أكد الخبير المالي القطري خالد بن راشد الخاطر، أن حرب دول الحصار الاقتصادية على قطر، استهدفت إسقاط النظام، وكشف في حوار مع "العربي الجديد" أسماء الشركات والشخصيات التي تآمرت على الريال القطري.
- كيف استهدفت دول الحصار الاقتصاد القطري، ولماذا؟
لقد كان واضحاً للمراقب مع حملة التحريض والكراهية التي تقودها دول الحصار ضد قطر، كما يكشف حجم المؤامرات التي تنسجها يوماً بعد يوم، أن الجبهة الاقتصادية هدف في هذا الصراع والعملة الوطنية في قلب الاستهداف، فهي الخاصرة اللينة الممكن من خلالها، ولو نظرياً، إلحاق أكبر ضرر ممكن بقطر وتدمير اقتصادها عن بعد، وبأقل تكلفة ممكنة على الطرف الآخر، والهدف النهائي المرجو من ذلك هو زعزعة استقرار النظام في قطر بهدف إضعافه وإسقاطه.
- وهل بدأت الحرب الاقتصادية بالعملة القطرية اعتقاداً منهم أنها الحلقة الأسهل الوصول إليها وضربها؟
إن التخطيط والتآمر لزعزعة استقرار عملة واقتصاد دولة ذات سيادة بواسطة دولة أخرى يعد من أعمال الحرب الاقتصادية، واستهداف هذه الجبهة لم يكن لانكشاف أو ضعف أو قصور في الحماية، ولكن نظراً لطبيعة الأسواق وحساسيتها، خصوصها أسواق المال والصرف الأجنبي، في ظل أنظمة أسعار الصرف الثابتة التي عادة ما تكون أكثر عرضة للضغوطات والمضاربات في حالات الأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة.
- ما هي أهم مراحل وأهداف هذه الحرب من وجهة نظرك؟
لقد بدأ استهداف الريال القطري مبكراً مع بداية الأزمة، واشتد ذلك خلال أسبوعيها الأول والثاني في سوق الصرف الآنية المحلية، قبل أن يتحول إلى الأسواق الخارجية في أواخر شهر يونيو/ حزيران 2017. فمع بداية الأزمة كان هناك تأثير الصدمة وعامل التوتر السياسي رافقه قطع مفاجئ في الإمداد بالدولار الأميركي من دبي (عن كثير من شركات الصرافة في قطر التي تستورده من دبي) في فترة ذروة الطلب السنوي على الدولار مع بداية إجازة نهاية العام الدراسي وفترة الأعياد. ويبدو أن هذا التوقيت قد اختير بعناية لإحداث أكبر أثر سلبي ممكن، وقد رافق ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار لإثارة التشكك والقلق حول قيمة العملة، وبالتالي استهدفت إثارة الهلع والارتباك والدفع نحو التخلص من الريال القطري، وهروب رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من كسر لنظام سعر الصرف في قطر والدفع نحو انهياره أو إضعاف قيمة العملة، وما لذلك من آثار كارثية ممكنة على الاقتصاد الوطني، وزعزعة استقرار النظام المالي والاقتصادي.
اقــرأ أيضاً
- هل نجحت دول الحصار في تحقيق بعض أهدافها من هذه الحرب على الريال داخل البلاد أو خارجها؟
فشل إعلام الحصار في إقناع الداخل القطري بالتخلص من الريال لصالح العملات الأخرى، وذلك نظراً لانعدام المصداقية فيه نظراً لأسلوبه الفج والاستخفاف بالعقول منذ اندلاع الأزمة التي انطلقت شرارتها من اختراق لموقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، ودس التصريحات تقولا وكذبا على رأس الدولة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وكانت هذه مرحلة وجيزة ولكنها أخطر مراحل الحرب الاقتصادية على قطر التي تم تخطيها بنجاح، ثم بعد ذلك انتقلت الحملات على الريال القطري إلى خارج قطر، وقد كان ذلك إيذانا بفشلها، لأن حملة الريال هم داخل قطر وليسوا خارجها.
