عند البحث عن فرصة عمل، ثمّة معايير كثيرة تؤخذ في الاعتبار فيُرفض أشخاص ويُقبَل آخرون. وكيف إذا كان الأمر يتعلّق بلاجئين أو مهاجرين! في هولندا، هذه هي الحال
تُظهر أرقام المكتب المركزي للإحصاء في هولندا اعتماد نسبة كبيرة من اللاجئين والمقيمين الجدد في البلاد على المساعدات الاجتماعية، وتدنّي نسبة الذين حصلوا من بينهم على عمل إلى حدود 11 في المائة، في حين تحاول مؤسسات وبرامج حكومية وتجارية وضع خطط توسّع، انطلاقاً من مشاركة المقيمين الجدد، الماكينة الاقتصادية للبلاد.
تفيد البيانات التي رصدت انخراط الحاصلين على تصريح إقامة في هولندا خلال عام 2014 في سوق العمل واستقلالهم اقتصادياً بعد عامَين ونصف العام من وصولهم إلى البلاد، بأنّ 10 في المائة من السوريين تمكّنوا من اجتياز امتحان اللغة والاندماج حتى العام الحالي. وتوضح البيانات نفسها أنّ قطاع الخدمات الفندقية والمطاعم يحتل المرتبة الأولى من قطاع الوظائف الموسمية التي استوعبت الوافدين الجدد. إلى ذلك، تبيّن أرقام أخرى للمكتب الاجتماعي والثقافي الهولندي أنّ 20 في المائة من السوريين يحملون شهادات تعليم عالٍ، من دون أن يتمكنوا بمعظمهم من الحصول على عمل دائم أو يتلاءم مع تخصصاتهم. أمّا الأطباء والمحامون والصيادلة على سبيل المثال، فيتعذّر عليهم العمل بمهنهم قبل حصولهم على معادلات جامعية، الأمر الذي يعني متابعة الدراسة لسنوات إضافية وهذا غير متاح للجميع.
اقــرأ أيضاً
وتدنّي نسبة الحاصلين على عمل لا يعود فقط إلى سوء تدبير أو حظ عاثر، إنّما يرتبط أحياناً بسياسة تمييزية يتّبعها صاحب العمل المتأثر بالنظرة السلبية المرافقة للاجئين، أو بميول سياسية وثقافية تستبعدهم. يُذكر أنّ اسم عائلة الباحث عن عمل قد يكون كافياً لحرمانه من فرصة توظيف. وتستند تلك الخلاصات إلى اختبار مهم شمل شركات وأصحاب أعمال تردّد القائمون عليها بتوظيف مهاجرين بغضّ النظر عن كفاءاتهم. وفي التجربة التي قامت بها جامعات ومراكز علمية وجنائية، امتنع أصحاب العمل عن منح المتقدّمين للتوظيف من أصول عربية وظائف لديهم أو إجراء مقابلة عمل معهم، بخلاف المتقدّم للتوظيف حامل كنية هولندية صريحة وصاحب سجلّ جنائي. ولدى الأخير فرص تفوق بثلاثة أضعاف فرص المتقدم "الافتراضي" العربي صاحب الكفاءة والذي لا يملك سجلاً جنائياً.
إلى ذلك، فإنّ عدم تمكّن الوافدين الجدد من اللغة وصعوبة التواصل عبرها يمثلان عائقاً حقيقياً، لذلك تركّز السلطات البلدية على تطوير المهارات اللغوية والتدريبية لهؤلاء. والبرامج ذات الصلة تشمل كذلك الهولنديين ذوي التعليم المتدني والعاطلين من العمل. في مدينة لايدن الهولندية على سبيل المثال، أنشأت البلدية هيكلاً أشبه بشركة يديرها مكتب العمل التابع للبلدية من أجل الوصول إلى هذه الغاية، وجهودها موجّهة أساساً إلى تأمين حقّ العمل لسكان المدينة وتطبيق سياسة التكافل الاجتماعي، من خلال دورات التدريب ووصل أصحاب العمل بالباحثين عنه بأقلّ ما يمكن من العنصرية والتمييز. وقد أدّى وصول مهاجرين طالبي لجوء إلى البلاد بنسب عالية خلال السنوات الماضية، إلى تركيز اهتمامها على تأهيل هؤلاء من أجل انخراط سريع في سوق العمل يخفّف من فاتورة الرعاية الاجتماعية. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البرامج هي ذات نجاح محدود ولا تقدّم الكثير لخرّيجي التعليم العالي.
