استنكر علماء بالأزهر الشريف، بيان شيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي رفض فيه مشاركة جبهة علماء الأزهر في إحياء ذكرى مذبحة رابعة العدوية، واصفين مواقف الطيب بـ"محاولة تملق السلطات الحاكمة في البلاد.
وقال مصدر مسؤول بمشيخة الأزهر بمصر: "إن بيان شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الذي أصدره منذ أيام، والذي يرفض فيه مشاركة "جبهة علماء الأزهر" في إحياء ذكرى أكبر مذبحة حدثت في تاريخ مصر يوم 14 أغسطس من عام 2013، والتي أودت بحياة المئات من المصريين، والمعروفة بمذبحة رابعة العدوية، محاولة لتملق النظام، خوفا من الإطاحة به، بعد قرار السيسي بتشريع قانون يحق له بواسطته إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، والتي من بينها منصب شيخ الأزهر"، مشيرا إلى وجود "حالة من الغليان داخل المشيخة".
وأضاف، في تصريحات خاصة "للعربي الجديد" أن: "علماء الأزهر في حالة سخط عام من بيانات الطيب المتكررة، التي تخدم النظام فقط، دون أية معايير دينية"، واصفا إياها بأنها "غير مدروسة"، بخاصة بعد وصفه مظاهرات يوم 14 أغسطس الجاري بأنها "حرام شرعا" وأن أي دعوات ضد النظام هي دعوات هدامة، تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، مؤكدا أن: "الطيب أول شيخ أزهر قام بإقحام الأزهر في السياسة".
وأوضح: "إن على الأزهر أن يمارس دورا وطنيا، وليس مطالبا بأداء أي أدوار سياسية" وعليه أن يقدم المشورة، دون تدخل لحساب طرف ضد طرف آخر، ولا يجوز أن يطوع الدين لخدمة السياسة لأنهم لا يحملون مهارات العلوم السياسية، ولا يجوز أن يصطنع العالم حكما شرعيا ليرضي به أصحاب السياسة، ولكن إذا طلب من العلماء رأي شرعي، يجوز لهم أن يبحثوا من صميم الدين على ما يتوافق مع الوضع القائم في المجتمع، لا أن يختلق حكما من خارج الدين، وكان يجب على الأزهر أن يعترف أن ما حدث في رابعة من مذبحة بشرية يُعد جريمة في حق الإنسانية المصرية".
وأشار إلى أن كثيرا من علماء الدين لهم رأي مخالف لما حدث من مجزرة بشرية في "رابعة العدوية"، وهناك كثير منهم لا يريد الجهر بذلك خوفا من الزج بهم في غياهب السجون، بخاصة أن كثيرا منهم في سن متقدم، ويخشى أن يموت داخل السجون، مشيراً إلى أن عددا منهم سوف يشارك في مظاهرات تندد بما حدث.
اقرأ أيضاً عصام تليمة: شيخ الأزهر بلا رصيد علمي
المشيخة والرئاسة
فيما أكد مصدر آخر بمشيخة الأزهر أن: "هناك خلافا شديدا بين مؤسسة الرئاسة ومشيخة الأزهر، ووضح ذلك جليا في افتتاح قناة السويس بوضع شيخ الأزهر في الصف الرابع من الضيوف، رغم أنه بروتوكوليا يجب أن يكون مكانه في مثل تلك اللقاءات بالصف الثاني، بجوار رئيس الحكومة، لكون منصبه يوازي منصب الأخير".
وقال المصدر: "إن الرئاسة ترى أن شيخ الازهر غير قادر على القيام بما كلفته به بتجديد الخطاب الديني، والفتاوى التي يجب أن تواكب العصر الحديث، وإحداث ثورة شاملة في الكتب الدينية بالمدارس والجامعات".
وأضاف المصدر أن: "تحركات المشيخة تجاه عدد من القضايا بخاصة "الإرهاب" لا ترضي الرئاسة، وأيضا طلب الرئاسة التخلص من المشايخ المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين"، ومحاسبة بعضهم على انتماءاتهم السياسية، على عكس ما قامت به وزارة الأوقاف بشأن تقليص من لهم انتماءات سياسية داخل الوزارة وفي المساجد، وهو ما زاد من أسهم وزير الأوقاف محمد مختار جمعة".
