يخشى خبراء دوليون من ارتدادات خطيرة للأزمة الخليجية على سوق النفط الدولية، وإحداث شرخ في الموقف الخليجي الموحد داخل منظمة أوبك. وحسب هؤلاء، فإن انعكاسات الأزمة الخليجية على تماسك "أوبك" والنفوذ السعودي في سوق النفط العالمي ستكون مكلفة للسعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، والتي تعيش مرحلة توسعها الإنفاقي على مشتريات الأسلحة والحرب التي تخوضها في اليمن، وتزداد التكلفة مع تراجع إيرادات المملكة العامة، مع استمرار تراجع أسعار النفط التي تشكل نحو 95% من إيرادات الموازنة السعودية.
ومعروف أن السعودية، التي كانت في الماضي تقود وتحدد توجّهات السوق النفطية العالمية، باتت مرتبكة خلال الفترة الأخيرة، حسب خبراء نفط، كما تبنّت سياسات إغراق الأسواق، على أمل القضاء على صناعة النفط الصخري الأميركي في مهدها، وفشلت في ذلك.
وتلجأ السعودية الآن إلى مزيد من خفض الإنتاج النفطي، ولكنه خفض يرى محللون أنه سيصب في مصلحة صناعة النفط الصخري الأميركي ودول مثل العراق وليبيا وإيران، وسيكون على حساب حصتها النفطية في السوق العالمية. وكانت المملكة قد تعهدت، أمس، بخفض صادراتها النفطية، خلال الشهر الجاري، التزاما بما تم الاتفاق عليه في اجتماع كبار المنتجين الأخير، يوم 25 مايو الماضي.
كذلك سيضرب الحصار خطط السعودية الخاصة بجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن ثمة دخول سوق المال السعودي في سجلات الأسواق الناشئة.
أما بخصوص إمارة دبي التي تعتمد على الاستثمار الأجنبي، فتشير سجلات محاكم دبي إلى إفلاس العديد من الشركات العقارية، كما أن الإيجارات تشهد هبوطاً كبيراً، حسب ما نشرت "أرابيان بيزنس" الأسبوع الماضي. وهناك مخاوف جدية قد تضر إمارة دبي من جراء سياسة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، المتحمس لمزيد من الإجراءات ضد قطر.
وكان تعنت دول الحصار ورفضها الحوار بشأن الأزمة الخليجية قد دفع إلى زيادة شكوك خبراء المال الدوليين حول مستقبل الاستقرار المالي العالمي، وبالتالي مستقبل الاستثمار في منطقة الخليج.
ولا يجد خبراء أسواق المال، تفسيراً منطقياً لهذا التعنت الذي تبديه دول الحصار ضد قطر، سوى أن الأزمة برمّتها لا تعدو أن تكون "لعبة نفوذ" يمارسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مدفوعاً بخطط محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، من دون اكتراث للتداعيات السالبة على المنطقة بأكملها.
ووصف تيموثي آش، كبير خبراء الأسواق الناشئة في لندن، أزمة الخليج بأنها "لعبة قوة"، يرغب من خلالها ولي العهد السعودي فرض نفوذه على دول الخليج.
ويقول آش، كبير خبراء الأسواق الناشئة في صندوق "بلوباي آست منجمنت" في لندن، إن تعنت السعودية والإمارات وضع الاستثمار في منطقة الخليج في دائرة "الخط الأحمر".
ويرى في تحليل بنشرة "سيتي أى آم"، أمس، أن التعنت "يؤكد لنا أن منطقة الخليج باتت غير مستقرة، وأن الاستثمار فيها بات مسموماً". ويقول إن هذا التعنت يعني أن الأزمة ربما تستمر لأسابيع أو حتى لشهور.
ويشير آش في تحليله إلى أن دعم تركيا لقطر كان مهماً في دحر مخطط دول الحصار، متوقعاً أن تلجأ السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى مزيد من الحظر ضد الدوحة، ولكنه يقول إن ذلك لن يؤثر على قطر التي لديها مركز مالي قوي يمكّنها من الاستمرار في خططها الاقتصادية.
ورغم أن قطر ستتكبد بعض الخسائر بسبب تغيير خطوط الشحن والطيران والتعاقد مع شركاء تجاريين جدد، لكن العديد من خبراء المال يرون أن تداعيات أزمة الحصار الكبرى ستقع على عاتق السعودية ودبي، وليس على قطر، التي خططت جيداً للتعامل مع الحصار وأوجدت البدائل السريعة.