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول الباحث في جامعة لايدن حكمت درباس، إنّ "تدنّي فرص العمل للاجئين يعود إلى نقطتَين: الأولى تتعلق بكفاءة المهاجر/ اللاجئ مهنياً أو أكاديمياً وقدرته على المنافسة في سوق العمل المفتوح أمام الآخرين من شتى أنحاء العالم. فكثيرون هم المهاجرون/ اللاجئون ذوو التحصيل العلمي المتدني وتعوزهم الخبرة المهنية المتعارف عليها هنا. حتى تمارس أبسط المهن في مجتمعاتنا من قبيل الطلاء أو النجارة وغيرهما، فأنت في حاجة إلى مؤهّل ما. وهذا أمر قد يستغرق سنوات ويدفع المهاجر إلى الإحباط في حال كان لا يتقن اللغة". أمّا النقطة الثانية، فهي الدور الذي تؤدّيه العلاقات الشخصية والاجتماعية في سوق العمل وفرصه، ويرى درباس أنه "انطلاقاً من تجربة شخصية، فإنّ تلك العلاقات تؤدّي إلى جانب التزكية دوراً جوهرياً إلى جانب بعض التنميط. ويظنّ أساتذة جامعيون وسواهم أنّ الخرّيجين من خلفيات عرقية أخرى (لنقل ملوّنة) أقلّ كفاءة من البيض. وهذا كلام سمعته بأذنَيّ. فالخريج المسلم/ العربي، على سبيل المثال، يُنظر إليه أحياناً بوصفه غير مؤهل منهجياً ونقدياً، لأنّ الدين وطريقة التفكير قد تحول بينه وبين أسس التفكير العلمي القويم. بالتالي، يكون في معظم الأحيان عاجزاً عن فهم ثقافته بأسلوب عميق". ويتابع درباس أنّه "باختصار، على المهاجر، ولا سيّما المؤهل تقنياً أو أكاديمياً، أن يبذل ثلاثة أضعاف مجهود المواطن الأصلي كي يثبت مقدرته ووجوده".
تُظهر أرقام المكتب المركزي للإحصاء في هولندا اعتماد نسبة كبيرة من اللاجئين والمقيمين الجدد في البلاد على المساعدات الاجتماعية، وتدنّي نسبة الذين حصلوا من بينهم على عمل إلى حدود 11 في المائة، في حين تحاول مؤسسات وبرامج حكومية وتجارية وضع خطط توسّع، انطلاقاً من مشاركة المقيمين الجدد، الماكينة الاقتصادية للبلاد.
تفيد البيانات التي رصدت انخراط الحاصلين على تصريح إقامة في هولندا خلال عام 2014 في سوق العمل واستقلالهم اقتصادياً بعد عامَين ونصف العام من وصولهم إلى البلاد، بأنّ 10 في المائة من السوريين تمكّنوا من اجتياز امتحان اللغة والاندماج حتى العام الحالي. وتوضح البيانات نفسها أنّ قطاع الخدمات الفندقية والمطاعم يحتل المرتبة الأولى من قطاع الوظائف الموسمية التي استوعبت الوافدين الجدد. إلى ذلك، تبيّن أرقام أخرى للمكتب الاجتماعي والثقافي الهولندي أنّ 20 في المائة من السوريين يحملون شهادات تعليم عالٍ، من دون أن يتمكنوا بمعظمهم من الحصول على عمل دائم أو يتلاءم مع تخصصاتهم. أمّا الأطباء والمحامون والصيادلة على سبيل المثال، فيتعذّر عليهم العمل بمهنهم قبل حصولهم على معادلات جامعية، الأمر الذي يعني متابعة الدراسة لسنوات إضافية وهذا غير متاح للجميع.