اقرأ أيضاً: علماء دين يرفضون أحكام الإعدام بمصر ويدعون لإسقاط الانقلاب
بيان الجبهة
وكانت "جبهة علماء الأزهر" قد رفضت بيان شيخ الأزهر، ودعت عموم المصريين لإحياء الذكرى الثانية لفض اعتصام ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، الذي يوافق يوم 14 أغسطس/ آب الجاري، وقالت الجبهة في بيان أصدرته من قبل: " ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻭﺍﻧﻔﺮﻭﺍ، ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺗﻨﻈﺮﻭﻥ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺗﺆﻣﻠﻮﻥ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺰﻓﺖ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﺳﺘﺒﻴﺤﺖ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﻡ ﻭﺍﺳﺘﺮﺧﺼﺖ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻧﺘﻬﻜﺖ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﻭﺳﺮﻗﺖ ﺍلإﺭﺍﺩﺓ ﻭﻛﺬﺏ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻭﺗﺤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺗﺤﺮﻳﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﻴﻦ، ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻄﻖ ﻓﻴﻜﻢ ﺍﻟﺮﻭﻳﺒﻀﺔ، ﻭﺳﻴﻖ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ، ﻭﻃﻮﺭﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﻛﻞ ﻣُﻄﺮَّﺩ ﻭﺧُﻮِّﻥ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﺍؤﺘﻤﻦ ﺍﻟﺨﺎﺋﻦ، ﻭﺻﺎﺭ ﻓﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ، ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻓﻠﻦ ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍ ﻧﻤﻼ. ﻓﺎﻟﻨﻤﻞ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ ﻧﺼﻴﺤﺘﻬﺎ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﺤﻮﺭ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺤﻄﻤﻬﺎ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻐﺎﺭﻳﻦ".
وتابع البيان: "ﻓﻠﻴﺨﺮﺝ ﻛﻞ ﻗﺎﺩﺭ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺻﻮﺗﻪ، ﻭﻟﻴﺒﺮﺉ ﺫﻣﺘﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻋﺬﺭﺍً ﻣﻦ مخذل ﺃﻭ ﻣﺘﺨﺎﺫﻝ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ، ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻟﺘﻌﺬﺭﻭﺍ ﺃﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﻟﺘﻌﺬﺭﻭﺍ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺸﺮﻓﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺛﻢ ﻟﺘﻌﺬﺭﻭﺍ ﺛﺎﻟﺜﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻐﻔﻞ ﻭﻻ ﻳﺘﻐﺎﻓﻞ، ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﺔ ﺍﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ، ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻓﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﺤﻮﺭ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺋﺰ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻨﻤﻞ.
ودللت الجبهة على دعوتها من القرآن والسنة، قائلة: "ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻭﺍﻧﻔﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻢ، ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﺑﻪ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ "ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻣﺘﻲ ﺗﻬﺎﺏ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ ﻳﺎ ﻇﺎﻟﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﻮُﺩِّﻉ ﻣﻨﻬﻢ" ﺍﻧﻔﺮﻭﺍ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﻮﻗﻨﻮﻥ ﺑﺼﺪﻕ ﻣﻮﻋﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻢ ﺑﺄﻧﻪ "ﺳﻴﻬﺰﻡ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻭﻳﻮﻟﻮﻥ ﺍﻟﺪﺑﺮ" ﺍﻧﻔﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﻜﻢ "ﺍﺩﺧﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﺈﺫﺍ ﺩﺧﻠﺘﻤﻮﻩ ﻓﺈﻧﻜﻢ ﻏﺎﻟﺒﻮﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﻮﻛﻠﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ"، ﺍﻧﻔﺮﻭﺍ ﻭﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻠﻌﻨﻜﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ".
اقرأ أيضا: وزير الأوقاف المصري عضو في "جبهة" وصفها بالإرهابية