وحسب خبراء، من المتوقع أن تضع الأزمة كلا من الاقتصادين السعودي والإماراتي في ورطة حقيقية، إذا استمرت لفترة طويلة، فعلى صعيد السعودية التي تواجه صعوبات مالية وتعاني من تآكل رصيدها من الاحتياطات المالية يلخص خبراء تداعيات الحصار على الاقتصاد السعودي في أربع نقاط رئيسية هي:
أولاً: تداعيات الأزمة على خطط تنويع الاقتصاد وإبطاء عجلة نمو القطاع الخاص الذي تعتمد عليه السعودية في "خطة 2030" الرامية إلى بناء "اقتصاد غير نفطي". ويرى صندوق النقد الدولي في توقعاته لنمو اقتصاديات دول العالم، الصادر قبل يومين، أن الاقتصاد السعودي سينمو بنسبة 0.1% فقط في العام الجاري 2017، مقابل 0.3% في توقعاته لشهر نيسان/إبريل الماضي. وهذه أدنى نسبة نمو في السعودية منذ العام 2009، عندما سجل الاقتصاد انكماشاً قدره 2%.
ويقول كريسبن هاوز، المدير التنفيذي في شركة "تينكو انتليجنس": "إذا لم يحدث إصلاح حقيقي لأسس الاقتصاد السعودي، فسيكون من الصعب على السعودية خلق الوظائف التي تحتاجها لمواطنيها".
بدوره، يرى مصرف "سامبا" السعودي في رؤيته لاقتصاد السعودية بين 2017 و2020، أن النشاط الاقتصادي في المملكة سيظل ضعيفاً بسبب خفض الدعم الحكومي، متوقعاً أن ينكمش نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية حتى العام 2020، بنسبة واحد في المائة، وهو ما يدل على أن خطة تنويع مصادر الدخل التي تعكف المملكة على تنفيذها ستكون لها تداعيات سلبية على صعيد النمو الاقتصادي العام، وحتى على صعيد نمو الاقتصاد غير النفطي الذي تسعى إلى تنفيذ خططه خلال الأعوام المقبلة. وتوقع المصرف السعودي أن يتواصل العجز في الميزانيات السعودية على المدى المتوسط.
والمدى المتوسط في الحسابات المالية يعني فترة تمتد بين خمس وعشر سنوات. وهو ما سيعني اضطرار السعودية إلى الاستدانة داخلياً وخارجياً للحصول على تمويل العجز. وما دام هذا الحصار مستمرا فيرى محللون أن سعر الاقتراض سيكون مرتفعاً بالنسبة للسعودية، وبالتالي ستعود الديون إلى التراكم وتزداد المخاطر الاقتصادية وتداعياتها على الاستقرار الاقتصادي في بلد يعاني من نسبة بطالة مرتفعة وسط الشباب وخريجي الجامعات.
وكانت السعودية قد اقترضت، أمس، 51 مليار ريال (13.6 مليار دولار) من السوق المحلية، عبر صكوك حكومية يتم طرحها لأول مرة بالريال.
كما أن نجاح خطة طرح 5% من أسهم شركة "أرامكو" في أسواق المال العالمية، بحسب خبراء في نشرة "أويل برايس"، مرتبطة بضرورة تحقق سعر معقول لأسهمها، والذي يعني ضرورة ارتفاع سعر برميل النفط في السوق العالمية، كما يحتاج إلى شفافية ونتائج مدققة ومعلنة من قبل الشركة النفطية التي تخضع لسيطرة الحكومة السعودية. وهذه العوامل لا تملكها الرياض في الوقت الراهن، وربما لن تكون متوفرة في العام المقبل 2018.
ويقول خبراء لصحيفة "ديلي تلغراف": حتى الآن، يطرح اكتتاب أرامكو الكثير من التساؤلات في أسواق المال العالمية، ويتلقون القليل من الإجابات، فهنالك تساؤلات بشأن حجم الاحتياطي النفطي الحقيقي للسعودية، حيث ظلت وزارة البترول تعلن عن رقم واحد للاحتياطي النفطي السعودي طوال العقود الماضية، وهو 261 مليار برميل.