وتدنّي نسبة الحاصلين على عمل لا يعود فقط إلى سوء تدبير أو حظ عاثر، إنّما يرتبط أحياناً بسياسة تمييزية يتّبعها صاحب العمل المتأثر بالنظرة السلبية المرافقة للاجئين، أو بميول سياسية وثقافية تستبعدهم. يُذكر أنّ اسم عائلة الباحث عن عمل قد يكون كافياً لحرمانه من فرصة توظيف. وتستند تلك الخلاصات إلى اختبار مهم شمل شركات وأصحاب أعمال تردّد القائمون عليها بتوظيف مهاجرين بغضّ النظر عن كفاءاتهم. وفي التجربة التي قامت بها جامعات ومراكز علمية وجنائية، امتنع أصحاب العمل عن منح المتقدّمين للتوظيف من أصول عربية وظائف لديهم أو إجراء مقابلة عمل معهم، بخلاف المتقدّم للتوظيف حامل كنية هولندية صريحة وصاحب سجلّ جنائي. ولدى الأخير فرص تفوق بثلاثة أضعاف فرص المتقدم "الافتراضي" العربي صاحب الكفاءة والذي لا يملك سجلاً جنائياً.
إلى ذلك، فإنّ عدم تمكّن الوافدين الجدد من اللغة وصعوبة التواصل عبرها يمثلان عائقاً حقيقياً، لذلك تركّز السلطات البلدية على تطوير المهارات اللغوية والتدريبية لهؤلاء. والبرامج ذات الصلة تشمل كذلك الهولنديين ذوي التعليم المتدني والعاطلين من العمل. في مدينة لايدن الهولندية على سبيل المثال، أنشأت البلدية هيكلاً أشبه بشركة يديرها مكتب العمل التابع للبلدية من أجل الوصول إلى هذه الغاية، وجهودها موجّهة أساساً إلى تأمين حقّ العمل لسكان المدينة وتطبيق سياسة التكافل الاجتماعي، من خلال دورات التدريب ووصل أصحاب العمل بالباحثين عنه بأقلّ ما يمكن من العنصرية والتمييز. وقد أدّى وصول مهاجرين طالبي لجوء إلى البلاد بنسب عالية خلال السنوات الماضية، إلى تركيز اهتمامها على تأهيل هؤلاء من أجل انخراط سريع في سوق العمل يخفّف من فاتورة الرعاية الاجتماعية. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البرامج هي ذات نجاح محدود ولا تقدّم الكثير لخرّيجي التعليم العالي.
في السياق، يقول الباحث في جامعة لايدن حكمت درباس، إنّ "تدنّي فرص العمل للاجئين يعود إلى نقطتَين: الأولى تتعلق بكفاءة المهاجر/ اللاجئ مهنياً أو أكاديمياً وقدرته على المنافسة في سوق العمل المفتوح أمام الآخرين من شتى أنحاء العالم. فكثيرون هم المهاجرون/ اللاجئون ذوو التحصيل العلمي المتدني وتعوزهم الخبرة المهنية المتعارف عليها هنا. حتى تمارس أبسط المهن في مجتمعاتنا من قبيل الطلاء أو النجارة وغيرهما، فأنت في حاجة إلى مؤهّل ما. وهذا أمر قد يستغرق سنوات ويدفع المهاجر إلى الإحباط في حال كان لا يتقن اللغة". أمّا النقطة الثانية، فهي الدور الذي تؤدّيه العلاقات الشخصية والاجتماعية في سوق العمل وفرصه، ويرى درباس أنه "انطلاقاً من تجربة شخصية، فإنّ تلك العلاقات تؤدّي إلى جانب التزكية دوراً جوهرياً إلى جانب بعض التنميط. ويظنّ أساتذة جامعيون وسواهم أنّ الخرّيجين من خلفيات عرقية أخرى (لنقل ملوّنة) أقلّ كفاءة من البيض. وهذا كلام سمعته بأذنَيّ. فالخريج المسلم/ العربي، على سبيل المثال، يُنظر إليه أحياناً بوصفه غير مؤهل منهجياً ونقدياً، لأنّ الدين وطريقة التفكير قد تحول بينه وبين أسس التفكير العلمي القويم. بالتالي، يكون في معظم الأحيان عاجزاً عن فهم ثقافته بأسلوب عميق". ويتابع درباس أنّه "باختصار، على المهاجر، ولا سيّما المؤهل تقنياً أو أكاديمياً، أن يبذل ثلاثة أضعاف مجهود المواطن الأصلي كي يثبت مقدرته ووجوده".