عاش الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو (1931 – 2017) حياته بين ثلاث نقاط؛ برشلونة مسقط رأسه، وباريس ومراكش. في المدينة المغربية رحل اليوم عن 86 عاماً بعد شهور من تدهور حالته الصحية.
تغطّي السنوات الأخيرة من حياة الكاتب الإسباني على مسيرة عرفت الكثير من التقلبات والأحداث، إذ إنه خلال العقد الأخير سُلطت عليه الأضواء في موطنه بفضل إحرازه العديد من الجوائز، مثل "الجائزة الوطنية للآداب الإسبانية" (2008) و"جائزة ثيربانتس" (2014).
كان لرحيل زوجته الكاتبة الفرنسية مونيك لانج في 1996 أثر كبير عليه وهو الذي خصّص لها رواية "ستارة الفن" (2003)، وفيها يربط بين رحيلها ورحيل آخر عاشه في طفولته بوفاة والدته عام 1938 إثر قصف جيش فرانكو لبرشلونة خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
هذه الحادثة جعلته يختار في ما بعد صفوف المعارضة، وضمن حالة التسيّس التي عاشها في شبابه نشر أوّل أعماله "ألعاب الأيادي" (1954)، ولكن سرعان ما جرى تصنيفه من بين الأسماء الممنوعة ما أجبره في 1956 على الانتقال إلى باريس وفيها اشتغل مسؤولاً عن الأدب المكتوب بالإسبانية في دار "غاليمار" للنشر، فكان همزة وصل بين الثقافتين.
في 1968، نشر رواية "علامات هوية" والتي جعلت منه أحد أبرز أسماء الأدب الإسباني الحديث لأسباب تتعلق بابتكار أسلوب أدبي فريد والمواقف السياسية الراديكالية التي تضمّنها العمل. هذا الموقع دعمه غويتيسولو بنشره أعمالاً تنظيرية وتأملية حول الأدب والسياسة والتاريخ أبرزها كتاب "إسبانيا والإسبانيون" (1979).
منذ 1997 استقر في مراكش، وظل يزور باريس وبرشلونة بانتظام. كان غويتيسولو يفتخر بأنه "كاتب إسباني يتكلّم العربية"، وكانت هذه المعرفة رافداً في أعماله السردية حيث تحضر الثقافة العربية بقوة في روايتيه؛ "مقبرة" و"برزخ"، وفي كتاب تاريخي بعنوان "إسبانيا في مواجهة التاريخ"، كما شارك في إنتاج مجموعة من البرامج الوثائقية حول ما تركته الثقافة العربية الإسلامية في إسبانيا.