسسات الفلسطينية والفصائل والتحويلات المالية من الجاليات الفلسطينية في الخارج، وهذا يقدر بمزيد من ملايين الدولارات. كما بيّنت الدراسة أن المهن التي يشغلها الفلسطينيون تعتبر مكملة لتلك التي يمتهنها اللبنانيون، ما يعني بوضوح أن اللاجئ الفلسطيني لا يشكل أي خطر على فرص العمل اللبنانية، فماذا يجري؟
لقد مل الفلسطينيون من الوعود والمناشدات التي لم تتقدم بهم الى الأمام فيما يخص حقوق الإنسان الطبيعية، واستطاع الفلسطينيون أن يعضوا على الجرح، وأن يتكيفوا مع هذا الواقع المؤلم، فعملوا على هامش الاقتصاد اللبناني، واستفاد لبنان من عوائد هذا العمل، ليأتي هذا القرار ليزيد الجرح ألما، فالفلسطيني أصبح مهددا بالجوع، وانتهاك حقه بالصمود والحفاظ على هويته، فاتخذ الاعتراض الفلسطيني في ظل عدم وجود أي موقف رسمي يلغي قرار وزير العمل، بالرغم من مطالبة الفصائل والسفارة الفلسطينية ومؤسسات وشخصيات لبنانية سياسية وشعبية بوقف هذا القرار، فاتجهت الأمور نحو إغلاق مداخل المخيمات والتظاهر وحرق الإطارات، وسحب رؤوس الأموال الفلسطينية من البنوك، ومقاطعة بعض المصالح التجارية اللبنانية، أين العقلاء في هذا البلد من تدهور الأوضاع، وما هو مصير لقمة العيش بكرامة للفلسطيني؟
ومن المستغرب فعلا، أن يصحو الوزير على قرار كهذا بعد عشرات السنين، ليطبّق ما سماها خطة العمالة الأجنبية في لبنان، فقد غض النظر الوزراء السابقون الذين شغلوا هذه الوزارة، وعاملوا الفلسطيني بوصفه حالة خاصة، كونه لاجئا محروما من أبسط الحقوق.
الفلسطينيون، بكل أطيافهم من فصائل وشعب، حسم أمره بشكل قاطع بعدم التدخل، ولو بالموقف أو بأي تصريح في الساحة اللبنانية الداخلية لهذه الجهة أو تلك. وفي المقابل، يرفض الفلسطينيون أن يزج بهم بأي خلافات داخلية أو خارجية. وليس من المعلوم، إذا كان الوزير أبو سليمان في توجهه هذا يتماهى قصدا مع الأجندة السياسية الأميركية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم في إطار صفقة القرن، على الرغم من موقف لبنان الرافض تلك الصفقة، أو إذا كان الفلسطيني هو ضحية وكبش فداء للمزايدات والصراعات بين الأحزاب المسيحية، بالتحديد بين القوات اللبنانية التي ينتمي إليها وزير العمل اللبناني، والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه وزير الخارجية، جبران باسيل، والمرشح المفترض لرئاسة الجمهورية للسيطرة على الساحة المسيحية، في ظل خلافات واتهامات متبادلة حول التحالفات المحلية والإقليمية وإدارة الدولة.
من جهة أخرى، هناك خلاف بين الأطراف اللبنانية بشأن إعادة السوريين إلى بلادهم، فقد تم أخذ إجراءات عديدة للتعامل مع الوجود السوري في لبنان، لجهة الإقامة والعمل، وما زالت المشكلة قائمة، وهي محل خلاف سياسي مع سورية، فهل يدفع الفلسطيني ثمنا للصراعات الخارجية؟
يعلل الوزير هذه الإجراءات بتطبيق القانون، ولكن هل يلحظ الوزير أن هناك سبعين مهنة محظور على الفلسطيني ممارستها، وبالتالي كيف يمكن الحصول على إجازة عمل لمهن ممنوعة؟ وهل يلحظ الوزير أن هنالك قوانين أقرت في مجلس النواب اللبناني عام 2010، وبحاجة إلى مراسيم تطبيقية في مجلس الوزراء لإقرارها، تعالج بعضا من حقوق الفلسطينيين لجهة العمل والضمان الصحي؟ وهل يلحظ الوزير أن هنالك لجنة للحوار الفلسطيني اللبناني كانت على وشك إصدار رؤية للتعامل مع الوضع الفلسطيني، وهذه اللجنة تتبع لمجلس الوزراء، وهي في انعقاد دائم ولديها توصيات، فكيف يمكن القفز فوق كل هذه القضايا؟
هنالك تخوف حقيقي على وضع الفلسطينيين في ظل تفشي البطالة بأرقام مرعبة، فقد أظهرت دراسة قامت بها الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) تحت عنوان (الواقع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في لبنان) وشملت 32 مخيماً وتجمعاً فلسطينيا، وأجريت بين نهاية يوليو/ تموز وأوائل أغسطس/ آب 2010، تبين من خلالها أن في لبنان ما بين 260 ألفا إلى 280 ألف فلسطيني ما زالوا يقيمون في لبنان من بين عدد اللاجئين الإجمالي المسجل لدى "أونروا"، وهو 425 ألفا. تعيش نسبة 62% منهم في المخيمات، فيما يعاني ثلثا اللاجئين الفلسطينيين، أي 160 ألفا منهم، من الفقر، وتعاني نسبة 7,9% منهم من الفقر المدقع.
وإذا كانت الحجة هي تأمين فرص عمل للشباب اللبناني، فقد بينت الدراسة أن اللاجئين الفلسطينيين ينفقون حوالي 340 مليون دولار سنويا في البلاد، وهذه مساهمة كبيرة في الاقتصاد اللبناني، وخصوصا في المناطق النائية، حيث تتركز التجمعات والمخيمات الفلسطينية، فضلا عن مساهمات "أونروا" وما تنفقه المؤسسات الفلسطينية والفصائل والتحويلات المالية من الجاليات الفلسطينية في الخارج، وهذا يقدر بمزيد من ملايين الدولارات. كما بيّنت الدراسة أن المهن التي يشغلها الفلسطينيون تعتبر مكملة لتلك التي يمتهنها اللبنانيون، ما يعني بوضوح أن اللاجئ الفلسطيني لا يشكل أي خطر على فرص العمل اللبنانية، فماذا يجري؟
لقد مل الفلسطينيون من الوعود والمناشدات التي لم تتقدم بهم الى الأمام فيما يخص حقوق الإنسان الطبيعية، واستطاع الفلسطينيون أن يعضوا على الجرح، وأن يتكيفوا مع هذا الواقع المؤلم، فعملوا على هامش الاقتصاد اللبناني، واستفاد لبنان من عوائد هذا العمل، ليأتي هذا القرار ليزيد الجرح ألما، فالفلسطيني أصبح مهددا بالجوع، وانتهاك حقه بالصمود والحفاظ على هويته، فاتخذ الاعتراض الفلسطيني في ظل عدم وجود أي موقف رسمي يلغي قرار وزير العمل، بالرغم من مطالبة الفصائل والسفارة الفلسطينية ومؤسسات وشخصيات لبنانية سياسية وشعبية بوقف هذا القرار، فاتجهت الأمور نحو إغلاق مداخل المخيمات والتظاهر وحرق الإطارات، وسحب رؤوس الأموال الفلسطينية من البنوك، ومقاطعة بعض المصالح التجارية اللبنانية، أين العقلاء في هذا البلد من تدهور الأوضاع، وما هو مصير لقمة العيش بكرامة للفلسطيني؟
مقالات أخرى
20 يونيو 2019
21 مارس 2019
27 فبراير 2019