10 مايو 2024
حين تصبح نظرية المؤامرة بارانويا جماعيّة
عزام أمين
كاتب وباحث سوري، دكتوراة في علم النفس الاجتماعي، مدرس في معهد الدوحة للدراسات العليا
لا تفتقر نظرية المؤامرة لأبعاد نفسيّة مرضيّة، لتشخيصها باعتبارها سلوكا عُصابيا أشبه بالبارانويا الجماعيّة. والمعروف عن البارانويا أنّها أحدّ أشكال ما يُسمى باللغة العربية "الذهان النفسّي"، ومن أعراض هذا المرض النفسي الهذيان، على الرغم من أن المريض قد يبدو ظاهرياً سليماً من حيث القدرة العقليّة والاستدلال، غير أنّه يبني استدلالاته على أوهام وحوادث غير حقيقية، أو ارتباطات وهميّة بين أحداث واقعيّة، فبالنسبة له عامل المصادفة غير موجود. ومريض البارانويا يعتقد أنّ جميع من حوله يتآمرون عليه، ويريدون النيْل منه عبر حياكة مؤامراتٍ خفيّة. لديه شعور دائم بالاضطهاد وبالتهديد من "أعداء" له. المُصاب بهذا المرض يكون حذرا، قلقا تجاه كل ما هو جديد، وسريع الاتهام للآخرين بالتآمر عليه، وخصوصا لمن يخالفه الرأي. بالنسبة له الجميع يكذب ويحيك المؤامرات ضده.
وقد راجت نظرية المؤامرة في مجتمعاتنا العربيّة حتى أصبحت أسلوب تفكير شائع، لا يمكن الخروج منه وعليه، وما إن يفكر بذلك أحدٌ حتى يُتّهم بالمؤامرة نفسها. في عصر الهزيمة الذي نعيشه، أضحت نظرية المؤامرة أيديولوجيا بحد ذاتها، توفر منظومة تفسيرٍ متماسكةٍ، نلجأ إليها لشرح فشلنا، وعدم قدرتنا على مواجهة أصغر التحديات اليوميّة، على الصعيدين، الفردي والجماعي.
وفي كتابه "تصوّر المؤامرة العالمية" المنشور في عام 2006، حدّد عالم الاجتماع الفرنسي،
بيير أندريه تغاييف، أربعة مبادئ تقوم عليها نظرية المؤامرة: كل شيء مُدبّر ومدروس، فهناك مجموعة تُحيك وتُدبّر وتدير، بشكل خفي، الأحداث وفقاً لمصالحها. حتماً هناك إرادة خفيّة لكل ما يحصل، فلا شيء يحدث مصادفةً أو تلقائياً. كل ما يَظهر للعيان غير موجود أصلاً، أو ما يَظهر هو غير الحقيقي بأكمله، أيّ كل شيء مفبرك، ولا نرى إلا جزءا من الحقيقة. هناك علاقة خفيّة بين ما يظهر للعيان (الأحداث) والإرادة الخفية التي تدبّر وتحيك وتنظّم (المتآمرون أو الدولة المتآمرة).
واللجوء إلى نظرية المؤامرة في شرح الواقع استراتيجية لها أهدافها على الأصعدة، السياسي والاجتماعي والنفسي الفردي:
سياسياً، إذا كان هناك عامل مشترك بين جميع الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، فهو اللجوء إلى نظرية المؤامرة وترويجها، وإذ تبنّت جميع هذه الأنظمة، وبشكليها العسكري والديني، هذه النظريّة، فذلك للدفاع عن وجودها، فكلّ من يحاول نقدها أو تغييرها هو متآمر ويُنفذ مخطّطا خارجيا. لا يوجد نظام طغياني في العالم إلا واتهم معارضيه بالمؤامرة الخارجيّة: ستالين، هتلر، بينوشيه، تشاوشيسكو، صدّام، بن علي، القذافي، علي عبد الله صالح، الأسد.. أيّ اعتراض عليهم، مهما صغر، هو مؤامرة، وكل صرخةٍ من أجل العدل مؤامرة.
نظريّة المؤامرة هي ديدن الأنظمة الشمولية، على حدّ قول الألمانية حنه أرندت، في كتابها "أسس التوتاليتارية"، فيتلازم استحضار المؤامرة مع سرديات المظلومية، بالاعتماد على قصص ومؤامرات موجودة مسبقاً في الوعي الجمعي، ويتم ذلك بشكل دعائي تلقيني يومي، حتى تتحول إلى شكل من العصاب الجماعي، تقول أرندت: "وحدهما الرعاع والنخبة من يمكن أن تجتذبهما انطلاقة التوتاليتارية نفسها، أما الجماهير فينبغي أن تُحمل إلى تأييد التوتاليتارية من خلال الدعاية". ومن الاستراتيجيات التي تستخدمها هذه الأنظمة لإقناع الناس التكرار والإعادة في الحديث عن المؤامرة، ومحاولة عرض الأحداث والعلاقات الخفية بشكل منطقي، ومُبالغ به، عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة. والتكرار يؤدّي، في البداية، إلى التعوّد على بعض الأفكار، وبالتالي قبول تبنّيها بشكل لا شعوري، حتى يردّدها بعضهم بشكل ببغائي.