وهذا الرقم يثير الكثير من الشكوك في أوساط المال العالمية، ويقول خبراء في لندن، إن أسواق المال تحتاج إلى التحقق من حجم الاحتياطي الحقيقي لشركة أرامكو. كما أن أسواق المال تطالب الحكومة السعودية بخفض الضريبة التي تأخذها على مبيعات نفط أرامكو والبالغة حالياً 85%. وهذه النسبة مرتفعة جداً، وتجعل المستثمر في شركة أرامكو غير متيقن من تحقيق أرباح.
اقــرأ أيضاً
وتلجأ السعودية الآن إلى مزيد من خفض الإنتاج النفطي، ولكنه خفض يرى محللون أنه سيصب في مصلحة صناعة النفط الصخري الأميركي ودول مثل العراق وليبيا وإيران، وسيكون على حساب حصتها النفطية في السوق العالمية. وكانت المملكة قد تعهدت، أمس، بخفض صادراتها النفطية، خلال الشهر الجاري، التزاما بما تم الاتفاق عليه في اجتماع كبار المنتجين الأخير، يوم 25 مايو الماضي.
كذلك سيضرب الحصار خطط السعودية الخاصة بجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن ثمة دخول سوق المال السعودي في سجلات الأسواق الناشئة.
أما بخصوص إمارة دبي التي تعتمد على الاستثمار الأجنبي، فتشير سجلات محاكم دبي إلى إفلاس العديد من الشركات العقارية، كما أن الإيجارات تشهد هبوطاً كبيراً، حسب ما نشرت "أرابيان بيزنس" الأسبوع الماضي. وهناك مخاوف جدية قد تضر إمارة دبي من جراء سياسة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، المتحمس لمزيد من الإجراءات ضد قطر.
وكان تعنت دول الحصار ورفضها الحوار بشأن الأزمة الخليجية قد دفع إلى زيادة شكوك خبراء المال الدوليين حول مستقبل الاستقرار المالي العالمي، وبالتالي مستقبل الاستثمار في منطقة الخليج.
ولا يجد خبراء أسواق المال، تفسيراً منطقياً لهذا التعنت الذي تبديه دول الحصار ضد قطر، سوى أن الأزمة برمّتها لا تعدو أن تكون "لعبة نفوذ" يمارسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مدفوعاً بخطط محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، من دون اكتراث للتداعيات السالبة على المنطقة بأكملها.
ووصف تيموثي آش، كبير خبراء الأسواق الناشئة في لندن، أزمة الخليج بأنها "لعبة قوة"، يرغب من خلالها ولي العهد السعودي فرض نفوذه على دول الخليج.
ويقول آش، كبير خبراء الأسواق الناشئة في صندوق "بلوباي آست منجمنت" في لندن، إن تعنت السعودية والإمارات وضع الاستثمار في منطقة الخليج في دائرة "الخط الأحمر".
ويرى في تحليل بنشرة "سيتي أى آم"، أمس، أن التعنت "يؤكد لنا أن منطقة الخليج باتت غير مستقرة، وأن الاستثمار فيها بات مسموماً". ويقول إن هذا التعنت يعني أن الأزمة ربما تستمر لأسابيع أو حتى لشهور.
ويشير آش في تحليله إلى أن دعم تركيا لقطر كان مهماً في دحر مخطط دول الحصار، متوقعاً أن تلجأ السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى مزيد من الحظر ضد الدوحة، ولكنه يقول إن ذلك لن يؤثر على قطر التي لديها مركز مالي قوي يمكّنها من الاستمرار في خططها الاقتصادية.
ورغم أن قطر ستتكبد بعض الخسائر بسبب تغيير خطوط الشحن والطيران والتعاقد مع شركاء تجاريين جدد، لكن العديد من خبراء المال يرون أن تداعيات أزمة الحصار الكبرى ستقع على عاتق السعودية ودبي، وليس على قطر، التي خططت جيداً للتعامل مع الحصار وأوجدت البدائل السريعة.