- وما هي أسماء الشخصيات والشركات والدول التي استهدفت العملة القطرية؟
كانت هناك محاولات في أواخر شهر يونيو/ حزيران 2017 لمنع تداول الريال القطري في بعض الأسواق الخارجية، بريطانيا على وجه الخصوص، يقودها الملياردير الهندي "شتي Bavaguthu "Shetty المرتبط بعلاقات وثيقة بحكومة أبوظبي ويمتلك جزئيا شركة صرافة الإمارات بالإضافة إلى شركة صرافة "ترافل إكس" Travelex المعروفة التي تقدم خدمات صيرفة (بيع وشراء للعملات الأجنبية) في بريطانيا وغيرها من الدول، وقد صاحب ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار لإثارة التوجسات حول قيمة العملة ومصداقية نظام سعر الصرف القطري، ولكنها باءت بالفشل نظراً لمحدودية عرض الريال القطري في الأسواق الخارجية.
ثم بعد ذلك تعرض الريال لحملات للتلاعب به في أسواق بعض دول الحصار، الإمارات على وجه الخصوص، بالإضافة إلى محاولات للتلاعب بالسندات السيادية لدولة قطر لإظهار أنه يتم تداولهما بأسعار منخفضة بشكل مصطنع للإيحاء بأن الاقتصاد في أزمة، أو أن قطر تتعرض لأزمة سياسية حادة، وبالتالي إثارة التوتر والقلق حول مصداقية نظام سعر صرف العملة والدفع نحو تخلص الجمهور من الريال القطري، والمستثمرين من السندات والأصول القطرية، والدفع نحو خروج رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من ضغط على قيمة العملة وتبخر مدخرات الأفراد وارتفاع في معدلات التضخم واستنزاف الاحتياطات الأجنبية. والتآمر للتلاعب بالسندات السيادية القطرية مخطط قاده الملياردير البريطاني "ديفيد رولاند" David Rowland مالك بنك "هافي لاند" Havilland في لكسمبورغ لصالح حكومة أبو ظبي.
- رغم استقرار العملة وقوة القطاع المالي القطري إلا أن هناك آثارا سلبية لأي حرب اقتصادية... نرجو إلقاء الضوء عليها.
يمكن حصر الآثار السلبية والسيناريوهات المحتملة نظريا من وراء الحرب الاقتصادية على قطر في محورين، الأول التأثيرات المباشرة، وتتجسد في ارتفاع أسعار فائدة الإقراض لقطر، وارتفاع قيم التأمينات على السندات السيادية القطرية، وانخفاض التقييم الائتماني وصعوبة الاقتراض على قطر، بالإضافة الى خروج رؤوس الأموال.
وفي محور التأثيرات الأخرى، يتم الضغط على قيمة العملة، وزعزعة مصداقية واستقرار نظام سعر الصرف، ومن ثم إثارة الهلع والارتباك والدفع نحو هروب رؤوس الأموال، وتبعاته المحتملة من انهيار لنظام سعر الصرف، أو إضعاف لقيمة العملة وارتفاع حاد في معدلات التضخم مما قد يؤدي إلى تذمر شعبي داخلي وبالتالي إمكانية زعزعة الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم الاجتماعي، والسياسي وصولاً إلى تهديد الأمن القومي، وزعزعة استقرار النظام في أسوأ الحالات.
والاحتمال الآخر والأكبر هو استنزاف الاحتياطات السيادية لقطر في الدفاع عن العملة وتعزيز استقرار نظام سعر الصرف والنظام المالي، وإنهاك القدرة المالية للدولة مع مرور الوقت، وهذا أحد أهداف إطالة أمد الحصار، وبالتالي الإخلال بالتزاماتها بمشاريع البنى التحتية وتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وفي أسوأ الحالات قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على تغطية تكاليف الواردات من سلع رأس مالية ومعدات وغيرها من وسائل مواصلات ومواد بناء لتطوير البنية التحتية، ومشاريع كأس العالم بل حتى الواردات السلعية من مواد غذائية وأساسية لأشهر معدودة حسب المعايير الدولية.
