تجتمع نحو 20 دولة وهيئة دولية يوم السبت المقبل في العاصمة النمساوية، فيينا، في محاولة لدفع خطة سلام في سورية تبدأ باتفاق لوقف إطلاق النار بين النظام السوري وبعض الجماعات المعارضة.
اقرأ أيضاً: فيينا3 السبت: صراع جدولَي أعمال لترجمة خسائر النظام سياسياً
غير أن الأطراف الدولية، وإن اتفقت على ضرورة وقف إطلاق النار كخطوة أولى في العملية السياسية، تبدو متباينة في التوصل لاتفاق يضع قائمة بالجماعات الإرهابية التي تنشط في سورية.
وقال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، إن الأطراف الدولية المدعوة إلى اجتماع فيينا تعكف حالياً على وضع لائحة بالجماعات "الإرهابية" التي لن يكون لها مقعد على طاولة المفاوضات مع النظام السوري، بل ستكون هدفاً عسكرياً للتحالف الدولي، محذراً من أن بعض الدول قد تضطر إلى التخلي عن دعم حلفائها على الأرض. وتوقع الكثير من "المساومات" بين الأطراف الدولية حتى يتم وضع اللائحة التي تميز بين "جماعات إرهابية" يجب قطع كل الصلات معها، من جهة، وبين "معارضة معتدلة" يجب القبول بها في البحث عن حل سياسي للأزمة السورية، من جهة ثانية.
وتضع إيران، على لسان وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، تحديد ماهية المجموعات الإرهابية كمدخل أساسي لمواصلة العمل على طريق الخروج بتسوية سياسية للأزمة السورية، بينما يرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ذلك "خطوة للأمام" على طريق الحل السياسي.
وتشير التقديرات إلى أن أول الخلافات حول قائمة المنظمات الإرهابية سيكون مع السعودية، إذ من المرجح أن تتضمّن القائمة تنظيم "أنصار الشام" الذي تموله وتدعمه الرياض منذ سنوات. كما أن هناك إصراراً تركياً على إدراج "وحدات الحماية الكردية" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وهو التصنيف الذي لا توافق عليه الولايات المتحدة وروسيا اللتان توفران دعماً لوجستياً للتنظيم الذي يُعد الخصم الأشد لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الشمال السوري. كذلك يُمكن أن يتم إدراج وحدات من "الجيش السوري الحر" الذي تدعمه واشنطن في قائمة الإرهاب، وتحديداً الفصائل التي تقاتل في محيط مدينتي حماه وإدلب بسبب ارتباطها بتنظيم "القاعدة".
وتخشى بعض الأطراف المعنية بالوضع الميداني في سورية أن تُؤدي "القائمة السوداء" إلى قلب التوازنات والتموضعات في ميدان المواجهات في سورية، بحيث تتحول بعص الفصائل الحليفة لأنظمة إقليمية الى جماعات إرهابية، في مقابل انضمام جماعات أقل أهمية إلى قائمة الحاضرين على طاولة المباحثات الخاصة بتحديد مستقبل سورية.
وفي محاولة للقفز عن التباينات بين الأطراف الدولية والإقليمية في تعريف "الإرهاب"، سبق لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الدعوة إلى "الاتفاق على تعريف جديد موحد للإرهاب في سورية حصرياً ينص على التالي: نعلن وقفاً لإطلاق النار في سورية، وأي طرف لا يلتزم به يتم تصنيفه في خانة الإرهاب والتعامل معه من هذا المنطلق". وهو الاقتراح الذي رفضته السعودية وتركيا وقطر، وطرحت بديلاً عنه خارطة طريق تبدأ برحيل رئيس النظام بشار الأسد أولاً، ثم الشروع في تطبيق المرحلة الانتقالية، فإعلان الحرب على تنظيم "داعش"، ومَن "لا يلتزم بالحرب ضدّ الإرهاب و(داعش) يكون إرهابياً بالفعل".
وبين تباين مواقف القوى العالمية والأطراف الإقليمية من تعريف الإرهاب، وأولوية محاربة التنظيمات الإرهابية على أجندة التسوية السياسية، لا يرجح المراقبون نجاح اجتماع فيينا المقبل في ردم الفجوة بين المعسكرين (الروسي – الإيراني) الداعم لنظام الأسد، والذي يشترط وضع تعريف محدد للإرهاب والشروع فعلياً في محاربة التنظيمات الإرهابية كخطوة أولى نحو الحلّ السياسي، والمعسكر (السعودي التركي القطري) الداعم للمعارضة السورية والمُصر على رحيل الأسد. وتتأرجح واشنطن بين المعسكرين في محاولة لإمساك العصا من المنتصف، فهي لا تصر على شرط الرحيل الفوري للأسد، ولا تبدي جدية في محاربة الإرهاب وعلى رأسه "داعش".
وفي الواقع، فإنّ واشنطن على الرغم من تكرار دعواتها إلى تنحّي الأسد منذ اندلاع الحرب في سورية، لم تفعل شيئاً لتحقيق ذلك، لأنها تريد أن تتجنّب الفوضى التي عمّت في كل من العراق عام 2003، وليبيا عام 2011، بعد إسقاط صدام حسين ومعمر القذافي. هذا الارتباك في الإدارة الأميركية نتيجة التحولات العسكرية والميدانية في سورية، دفع واشنطن إلى قيادة عملية دبلوماسية معقدة بحثاً عن حل للنزاع السوري، وإنقاذ ماء الوجه، بالإعلان الخجول للرئيس الأميركي باراك أوباما في 30 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، عن إرسال مجموعة محدودة، دون 50 جندياً من القوات الخاصة، إلى شمال سورية، لتقديم الدعم والتدريب لفصائل المعارضة السورية المعتدلة، والاستعداد للمشاركة بشكل مباشر في المواجهة المقبلة مع مقاتلي "داعش".
اقرأ أيضاً: السعودية تطرح مشروع قرار لإدانة التدخل الإيراني والروسي بسورية