19 ابريل 2021
خبرة ثمينة تحتذى
كان حافظ الأسد ينصح من يواجهون التطرّف الأصولي باعتماد النهج الذي طبّقه في حماة وحلب في ثمانينات القرن الماضي، وملخصه إذا أردت القضاء على ثورة أو تمرد، فاقتل أكبر عدد من المدنيين من دون تمييز. وكان يكرّر: حين تمرّد عام 1982 في حماة قرابة مائة وعشرين "أزعر"، قتلنا ستة وأربعين ألف حموي، ومحونا المدينة القديمة وبعض الحديثة عن وجه الأرض، وأبرزنا أخبار القتل وصوره، لردع السوريين لمائتي عام مقبلة، ليس عن التمرّد والثورة، بل عن الاهتمام باي شأن عام.
قديما، كان في دول أوروبية حكام تبنوا شعارا يقول: لا ينفع ضد الديمقراطيين غير العسكر. ونحن في سورية نقول: ليس للإسلاميين غير الصواريخ والقنابل، الطائرات والدبابات والمدافع، كما فعلنا مثلا في حلب، حيث قتل مسلحون أحد جنودنا يوم عيد الفطر، فأمرنا بإنزال مائة شخص من سكان البنايات المجاورة لموقع الاغتيال، وإطلاق النار عليهم. حين تبين أن العدد لم يبلغ المائة، ذهب رجالنا إلى شارع مجاور وأكملوا العدد، وصفينا الجميع. بهذه السياسة، قضينا ليس فقط على الإسلاميين، وإنما أيضا على أي شخص أو طرف تسوّل له نفسه معارضة الأمر القائم، ولو بالكلام.
على من يواجه تحديا داخليا تطبيق قدر لا يرحم من العنف، واستخدام قواته المسلحة وأجهزته السرية والضرب على رأس الشعب بيد من حديد. وعليه إغلاق أذنيه كي لا يسمع أنين الضحايا، وما يقال عن دور الأزمات الاجتماعية والاستبداد السياسي في تحريض الاحتجاج الشعبي ومطالبه العادلة. من يخرج على النظام لا يمكن أن يكون غير متآمر مرتبط بأعداء وطنه، لا يجوز إضاعة الوقت في محاكمته. بالمناسبة، إذا كان الذي يقتل شخصا يُحكم بالإعدام، فهل يجوز أن يُحجم حاكم عن إبادة من يريد قتل وطنه؟
كرّر النظام الأسدي هذا الخطاب طوال الفترة التالية لتدمير مدينة حماة بسكانها عام 1982، والثورة عام 2011، وأكدت مخابراته في أثنائها خلو سورية من تنظيمات التطرّف والأصولية، بفضل "وصفة" "عظيم الأمة وأبو الشعب، الرئيس القائد حافظ الأسد"، التي طبقها في سورية، وساعد بلدانا عربية على تطبيقها ضد المعارضة الداخلية.
ومع أن كثيرين انتقدوا معالجة المشكلات والأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بوسائل أمنية وحربية، تدور جميعها حول العنف بديلا للسياسة وحسن التدبير، فإن الأسدية رفضت دوما الصلة بين التطرّف العقدي ووجود مشكلات تتصل بالمجال السياسي، وخصوصا السلطوي منه، وأصرت على كفاية القمع والعنف عند التصدّي لأية مشكلات، وعلى رفض القيام بإصلاحات، بحجة أنها تضعف النظام بينما المطلوب تقويته. بعد هبّة الحرية عام 2011، أصر بشار الأسد على ملاقاتها بأعظم قدر من العنف، تملكه أجهزة دولته العميقة وجيشه، واتهم شعبه الذي طالما أكد أنه موال له، بالإرهاب، بمجرد أن طالب بما وعده نظامه بتحقيقه نصف قرن: الحرية والعدالة والمساواة، وبرّر حجم الحل الحربي غير المسبوق الذي طبقه بحجم التمرّد الشعبي، غير المسبوق.
تتعالى اليوم من جديد الإشادة برد الأسدية الحربي على سلمية الحراك الشعبي الذي رفع شعار الحرية، ليس لأن الشعب بحاجة إليها، بل لتغطية طابع تمرّده الإرهابي.