اقــرأ أيضاً
- كيف واجهت قطر هذه المؤامرات التي اشتركت فيها العديد من الدول؟
لقد كان متوقعاً استهداف العملة والنظام المالي في قطر في هذه الأزمة، ولذلك زال هنا عنصر المفاجأة وأخذت التحوطات اللازمة وإجراءات احترازية لحماية العملة، بالإضافة إلى استخدام الاحتياطيات، فتدخلت الحكومة وضخت سيولة وودائع في الجهاز المصرفي تقدر بـ 23 مليار دولار في أول شهرين من الأزمة للتعويض عن خروج رؤوس أموال معظمها ودائع لدول الحصار، ولتعزيز استقرار العملة والاستقرار المصرفي والمالي، وضخت 38.5 مليار دولار في الاقتصاد ككل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ولكن تجب الإشارة إلى عاملين أساسيين لهما أكبر الأثر في فشل الحرب الاقتصادية على قطر وعملتها، والحملات الإعلامية المصاحبة لها، الأول أنه تصعب المضاربة على الريال القطري لأنه غير متداول خارجياً، فهو عملة غير عالمية وعرضه محدود في الأسواق الخارجية نظراً لقلة الطلب عليه، وأيضاً تصعب المضاربة على السندات السيادية القطرية لأنها غير سائلة وذلك نظراً لمحدودية تداولها في أسواق المال العالمية، لأنها مقتناه من قبل بنوك عالمية تحتفظ بها لتصنيفها الائتماني المرتفع (AA-) ومردودها الجيد. والعامل الآخر هو فشل الحملات الإعلامية لدول الحصار كذراع للحرب الاقتصادية على قطر، تستهدف تقويض الثقة وزعزعة استقرار العملة والنظام المالي، وذلك نظراً لانعدام المصداقية كما تقدم ذكره.
وأخيراً فإن مستوى الاحتياطات النقدية والسيادية الضخم لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي، يجعل من نجاح محاولات استهداف العملة والسندات القطرية أمرا صعبا وينكسر عند حائط صد الاحتياطات المنيع الذي يرفده اقتصاد حقيقي قوي لأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا بد من الإشارة إلى أن محاولة كسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية أداء هو سلاح ذو حدين وقد يرتد على من استخدمه، ويؤدي إلى انتشار العدوى إلى بقية الأعضاء وإشعال أزمة سعر صرف في منظومة تشكل منطقة عملة موحدة مع الولايات المتحدة الأميركية من خلال ارتباطها بالدولار الأميركي، وتعاني أساساً من ضغوطات مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط. فالبحرين على سبيل المثال، المصنفة عالية المخاطر ربما كانت الأكثر عرضة بين أعضاء المجموعة، إذ كانت، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ" صدر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2017، في ضائقة مالية وتعاني من انخفاض في الاحتياطات الأجنبية مما يعرض سعر صرفها لمخاطر قد تؤدي إلى إضعاف أو تخفيض قيمة عملتها. وحسب التقرير فإن البحرين حذرت بعض دول المجلس الأخرى من مخاطر انتشار العدوى إذا ما اضطرت لخفض قيمة عملتها. وتجدر الإشارة إلى أن أزمة شرق آسيا المالية المدمرة في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد بدأت بأزمة سعر صرف في تايلاند ثم سرعان ما انتشرت إلى بقية دول شرق آسيا المجاورة.
- وماذا عن مصادر الانكشاف المالي الأخرى على دول الحصار إن وجدت؟
الانكشاف محدود؛ كان هناك مبلغ يقدر ما بين 15 مليارا و20 مليار دولار ودائع لدول الحصار من مجموع 52 ملياردولار ودائع غير المقيمين وبنسبة 25% من إجمالي ودائع القطاع المصرفي مع بداية الحصار. وتقدر وكالة "ستاندرد أند بورز" خروج رؤوس الأموال بـ8 مليارات دولار و15 مليار دولار في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2017 معظمها ودائع لدول الحصار سحبت بشكل متعمد في إطار الحرب الاقتصادية على قطر، في حين تقدر أصول القطاع المصرفي القطري في دول مجلس التعاون بـ27% من مجموع أصوله (IIF).
