يحلم الطفل السوري حسام الحناوي (13 عاماً) بأن يصير مدرّساً حين يكبر. هذا الحلم كاد أن يكون مستحيلاً، قبل أن يتمكن من الالتحاق بإحدى مدارس مخيم الزعتري للاجئين السوريين الواقع في محافظة المفرق الأردنية (75 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، حيث يقيم وأسرته منذ أكثر من عامين. هو من مدينة درعا السورية.
يحزن لأنه خسر عامين دراسيّين؛ الأول كان في سورية بعدما أغلقت مدرسته أبوابها بسبب القصف، ما اضطره وعائلته إلى الانتقال إلى مدينة أخرى. أما الثاني، فكان في أثناء وجوده في المخيم، وقد تأخر عن الالتحاق بالمدرسة لمحاولة أسرته الخروج منه. يقول: "كان يجب أن أكون في الصف السابع، لكنني اليوم في الخامس". لدى حسام رغبة في مساعدة الأطفال السوريين المحرومين من الدراسة. يعرف أن كثيرين منهم عاجزون عن الالتحاق بالمدارس. "في سورية لم أكن أستطع الذهاب إلى المدرسة. هنا أيضاً لا يذهب عدد كبير من الأطفال إلى المدرسة".
في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري، بدأ العام الدراسي في الأردن. التحق حسام بمدرسته داخل المخيم، بالإضافة إلى نحو 150 ألف لاجئ آخرين. في المقابل، حُرم كثيرون آخرون من استكمال تعليمهم، من بينهم عبدالله حسن (16 عاماً)، الذي يقيم مع والدته وأشقائه الأربعة في العاصمة عمّان. هو فقد والده في سورية. تقول الوالدة إن عبدالله هو الوحيد الذي يعمل ويساعد في مصروف البيت. يعمل في محل لبيع القهوة، ويوصل الطلبات إلى أصحاب السيارات. يساعد في تأمين مصاريف عائلته. علماً أن جمعية خيرية تبرّعت بتسديد بدل إيجار البيت.
أشقاء عبدالله لا يذهبون إلى المدارس. بالنسبة إلى الوالدة، هم في غنى عن أي مصاريف إضافية. تجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تشير إلى وجود 45 ألف طفل سوري لاجئ في الأردن خارج المدارس. ووفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم الأردنية، يوجد 20 ألف طفل سوري على مقاعد الدراسة داخل مخيمات اللجوء، فيما ينتشر 130 ألفاً في المدارس الحكومية في مختلف مناطق المملكة، ما يشكل نحو 12 في المائة من عدد التلاميذ في المدارس.
في السياق، يقول الناطق باسم الوزارة، وليد الجلاد، إن التلاميذ السوريين أعفوا من الأقساط المدرسية، وتمّ تأمين الكتب، بهدف التخفيف عنهم. في الوقت نفسه، يشير إلى الضغط الهائل على الوزارة، التي اضطرت إلى جعل 98 مدرسة في محافظات الشمال، حيث أكثرية اللاجئين، تعتمد النظامين الصباحي والمسائي، فيما تجاوز عدد التلاميذ في الصف الواحد الخمسين، عدا عن التوسّع في بناء مدارس واستئجار مبان وتعيين مدرّسين جدد لسدّ النقص والتخفيف من الاكتظاظ الحاصل الذي يؤثر على العملية التربوية، على حد قوله.
ويلفت الجلاد إلى حاجة التلاميذ السوريين إلى معاملة خاصة في المدارس لتجاوز الآلام النفسية التي يعانون منها نتيجة الحرب التي عايشوها في بلادهم أو خلال رحلة اللجوء. ويشير إلى تدريب المدرّسين على كيفية التعامل مع التلاميذ السوريين، وخصوصاً من الناحية النفسية.
إلى ذلك، تساعد المنظمات الدولية في التخفيف من الأعباء المترتبة على وزارة التربية الأردنية. وتساهم اليونيسف في إنشاء مدارس داخل المخيمات، بحسب مدير الإعلام والاتصال في المنظمة، سمير بدران. يضيف أن في مخيم الزعتري تسع مدارس، بالإضافة إلى مدرسة في مخيم الأزرق، وأخرى في مخيم مريجب الفهود. إلى جانب المساعدة في بناء المدارس، يكشف بدران عن توقيع المنظمة اتفاقية مع الوزارة للمساهمة في توفير الكتب والقرطاسية للتلاميذ السوريين، فيما وقّع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية للمساهمة في دفع رواتب المدرّسين المعينين من أجل تدريس التلاميذ السوريين.
يضيف بدران أن جهود اليونيسف حالياً تتركز على إيجاد حلول لظاهرة تسرّب الأطفال السوريين من المدارس، الناتج عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وخصوصاً بعد تخفيض المساعدات. أيضاً، تسعى المنظمة إلى تحسين البيئة التعليمية في المدارس الموجودة في المخيمات، وفتح مدارس خلال الفترة المسائية لتشجيع الأطفال المنخرطين في سوق العمل على الدراسة.
وكان وزير التربية والتعليم الأردني، محمد الذنيبات، قد أعلن أن كلفة استضافة التلاميذ السوريين في المدارس بلغت 650 مليون دولار أميركي، منتقداً ضعف المساعدات الدولية.
اقرأ أيضاً: مستقبل التلاميذ اللاجئين في الأردن مهدّد