السلام.. مفهوم يشير إلى حالة هدوء أو طمأنينة وإلى غياب الاضطرابات والتوتّر والحرب والصراعات. هو يتطابق كذلك مع مثال اجتماعيّ وسياسيّ. ويُستخدَم مصطلح السلام كضدّ منافٍ للحرب وأعمال العنف، التي تقوم عادة بين دول أو شعوب أو طبقات وفئات من المجتمع. هكذا يُعرَّف السلام في المراجع المعنيّة.
للسلام يوم عالميّ كذلك، يوافق فيه 21 سبتمبر/ أيلول. بالنسبة إلى الأمم المتحدة التي أقرّته، فإنّ "أهداف التنمية المستدامة هي جزء لا يتجزأ من تحقيق السلام في عصرنا. والتنمية والسلام مترابطان ويعزّزان بعضهما بعضاً". ويُحتفى اليوم تحت عنوان "أهداف التنمية المستدامة: بناء أحجار الأساس من أجل السلام".
السلام.. كلمة حفظناها عن ظهر قلب، مذ كنّا تلاميذَ صغاراً في الصفوف الابتدائيّة الأولى. هي كلمة حفظناها عن ظهر قلب، وقد بلغتنا مذ كنّا أطفالاً صغاراً أطرافُ أخبار عن مشاورات ومباحثات وقمم ولقاءات ثنائيّة وغير ثنائيّة تُعقد من أجل "إرساء السلام". لم نكن نفهم ماذا تعني المشاورات ولا المباحثات ولا القمم ولا اللقاءات الثنائيّة ولا تلك غير الثنائيّة. لكنّنا تعلّمنا أن نرسم ذلك السلام على شكل حمامة بيضاء تحمل غصن زيتون في منقارها.
على ورقة أو كرتونة بيضاء، كنّا نلقي براحة يدنا وقد أبعدنا الإبهام عن الأصابع الأربعة الأخرى. وبقلم رصاص، نرسم الشكل. هو شكل حمامة. نرسم دائرة صغيرة نلوّنها بالأسود في موقع الإبهام، هي عين الحمامة، قبل أن نضيف مثلّثاً إليه، هو منقارها.
في بعض الأحيان، وفي خطوة لاحقة، كنّا نقصّ الشكل المرسوم، أو تقصّه المدرّسة خوفاً على أصابعنا، قبل أن نلصق كتلاً من القطن الأبيض عليه. وفي مرّات، كنّا نثبّت بالغراء بعضاً من غصن زيتون أخضر مورق، عند منقار الحمامة ناصعة البياض.
هكذا كان السلام، بالنسبة إلى هؤلاء الصغار الذين كنّاهم في يوم، هؤلاء الصغار الذين لطالما هرعوا إلى الملاجئ هرباً من قذيفة ما. هؤلاء الصغار الذين اضطروا في مرّات كثيرة إلى اجتياز معابر يقف عندها مسلّحون بكامل عتادهم، مسلّحون يزرعون الخوف في قلوب صغيرة وأخرى كبيرة. هؤلاء الصغار الذين لم يفقهوا دواعي تلك السواتر الترابيّة التي كانت تُنصب وتغيّر معالم الأمكنة التي عهدوها في يوم.
هكذا كان السلام، حمامة من ورق أو كرتون مع قطن أبيض وأحياناً مع بعضٍ من غصن زيتون أخضر مورق. يُقال إنّ هذا الرمز، يعود إلى حضارة ما بين النهرَين، ويبدو ذلك المصطلح قديماً من قدم التاريخ.
اليوم، احتفاءً بالسلام، لا بدّ من أنّ أطفالاً كثيرين في بقاع مشتعلة من المعمورة، يرسمون حمامات بيضاء. هؤلاء يشبهون صغاراً كنّاهم وآخرين من أجيال لاحقة، ويحفظون كلمة سلام عن ظهر قلب. أمّا الحمامة البيضاء فتبقى من ورق أو كرتون.