وقد حاولت دول الحصار جر أطراف أخرى، من دول وبنوك وشركات، إلى جانبها في نزاعها مع قطر، ولكنها فشلت في ذلك ولم يتبعها إلا بعض الدول غير المؤثرة حتى في ساحتها الإقليمية والتي ربما تتلقى إعانات ومساعدات مالية من بعض دول الحصار.
لقد كان واضحاً للمراقب مع حملة التحريض والكراهية التي تقودها دول الحصار ضد قطر، كما يكشف حجم المؤامرات التي تنسجها يوماً بعد يوم، أن الجبهة الاقتصادية هدف في هذا الصراع والعملة الوطنية في قلب الاستهداف، فهي الخاصرة اللينة الممكن من خلالها، ولو نظرياً، إلحاق أكبر ضرر ممكن بقطر وتدمير اقتصادها عن بعد، وبأقل تكلفة ممكنة على الطرف الآخر، والهدف النهائي المرجو من ذلك هو زعزعة استقرار النظام في قطر بهدف إضعافه وإسقاطه.
- وهل بدأت الحرب الاقتصادية بالعملة القطرية اعتقاداً منهم أنها الحلقة الأسهل الوصول إليها وضربها؟
إن التخطيط والتآمر لزعزعة استقرار عملة واقتصاد دولة ذات سيادة بواسطة دولة أخرى يعد من أعمال الحرب الاقتصادية، واستهداف هذه الجبهة لم يكن لانكشاف أو ضعف أو قصور في الحماية، ولكن نظراً لطبيعة الأسواق وحساسيتها، خصوصها أسواق المال والصرف الأجنبي، في ظل أنظمة أسعار الصرف الثابتة التي عادة ما تكون أكثر عرضة للضغوطات والمضاربات في حالات الأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة.
- ما هي أهم مراحل وأهداف هذه الحرب من وجهة نظرك؟
لقد بدأ استهداف الريال القطري مبكراً مع بداية الأزمة، واشتد ذلك خلال أسبوعيها الأول والثاني في سوق الصرف الآنية المحلية، قبل أن يتحول إلى الأسواق الخارجية في أواخر شهر يونيو/ حزيران 2017. فمع بداية الأزمة كان هناك تأثير الصدمة وعامل التوتر السياسي رافقه قطع مفاجئ في الإمداد بالدولار الأميركي من دبي (عن كثير من شركات الصرافة في قطر التي تستورده من دبي) في فترة ذروة الطلب السنوي على الدولار مع بداية إجازة نهاية العام الدراسي وفترة الأعياد. ويبدو أن هذا التوقيت قد اختير بعناية لإحداث أكبر أثر سلبي ممكن، وقد رافق ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار لإثارة التشكك والقلق حول قيمة العملة، وبالتالي استهدفت إثارة الهلع والارتباك والدفع نحو التخلص من الريال القطري، وهروب رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من كسر لنظام سعر الصرف في قطر والدفع نحو انهياره أو إضعاف قيمة العملة، وما لذلك من آثار كارثية ممكنة على الاقتصاد الوطني، وزعزعة استقرار النظام المالي والاقتصادي.
- هل نجحت دول الحصار في تحقيق بعض أهدافها من هذه الحرب على الريال داخل البلاد أو خارجها؟
فشل إعلام الحصار في إقناع الداخل القطري بالتخلص من الريال لصالح العملات الأخرى، وذلك نظراً لانعدام المصداقية فيه نظراً لأسلوبه الفج والاستخفاف بالعقول منذ اندلاع الأزمة التي انطلقت شرارتها من اختراق لموقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، ودس التصريحات تقولا وكذبا على رأس الدولة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وكانت هذه مرحلة وجيزة ولكنها أخطر مراحل الحرب الاقتصادية على قطر التي تم تخطيها بنجاح، ثم بعد ذلك انتقلت الحملات على الريال القطري إلى خارج قطر، وقد كان ذلك إيذانا بفشلها، لأن حملة الريال هم داخل قطر وليسوا خارجها.
