أثارت الدعوة التي وجهها عبد الله أوجلان زعيم حزب "العمال" الكردستاني في تركيا، أمس الخميس، إلى حزب "الشعوب الديمقراطي"، لالتزام الحياد في انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول، المقررة الأحد المقبل، تساؤلات عديدة عن توقيتها، وإمكانية تأثيرها في نتائج الانتخابات.
وأفادت وكالة "الأناضول"، أمس الخميس، بأنّ أوجلان قال، في رسالة تُليت أمام الصحافة، إنّ "مفهوم التحالف الديمقراطي، في حزب الشعوب الديمقراطي، يقضي بألا يكون طرفاً أو سنداً في مناقشات الانتخابات الحالية، وأن أهمية التحالف الديمقراطي، تكمن في أنّه لا يشارك في المعضلات، ويصر على موقفه المحايد في الانتخابات".
وأضاف أوجلان، أنّ "المسار القائم على ركائز الإجماع الديمقراطي، والسياسة الحرة، والقانون العالمي، هو البرنامج السياسي الأكثر دقة وإنتاجية".
وأوجلان هو أحد مؤسسي حزب "العمال" الكردستاني (PKK)، الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون تنظيماً "إرهابياً "، ومسجون في تركيا منذ عام 1999.
وقررت الهيئة العليا للانتخابات، الشهر الماضي، إلغاء نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول، والتي جرت في 31 آذار/مارس الماضي، وسط شكوك في صحة نتائجها، بعدما تفوّق فيها مرشح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض عن تحالف الشعب أكرم إمام أوغلو، على منافسه مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عن التحالف الجمهوري بن علي يلدريم، بفارق بسيط جداً وهو أكثر من 13 ألف صوت، في مدينة يبلغ عدد ناخبيها أكثر من 10 ملايين ونصف المليون ناخب.
وقررت الهيئة إعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول، في 23 يونيو حزيران/ الجاري، وسحب وثيقة فوز إمام أوغلو بعد توليه الحكم 18 يوماً فقط.
وبرز خلال الانتخابات الملغاة تصويت الناخبين الأكراد لصالح مرشحي المعارضة في أنقرة وإسطنبول وبورصا وبقية الولايات، فيما صوّت الناخبون الأكراد في جنوب شرق البلاد للأحزاب الكردية، وباستثناء بعض الولايات، خسر حزب "العدالة والتنمية" بعض ناخبيه من الأكراد.
وبعد الكشف عن رسالة أوجلان، أمس الخميس، ظهر الرئيس رجب طيب أردوغان، في حوار مباشر، وسُئل في اللقاء عن توقيت وأهمية الرسالة التي وجهها أوجلان، ودورها في نتائج الانتخابات، مجيباً أنّه يرى الأمر "مجرد صراع قيادة وتصفية حساب، بين حزب الشعوب الديمقراطي والعمال الكردستاني، لا سيما بين أوجلان، وزعيم الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، مع ارتباط قيادة العمال الكردستاني مع الشعوب الديمقراطي"، مضيفاً أنّ "الدعوة ليست سوى لإظهار قوة الحزب، وقوة القيادة التي يطلبها أوجلان".
ونفى أردوغان أن "تكون الدعوة موجهة لدعم حزب العدالة والتنمية، عبر حليفه حزب (الحركة القومية) اليميني، ولهذا فإنّ التحالف الجمهوري الذي يضمهما لا ينتظر أي دعم من أنصار حزب العمال الكردستاني، الذين يدعم قسم منهم حزب الشعب الجمهوري، وقسم منهم يبحث عن طرف ثالث".
وتابع أردوغان "لهذا فإن مرشح العدالة والتنمية لإسطنبول بن علي يلدريم، لم يكن له أي توجهات أو مطالب لكسب أصوات هذه الشريحة".
وحذر الرئيس التركي "الناخبين الأكراد من تعرّضهم لاستثمار العمال الكردستاني الذي يرسل قوائم بأسماء أعضاء برلمانيين لا يفيدون الأكراد بشيء"، كما قال.
واتهم أردوغان البلديات التي ينتخب فيها الأكراد حزب "الشعب الجمهوري"، بأنّها "لم تقدم خدمات، بل عملت على حفر الخنادق ومطالبة الحكم الذاتي"، مشدداً على أنّه "طالب الناخبين من كل الأحزاب بالتصويت للعدالة والتنمية ومنهم الناخبون الأكراد أيضاً".
ولا تخفي تصريحات أردوغان، حرصه على نيل أصوت الناخبين الأكراد الذين كان لهم القول الفصل في الانتخابات التي جرت في 31 آذار/مارس الماضي في إسطنبول وأنقرة.
وعلى أثر تلك النتائج سُمح لأوجلان باللقاء مع محاميه بعد 8 سنوات من العزل والتجريد، واعتبر هذا السماح، من قبل مراقبين، بأنّه مرتبط بسعي "العدالة والتنمية" لكسب أصوات الناخبين الأكراد في انتخابات الإعادة لبلدية إسطنبول، والتي ستجري الأحد المقبل.
كما أنّ حزب "العدالة والتنمية" كثّف خطابه الحاضن للأكراد، في الفترة التي سبقت الانتخابات الملغاة، وما يزال يحاول استمالتهم، وهو ما بدا واضحاً من الزيارات التي أجراها مسؤولو الحزب والوزراء للمدن ذات الغالبية الكردية، لا سيما في شهر رمضان الماضي، الأمر الذي جعل مراقبين يتحدثون عن دور الصوت الكردي في الانتخابات التي تجري الأحد، واحتمال أن يكون حاسماً لصالح مرشح على حساب آخر.