اجتماعياً، تهدف نظرية المؤامرة لصناعة العدو الذي يهدّد الجماعة (الشعب، القومية، الثقافة) وهي بذلك تساعد على إيجاد نوعٍ من الهُويّة الاجتماعية، قائمة على المصير المشترك: الجميع يكرهنا، وعدو لنا أو يغارون منّا، ويريدون تدميرنا أو ينافسوننا. يؤدي هذا الإحساس المشترك، بشكل أو بآخر، إلى الشعور بالانتماء المشترك عند الأفراد، وهو يقوّي الترابط والانسجام بينهم، وكلما زاد الإحساس بالتهديد والتآمر والمظلومية زاد تماسك الجماعة، وتطرّفت في مواقفها. لذلك نرى انتشاراً كبيراً للأفكار التآمرية عند الجماعات المتطرفة، يساريّة كانت أو يمينيّة أو إسلاميّة.
وتساعد نظرية المؤامرة على تبرير الفشل، سواءً على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، ففي مجتمعاتنا العربية، مثلا، نعزو وضعنا المزري، على جميع الأصعدة، إلى الدول الغربية المهيمنة أو الصهيونية والإمبريالية العالمية، فنحن متخلفون لأنّهم يتآمرون علينا. ونحن مُجزأون، لأنّهم يريدون ذلك، نحن فقراء (أو أنتم فقراء) لأننا نواجه مؤامراتهم ضد البلاد. يتم إرجاع كل مصائبنا والتحديات التي نواجهها إلى نظرية المؤامرة. هناك دائماً عدو يتآمر علينا، ويحرمنا من متاع الحياة.
نفسياً، بتبسيطها الواقع السياسي أو الاجتماعي (هناك أشرار يريدون الانتقام منّا ولا يحبوننا، ولا يريدون لنا الخير)، تساعد نظرية المؤامرة المؤمنين بها على التحليل السريع للأحداث، تحليل اختزالي في ثنائيات متضادّة "مانوي" (الخير والشر، النور والظلام، الأعداء والأصدقاء). وبذلك لا توفّر فقط إطارا تفسيريا سهلا ومتماسكا، وإنما الوصول إلى نوع من الرِضى الذاتي، نتيجة موقفهم السلبي المتخاذل من الواقع، أو المتقاعس عن اتخاذ مواقف نقديّة تجاهه، لا بل نكران وجود هذه الواقع أصلاً، للتهرب من تحمّل المسؤوليّة، فالإنكار آلية دفاع نفسي عن الأنا: كلّ ما يُقال هو نتيجة مؤامرة، ولا يوجد شيء أصلاً. وهكذا يهرب الفرد
الموالي للأنظمة الدكتاتورية، على سبيل المثال، من حالة تأنيب الضمير نتيجة موقفه الصامت أو المؤيد أو الخائف من النقد. وبما أن هذا الاعتقاد بوجود مؤامرة يؤدي إلى راحة نفسيّة (ناتجة عن التوافق بين المُعتقد والسلوك)، يقوم الفرد الموالي للحاكم في الأنظمة الديكتاتورية في الابتعاد عن أيّة معلومات أو مصدر معلومات (المحطات الفضائيّة العربية والعالمية والمقالات والأشخاص) يدحض نظرية المؤامرة.
ويُلخّص الباحث المغربي، سعيد ناشد، التفكير التآمري في أربعة ميكانيزمات، فعادة ما يتمّ تقديم غياب الدليل على أنه دليل، ومن ثم يُطرح السؤال "لماذا في هذا الوقت بالذات؟". ودائماً يتم إنكار عامل المصادفة والتشكيك. وأخيراً، المؤامرة مؤكدة، وكل نقد موجه إلى نظريّة المؤامرة، أو محاولة نفيها هو جزء من المؤامرة نفسها.