- وما هي أسماء الشخصيات والشركات والدول التي استهدفت العملة القطرية؟
كانت هناك محاولات في أواخر شهر يونيو/ حزيران 2017 لمنع تداول الريال القطري في بعض الأسواق الخارجية، بريطانيا على وجه الخصوص، يقودها الملياردير الهندي "شتي Bavaguthu "Shetty المرتبط بعلاقات وثيقة بحكومة أبوظبي ويمتلك جزئيا شركة صرافة الإمارات بالإضافة إلى شركة صرافة "ترافل إكس" Travelex المعروفة التي تقدم خدمات صيرفة (بيع وشراء للعملات الأجنبية) في بريطانيا وغيرها من الدول، وقد صاحب ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار لإثارة التوجسات حول قيمة العملة ومصداقية نظام سعر الصرف القطري، ولكنها باءت بالفشل نظراً لمحدودية عرض الريال القطري في الأسواق الخارجية.
ثم بعد ذلك تعرض الريال لحملات للتلاعب به في أسواق بعض دول الحصار، الإمارات على وجه الخصوص، بالإضافة إلى محاولات للتلاعب بالسندات السيادية لدولة قطر لإظهار أنه يتم تداولهما بأسعار منخفضة بشكل مصطنع للإيحاء بأن الاقتصاد في أزمة، أو أن قطر تتعرض لأزمة سياسية حادة، وبالتالي إثارة التوتر والقلق حول مصداقية نظام سعر صرف العملة والدفع نحو تخلص الجمهور من الريال القطري، والمستثمرين من السندات والأصول القطرية، والدفع نحو خروج رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من ضغط على قيمة العملة وتبخر مدخرات الأفراد وارتفاع في معدلات التضخم واستنزاف الاحتياطات الأجنبية. والتآمر للتلاعب بالسندات السيادية القطرية مخطط قاده الملياردير البريطاني "ديفيد رولاند" David Rowland مالك بنك "هافي لاند" Havilland في لكسمبورغ لصالح حكومة أبو ظبي.
- رغم استقرار العملة وقوة القطاع المالي القطري إلا أن هناك آثارا سلبية لأي حرب اقتصادية... نرجو إلقاء الضوء عليها.
يمكن حصر الآثار السلبية والسيناريوهات المحتملة نظريا من وراء الحرب الاقتصادية على قطر في محورين، الأول التأثيرات المباشرة، وتتجسد في ارتفاع أسعار فائدة الإقراض لقطر، وارتفاع قيم التأمينات على السندات السيادية القطرية، وانخفاض التقييم الائتماني وصعوبة الاقتراض على قطر، بالإضافة الى خروج رؤوس الأموال.
وفي محور التأثيرات الأخرى، يتم الضغط على قيمة العملة، وزعزعة مصداقية واستقرار نظام سعر الصرف، ومن ثم إثارة الهلع والارتباك والدفع نحو هروب رؤوس الأموال، وتبعاته المحتملة من انهيار لنظام سعر الصرف، أو إضعاف لقيمة العملة وارتفاع حاد في معدلات التضخم مما قد يؤدي إلى تذمر شعبي داخلي وبالتالي إمكانية زعزعة الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم الاجتماعي، والسياسي وصولاً إلى تهديد الأمن القومي، وزعزعة استقرار النظام في أسوأ الحالات.
والاحتمال الآخر والأكبر هو استنزاف الاحتياطات السيادية لقطر في الدفاع عن العملة وتعزيز استقرار نظام سعر الصرف والنظام المالي، وإنهاك القدرة المالية للدولة مع مرور الوقت، وهذا أحد أهداف إطالة أمد الحصار، وبالتالي الإخلال بالتزاماتها بمشاريع البنى التحتية وتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وفي أسوأ الحالات قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على تغطية تكاليف الواردات من سلع رأس مالية ومعدات وغيرها من وسائل مواصلات ومواد بناء لتطوير البنية التحتية، ومشاريع كأس العالم بل حتى الواردات السلعية من مواد غذائية وأساسية لأشهر معدودة حسب المعايير الدولية.