وحسب خبراء، من المتوقع أن تضع الأزمة كلا من الاقتصادين السعودي والإماراتي في ورطة حقيقية، إذا استمرت لفترة طويلة، فعلى صعيد السعودية التي تواجه صعوبات مالية وتعاني من تآكل رصيدها من الاحتياطات المالية يلخص خبراء تداعيات الحصار على الاقتصاد السعودي في أربع نقاط رئيسية هي:
أولاً: تداعيات الأزمة على خطط تنويع الاقتصاد وإبطاء عجلة نمو القطاع الخاص الذي تعتمد عليه السعودية في "خطة 2030" الرامية إلى بناء "اقتصاد غير نفطي". ويرى صندوق النقد الدولي في توقعاته لنمو اقتصاديات دول العالم، الصادر قبل يومين، أن الاقتصاد السعودي سينمو بنسبة 0.1% فقط في العام الجاري 2017، مقابل 0.3% في توقعاته لشهر نيسان/إبريل الماضي. وهذه أدنى نسبة نمو في السعودية منذ العام 2009، عندما سجل الاقتصاد انكماشاً قدره 2%.
ويقول كريسبن هاوز، المدير التنفيذي في شركة "تينكو انتليجنس": "إذا لم يحدث إصلاح حقيقي لأسس الاقتصاد السعودي، فسيكون من الصعب على السعودية خلق الوظائف التي تحتاجها لمواطنيها".
بدوره، يرى مصرف "سامبا" السعودي في رؤيته لاقتصاد السعودية بين 2017 و2020، أن النشاط الاقتصادي في المملكة سيظل ضعيفاً بسبب خفض الدعم الحكومي، متوقعاً أن ينكمش نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية حتى العام 2020، بنسبة واحد في المائة، وهو ما يدل على أن خطة تنويع مصادر الدخل التي تعكف المملكة على تنفيذها ستكون لها تداعيات سلبية على صعيد النمو الاقتصادي العام، وحتى على صعيد نمو الاقتصاد غير النفطي الذي تسعى إلى تنفيذ خططه خلال الأعوام المقبلة. وتوقع المصرف السعودي أن يتواصل العجز في الميزانيات السعودية على المدى المتوسط.
والمدى المتوسط في الحسابات المالية يعني فترة تمتد بين خمس وعشر سنوات. وهو ما سيعني اضطرار السعودية إلى الاستدانة داخلياً وخارجياً للحصول على تمويل العجز. وما دام هذا الحصار مستمرا فيرى محللون أن سعر الاقتراض سيكون مرتفعاً بالنسبة للسعودية، وبالتالي ستعود الديون إلى التراكم وتزداد المخاطر الاقتصادية وتداعياتها على الاستقرار الاقتصادي في بلد يعاني من نسبة بطالة مرتفعة وسط الشباب وخريجي الجامعات.
وكانت السعودية قد اقترضت، أمس، 51 مليار ريال (13.6 مليار دولار) من السوق المحلية، عبر صكوك حكومية يتم طرحها لأول مرة بالريال.
كما أن نجاح خطة طرح 5% من أسهم شركة "أرامكو" في أسواق المال العالمية، بحسب خبراء في نشرة "أويل برايس"، مرتبطة بضرورة تحقق سعر معقول لأسهمها، والذي يعني ضرورة ارتفاع سعر برميل النفط في السوق العالمية، كما يحتاج إلى شفافية ونتائج مدققة ومعلنة من قبل الشركة النفطية التي تخضع لسيطرة الحكومة السعودية. وهذه العوامل لا تملكها الرياض في الوقت الراهن، وربما لن تكون متوفرة في العام المقبل 2018.
ويقول خبراء لصحيفة "ديلي تلغراف": حتى الآن، يطرح اكتتاب أرامكو الكثير من التساؤلات في أسواق المال العالمية، ويتلقون القليل من الإجابات، فهنالك تساؤلات بشأن حجم الاحتياطي النفطي الحقيقي للسعودية، حيث ظلت وزارة البترول تعلن عن رقم واحد للاحتياطي النفطي السعودي طوال العقود الماضية، وهو 261 مليار برميل.
وهذا الرقم يثير الكثير من الشكوك في أوساط المال العالمية، ويقول خبراء في لندن، إن أسواق المال تحتاج إلى التحقق من حجم الاحتياطي الحقيقي لشركة أرامكو. كما أن أسواق المال تطالب الحكومة السعودية بخفض الضريبة التي تأخذها على مبيعات نفط أرامكو والبالغة حالياً 85%. وهذه النسبة مرتفعة جداً، وتجعل المستثمر في شركة أرامكو غير متيقن من تحقيق أرباح.