قال الأسد الأب بعد مجزرة حماة أن أحدا لن ينبس ببنة شفة ضد النظام طوال مائتي عام. ثم، وبعد أقل من ثلاثين عاما تمرّد الشعب السوري، وصمد نيّفا وسبعة أعوام ضد حرب أسدية/ إيرانية/ روسية. إلى كم عام سيحتاج المجتمع قبل أن ينفجر ضد من قتل مليون سوري، ليعيد السوريين إلى العبودية من جديد؟
قديما، كان في دول أوروبية حكام تبنوا شعارا يقول: لا ينفع ضد الديمقراطيين غير العسكر. ونحن في سورية نقول: ليس للإسلاميين غير الصواريخ والقنابل، الطائرات والدبابات والمدافع، كما فعلنا مثلا في حلب، حيث قتل مسلحون أحد جنودنا يوم عيد الفطر، فأمرنا بإنزال مائة شخص من سكان البنايات المجاورة لموقع الاغتيال، وإطلاق النار عليهم. حين تبين أن العدد لم يبلغ المائة، ذهب رجالنا إلى شارع مجاور وأكملوا العدد، وصفينا الجميع. بهذه السياسة، قضينا ليس فقط على الإسلاميين، وإنما أيضا على أي شخص أو طرف تسوّل له نفسه معارضة الأمر القائم، ولو بالكلام.
على من يواجه تحديا داخليا تطبيق قدر لا يرحم من العنف، واستخدام قواته المسلحة وأجهزته السرية والضرب على رأس الشعب بيد من حديد. وعليه إغلاق أذنيه كي لا يسمع أنين الضحايا، وما يقال عن دور الأزمات الاجتماعية والاستبداد السياسي في تحريض الاحتجاج الشعبي ومطالبه العادلة. من يخرج على النظام لا يمكن أن يكون غير متآمر مرتبط بأعداء وطنه، لا يجوز إضاعة الوقت في محاكمته. بالمناسبة، إذا كان الذي يقتل شخصا يُحكم بالإعدام، فهل يجوز أن يُحجم حاكم عن إبادة من يريد قتل وطنه؟
كرّر النظام الأسدي هذا الخطاب طوال الفترة التالية لتدمير مدينة حماة بسكانها عام 1982، والثورة عام 2011، وأكدت مخابراته في أثنائها خلو سورية من تنظيمات التطرّف والأصولية، بفضل "وصفة" "عظيم الأمة وأبو الشعب، الرئيس القائد حافظ الأسد"، التي طبقها في سورية، وساعد بلدانا عربية على تطبيقها ضد المعارضة الداخلية.
ومع أن كثيرين انتقدوا معالجة المشكلات والأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بوسائل أمنية وحربية، تدور جميعها حول العنف بديلا للسياسة وحسن التدبير، فإن الأسدية رفضت دوما الصلة بين التطرّف العقدي ووجود مشكلات تتصل بالمجال السياسي، وخصوصا السلطوي منه، وأصرت على كفاية القمع والعنف عند التصدّي لأية مشكلات، وعلى رفض القيام بإصلاحات، بحجة أنها تضعف النظام بينما المطلوب تقويته. بعد هبّة الحرية عام 2011، أصر بشار الأسد على ملاقاتها بأعظم قدر من العنف، تملكه أجهزة دولته العميقة وجيشه، واتهم شعبه الذي طالما أكد أنه موال له، بالإرهاب، بمجرد أن طالب بما وعده نظامه بتحقيقه نصف قرن: الحرية والعدالة والمساواة، وبرّر حجم الحل الحربي غير المسبوق الذي طبقه بحجم التمرّد الشعبي، غير المسبوق.
تتعالى اليوم من جديد الإشادة برد الأسدية الحربي على سلمية الحراك الشعبي الذي رفع شعار الحرية، ليس لأن الشعب بحاجة إليها، بل لتغطية طابع تمرّده الإرهابي.
قال الأسد الأب بعد مجزرة حماة أن أحدا لن ينبس ببنة شفة ضد النظام طوال مائتي عام. ثم، وبعد أقل من ثلاثين عاما تمرّد الشعب السوري، وصمد نيّفا وسبعة أعوام ضد حرب أسدية/ إيرانية/ روسية. إلى كم عام سيحتاج المجتمع قبل أن ينفجر ضد من قتل مليون سوري، ليعيد السوريين إلى العبودية من جديد؟