- كيف واجهت قطر هذه المؤامرات التي اشتركت فيها العديد من الدول؟
لقد كان متوقعاً استهداف العملة والنظام المالي في قطر في هذه الأزمة، ولذلك زال هنا عنصر المفاجأة وأخذت التحوطات اللازمة وإجراءات احترازية لحماية العملة، بالإضافة إلى استخدام الاحتياطيات، فتدخلت الحكومة وضخت سيولة وودائع في الجهاز المصرفي تقدر بـ 23 مليار دولار في أول شهرين من الأزمة للتعويض عن خروج رؤوس أموال معظمها ودائع لدول الحصار، ولتعزيز استقرار العملة والاستقرار المصرفي والمالي، وضخت 38.5 مليار دولار في الاقتصاد ككل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ولكن تجب الإشارة إلى عاملين أساسيين لهما أكبر الأثر في فشل الحرب الاقتصادية على قطر وعملتها، والحملات الإعلامية المصاحبة لها، الأول أنه تصعب المضاربة على الريال القطري لأنه غير متداول خارجياً، فهو عملة غير عالمية وعرضه محدود في الأسواق الخارجية نظراً لقلة الطلب عليه، وأيضاً تصعب المضاربة على السندات السيادية القطرية لأنها غير سائلة وذلك نظراً لمحدودية تداولها في أسواق المال العالمية، لأنها مقتناه من قبل بنوك عالمية تحتفظ بها لتصنيفها الائتماني المرتفع (AA-) ومردودها الجيد. والعامل الآخر هو فشل الحملات الإعلامية لدول الحصار كذراع للحرب الاقتصادية على قطر، تستهدف تقويض الثقة وزعزعة استقرار العملة والنظام المالي، وذلك نظراً لانعدام المصداقية كما تقدم ذكره.
وأخيراً فإن مستوى الاحتياطات النقدية والسيادية الضخم لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي، يجعل من نجاح محاولات استهداف العملة والسندات القطرية أمرا صعبا وينكسر عند حائط صد الاحتياطات المنيع الذي يرفده اقتصاد حقيقي قوي لأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا بد من الإشارة إلى أن محاولة كسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية أداء هو سلاح ذو حدين وقد يرتد على من استخدمه، ويؤدي إلى انتشار العدوى إلى بقية الأعضاء وإشعال أزمة سعر صرف في منظومة تشكل منطقة عملة موحدة مع الولايات المتحدة الأميركية من خلال ارتباطها بالدولار الأميركي، وتعاني أساساً من ضغوطات مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط. فالبحرين على سبيل المثال، المصنفة عالية المخاطر ربما كانت الأكثر عرضة بين أعضاء المجموعة، إذ كانت، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ" صدر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2017، في ضائقة مالية وتعاني من انخفاض في الاحتياطات الأجنبية مما يعرض سعر صرفها لمخاطر قد تؤدي إلى إضعاف أو تخفيض قيمة عملتها. وحسب التقرير فإن البحرين حذرت بعض دول المجلس الأخرى من مخاطر انتشار العدوى إذا ما اضطرت لخفض قيمة عملتها. وتجدر الإشارة إلى أن أزمة شرق آسيا المالية المدمرة في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد بدأت بأزمة سعر صرف في تايلاند ثم سرعان ما انتشرت إلى بقية دول شرق آسيا المجاورة.
- وماذا عن مصادر الانكشاف المالي الأخرى على دول الحصار إن وجدت؟
الانكشاف محدود؛ كان هناك مبلغ يقدر ما بين 15 مليارا و20 مليار دولار ودائع لدول الحصار من مجموع 52 ملياردولار ودائع غير المقيمين وبنسبة 25% من إجمالي ودائع القطاع المصرفي مع بداية الحصار. وتقدر وكالة "ستاندرد أند بورز" خروج رؤوس الأموال بـ8 مليارات دولار و15 مليار دولار في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2017 معظمها ودائع لدول الحصار سحبت بشكل متعمد في إطار الحرب الاقتصادية على قطر، في حين تقدر أصول القطاع المصرفي القطري في دول مجلس التعاون بـ27% من مجموع أصوله (IIF).
وقد حاولت دول الحصار جر أطراف أخرى، من دول وبنوك وشركات، إلى جانبها في نزاعها مع قطر، ولكنها فشلت في ذلك ولم يتبعها إلا بعض الدول غير المؤثرة حتى في ساحتها الإقليمية والتي ربما تتلقى إعانات ومساعدات مالية من بعض دول الحصار.