من الأفكار التآمرية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية: الغرب يتآمر علينا، اليهود يسيطرون على العالم، برتوكولات حكماء بني صهيون، نحن لدينا أخلاق والغربيون بدون أخلاق، ولذلك يريدون تدمير مجتمعنا، أحداث 11 سبتمبر مدبرة، والهجوم على مجلة شارلي أيبدو مدبّر، الغرب يتآمر على الإسلام ويخاف منه، قصص الماسونية وسيطرتها على العالم، كل شيء مُدبر من أميركا، الربيع العربي مؤامرة، سقوط القذافي مؤامرة، سقوط بن علي مؤامرة، سقوط مبارك مؤامرة، نزول السوريين إلى الشارع من أجل كرامتهم وحريّتهم مؤامرة، كل شيء مؤامرة ومُخطط له ومدروس بعناية فائقة.
بالطبع، لا يمكن إنكار وجود تخطيط وتآمر وتدبير للأحداث في بعض الأحيان، والأمثلة على ذلك لا تنقص أحداً. ولا يمكن نفي الإغراءات التي تقدّمها نظرية المؤامرة، وأنّها تنتشر في جميع المجتمعات تقريباً، لكن الملحوظ أنّها رائجة جداً في المجتمعات المتخلّفة، والمجتمعات التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية. وبلا شك تبقى المجتمعات العربية بمثابة السوق الأكثر رواجاً واستهلاكا لها، حتى أصبحت مهووسة بها. ما يُراد استنكاره هنا استخدام نظرية المؤامرة لتفسّر أيّ صغيرة وكبيرة، وتعطيل العقل والتحليل المنطقي والعلمي، ورفض أيّ إرادة تغيير مهما كانت من خلالها.
وقد راجت نظرية المؤامرة في مجتمعاتنا العربيّة حتى أصبحت أسلوب تفكير شائع، لا يمكن الخروج منه وعليه، وما إن يفكر بذلك أحدٌ حتى يُتّهم بالمؤامرة نفسها. في عصر الهزيمة الذي نعيشه، أضحت نظرية المؤامرة أيديولوجيا بحد ذاتها، توفر منظومة تفسيرٍ متماسكةٍ، نلجأ إليها لشرح فشلنا، وعدم قدرتنا على مواجهة أصغر التحديات اليوميّة، على الصعيدين، الفردي والجماعي.
وفي كتابه "تصوّر المؤامرة العالمية" المنشور في عام 2006، حدّد عالم الاجتماع الفرنسي،
واللجوء إلى نظرية المؤامرة في شرح الواقع استراتيجية لها أهدافها على الأصعدة، السياسي والاجتماعي والنفسي الفردي:
سياسياً، إذا كان هناك عامل مشترك بين جميع الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، فهو اللجوء إلى نظرية المؤامرة وترويجها، وإذ تبنّت جميع هذه الأنظمة، وبشكليها العسكري والديني، هذه النظريّة، فذلك للدفاع عن وجودها، فكلّ من يحاول نقدها أو تغييرها هو متآمر ويُنفذ مخطّطا خارجيا. لا يوجد نظام طغياني في العالم إلا واتهم معارضيه بالمؤامرة الخارجيّة: ستالين، هتلر، بينوشيه، تشاوشيسكو، صدّام، بن علي، القذافي، علي عبد الله صالح، الأسد.. أيّ اعتراض عليهم، مهما صغر، هو مؤامرة، وكل صرخةٍ من أجل العدل مؤامرة.
نظريّة المؤامرة هي ديدن الأنظمة الشمولية، على حدّ قول الألمانية حنه أرندت، في كتابها "أسس التوتاليتارية"، فيتلازم استحضار المؤامرة مع سرديات المظلومية، بالاعتماد على قصص ومؤامرات موجودة مسبقاً في الوعي الجمعي، ويتم ذلك بشكل دعائي تلقيني يومي، حتى تتحول إلى شكل من العصاب الجماعي، تقول أرندت: "وحدهما الرعاع والنخبة من يمكن أن تجتذبهما انطلاقة التوتاليتارية نفسها، أما الجماهير فينبغي أن تُحمل إلى تأييد التوتاليتارية من خلال الدعاية". ومن الاستراتيجيات التي تستخدمها هذه الأنظمة لإقناع الناس التكرار والإعادة في الحديث عن المؤامرة، ومحاولة عرض الأحداث والعلاقات الخفية بشكل منطقي، ومُبالغ به، عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة. والتكرار يؤدّي، في البداية، إلى التعوّد على بعض الأفكار، وبالتالي قبول تبنّيها بشكل لا شعوري، حتى يردّدها بعضهم بشكل ببغائي.
