وبحسب الدراسة التي أعدها السفير السابق عوديد عيران، أحد كبار الباحثين في المركز، فإنه يتوجب العمل على منع اندلاع مواجهة جديدة بسبب تداعياتها الكارثية.
وأوضحت الدراسة، التي نشرت اليوم، أنّ "التفوق النوعي العسكري لإسرائيل لن يحول دون تعرضها لأضرار هائلة نتاج أية حرب مقبلة مع حزب الله"، مبينةً أن "الغالب والمغلوب في هذه الحرب سيواجهان أضراراً هائلة".
ورأت الدراسة أن "ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة أن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح بأن تتواصل الحرب المقبلة مع "حزب الله" لمدة طويلة كما حدث في حرب لبنان الثانية 2006، بسبب الانعكاسات السلبية بالغة الخطورة على العمق المدني الإسرائيلي".
ولفتت إلى أن دور "حزب الله في الأزمة يعد تطوراً بالغ التعقيد"، موضحةً أنّ "كل المؤشرات تدلل على أن هذا الدور سيتعاظم بفعل تعاظم قوة الحزب السياسية".
واعتبرت أنّ تنامي شعور "حزب الله بالثقة، نتاج نجاحه في تثبيت نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتعزيز مكانة إيران الإقليمية ومنحها القدرة على العمل بشكل حر في سورية؛ لا يسهمان في تسهيل مهمة التوصل لتسوية بشأن الخلاف مع لبنان حول الحدود المائية"، حسب الدراسة.
من جهة ثانية، لاحظت الدراسة أنه على الرغم من أن المواجهة الإيرانية السورية الإسرائيلية الأخيرة ليست ذات صلة مباشرة بنزاع الغاز مع لبنان، إلا أن نتائجها ستؤثر سلباً على فرص تسوية هذا النزاع.
وفي هذا الصدد، حثت الدراسة تل أبيب على المبادرة لتشجيع تدخل وساطة أجنبية من أجل التوصل لتسوية مع لبنان تحول دون أن تتسبب الحرب الكلامية بين كل من "حزب الله" ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في اندلاع مواجهة كبيرة.
ورأت أن "الإدارة الأميركية بإمكانها أن تلعب دوراً مركزياً في دفع لبنان إلى طاولة المفاوضات، حتى وإن كانت غير مباشرة، وذلك لضمان عدم انجرار المنطقة إلى حرب صعبة".
وحسب الدراسة، فإن "الإدارة الأميركية التي تدرك خطورة الموقف قامت، أخيراً، بإرسال مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد لكل من لبنان وإسرائيل بهدف التوسط، ونقل الرسائل المتبادلة".
وزعمت الدراسة أن "إسرائيل تعمدت عدم إصدار عطاءات للتنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها مع لبنان، والتي تمتد على مساحة (850 كيلومترا مربعا)، خشية أن يفضي الأمر إلى مواجهة".
ولفت إلى أنه على الرغم من أن القوات الدولية "يونفيل" تعد قناة الاتصال الوحيدة بينها وبين لبنان، إلا أن تل أبيب قررت عدم استخدام هذه القناة، على اعتبار أن التفويض المتعلق بعمل هذه القوات لا يشمل الحدود المائية مع لبنان، مبينةً أن إسرائيل تفضل أن تسهم الأمم المتحدة أيضاً في مهمة التوصل لتسوية مقبولة من الطرفين.
وأعادت الدراسة إلى الأذهان حقيقة أن حكومة بيروت سارعت في صيف 2010 إلى إيداع خارطة توثق حدود مياه لبنان الاقتصادية لدى الأمم المتحدة، وذلك بعيد اتفاق كل من قبرص وإسرائيل على ترسيم المياه الاقتصادية لكل منهما، مشيرة إلى أن لبنان أعلن عام 2011 أن الاتفاق القبرصي الإسرائيلي يتضمن تعدياً على حقوقه في مياهه الاقتصادية.
وحسب الدراسة، فإن "الأمور اتخذت منحى خطيراً عندما حذرت بيروت من أن تطبيق الاتفاق الإسرائيلي القبرصي سيفضي إلى المس بالسلم والأمن الإقليمي".
ووفقاً للدراسة العبرية، فإن "الولايات المتحدة شرعت عملياً منذ فبراير/شباط 2012 بالتوسط بين إسرائيل ولبنان بشأن الخلاف على الحدود المائية حيث تولى الدبلوماسي الأميركي بيرد هوف المسؤولية عن إدارة المفاوضات غير المباشرة". وأشارت إلى أن هوف قدم مشروعاً لحل النزاع قبلته إسرائيل وتجاهله لبنان.
وحسب الدراسة، فإن لبنان أعلن عام 2013 عن خطة لترسيم الحدود المائية، تضمنت تقسيم مياهه الاقتصادية إلى بلوكات، إذ زعمت الدراسة أن بلوك رقم (9) يتجاوز حدود المياه الاقتصادية لإسرائيل.
وذكرت أن "إسرائيل اعترضت على قيام لبنان بإصدار عطاءات للتنقيب عن النفط والغاز في فبراير 2017".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017 أعلنت إسرائيل أنها لن تسمح للشركات الفرنسية والإيطالية والروسية التي تعاقد معها لبنان للقيام بعمليات التنقيب في بلوك (9) على وجه الخصوص، وهو ما دفع لبنان للرد بتأكيد استعداده للدفاع عن حقوقه في مياهها الاقتصادية إذا تطلب الأمر.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قد اتهم أواخر الشهر الماضي الدولة اللبنانية بإصدار عطاءات لاستغلال حقول الغاز في المياه الاقتصادية لإسرائيل، فيما رد "حزب الله" على تلك التصريحات بالتهديد باستهداف حقول الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط في حال التعدي على حقوق لبنان في مياهه الاقتصادية.