اجتماعياً، تهدف نظرية المؤامرة لصناعة العدو الذي يهدّد الجماعة (الشعب، القومية، الثقافة) وهي بذلك تساعد على إيجاد نوعٍ من الهُويّة الاجتماعية، قائمة على المصير المشترك: الجميع يكرهنا، وعدو لنا أو يغارون منّا، ويريدون تدميرنا أو ينافسوننا. يؤدي هذا الإحساس المشترك، بشكل أو بآخر، إلى الشعور بالانتماء المشترك عند الأفراد، وهو يقوّي الترابط والانسجام بينهم، وكلما زاد الإحساس بالتهديد والتآمر والمظلومية زاد تماسك الجماعة، وتطرّفت في مواقفها. لذلك نرى انتشاراً كبيراً للأفكار التآمرية عند الجماعات المتطرفة، يساريّة كانت أو يمينيّة أو إسلاميّة.
وتساعد نظرية المؤامرة على تبرير الفشل، سواءً على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، ففي مجتمعاتنا العربية، مثلا، نعزو وضعنا المزري، على جميع الأصعدة، إلى الدول الغربية المهيمنة أو الصهيونية والإمبريالية العالمية، فنحن متخلفون لأنّهم يتآمرون علينا. ونحن مُجزأون، لأنّهم يريدون ذلك، نحن فقراء (أو أنتم فقراء) لأننا نواجه مؤامراتهم ضد البلاد. يتم إرجاع كل مصائبنا والتحديات التي نواجهها إلى نظرية المؤامرة. هناك دائماً عدو يتآمر علينا، ويحرمنا من متاع الحياة.
نفسياً، بتبسيطها الواقع السياسي أو الاجتماعي (هناك أشرار يريدون الانتقام منّا ولا يحبوننا، ولا يريدون لنا الخير)، تساعد نظرية المؤامرة المؤمنين بها على التحليل السريع للأحداث، تحليل اختزالي في ثنائيات متضادّة "مانوي" (الخير والشر، النور والظلام، الأعداء والأصدقاء). وبذلك لا توفّر فقط إطارا تفسيريا سهلا ومتماسكا، وإنما الوصول إلى نوع من الرِضى الذاتي، نتيجة موقفهم السلبي المتخاذل من الواقع، أو المتقاعس عن اتخاذ مواقف نقديّة تجاهه، لا بل نكران وجود هذه الواقع أصلاً، للتهرب من تحمّل المسؤوليّة، فالإنكار آلية دفاع نفسي عن الأنا: كلّ ما يُقال هو نتيجة مؤامرة، ولا يوجد شيء أصلاً. وهكذا يهرب الفرد
ويُلخّص الباحث المغربي، سعيد ناشد، التفكير التآمري في أربعة ميكانيزمات، فعادة ما يتمّ تقديم غياب الدليل على أنه دليل، ومن ثم يُطرح السؤال "لماذا في هذا الوقت بالذات؟". ودائماً يتم إنكار عامل المصادفة والتشكيك. وأخيراً، المؤامرة مؤكدة، وكل نقد موجه إلى نظريّة المؤامرة، أو محاولة نفيها هو جزء من المؤامرة نفسها.
من الأفكار التآمرية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية: الغرب يتآمر علينا، اليهود يسيطرون على العالم، برتوكولات حكماء بني صهيون، نحن لدينا أخلاق والغربيون بدون أخلاق، ولذلك يريدون تدمير مجتمعنا، أحداث 11 سبتمبر مدبرة، والهجوم على مجلة شارلي أيبدو مدبّر، الغرب يتآمر على الإسلام ويخاف منه، قصص الماسونية وسيطرتها على العالم، كل شيء مُدبر من أميركا، الربيع العربي مؤامرة، سقوط القذافي مؤامرة، سقوط بن علي مؤامرة، سقوط مبارك مؤامرة، نزول السوريين إلى الشارع من أجل كرامتهم وحريّتهم مؤامرة، كل شيء مؤامرة ومُخطط له ومدروس بعناية فائقة.
بالطبع، لا يمكن إنكار وجود تخطيط وتآمر وتدبير للأحداث في بعض الأحيان، والأمثلة على ذلك لا تنقص أحداً. ولا يمكن نفي الإغراءات التي تقدّمها نظرية المؤامرة، وأنّها تنتشر في جميع المجتمعات تقريباً، لكن الملحوظ أنّها رائجة جداً في المجتمعات المتخلّفة، والمجتمعات التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية. وبلا شك تبقى المجتمعات العربية بمثابة السوق الأكثر رواجاً واستهلاكا لها، حتى أصبحت مهووسة بها. ما يُراد استنكاره هنا استخدام نظرية المؤامرة لتفسّر أيّ صغيرة وكبيرة، وتعطيل العقل والتحليل المنطقي والعلمي، ورفض أيّ إرادة تغيير مهما كانت من خلالها.
دلالات
عزام أمين
كاتب وباحث سوري، دكتوراة في علم النفس الاجتماعي، مدرس في معهد الدوحة للدراسات العليا
عزام أمين
مقالات أخرى
05 ابريل 2023
02 مايو 2022
21 مارس 2020